يتوقع الناس عند الحديث عن كيفية تأثير التكنولوجيا على التعليم عموماً، سماع قصص نجاح حول الابتكار في التصميم أو إدخال ألعاب الواقع الافتراضي أو الروبوتات في منظومة التعليم. لكن النتائج لا تبدو بهذا التفاؤل غالباً؛ فعملية تطوير التعليم ونشره تحتاج إلى وقت طويل لتؤتي ثمارها المأمولة. إلا أن هناك شراكة عقدتها منظمة (كامفيد– Camfed) مع منظمة (وورلد ريدر– Worldreader) في هذا المجال، يبدو أنها تحقق نجاحاً باهراً.
تعد منظمة “كامفيد” من المنظمات المعروفة، وهي منظمة دولية غير ربحية “تستثمر في مجال تأهيل النساء في المجتمعات الريفية الفقيرة في جنوب الصحراء الأفريقية، حيث يترتب على عملية تعليمهن قدرة هائلة على التغيير. وتعمل المؤسسة حالياً في 119 منطقة ريفية من أفقر المناطق في 5 دول أفريقية، وتعمل على تأسيس شراكات وثيقة وعميقة مع المجتمعات المحلية، كاسرة الحواجز التي تحول دون تعليم الفتيات هناك، من خلال توفير الموارد المختلفة اللازمة لتعليمهن في المدارس. مما جعل (منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية – OECD) تثني على دور هذه المؤسسة، نظراً لمجهودها الكبير في رفع مستوى الابتكار في عملية التنمية.
أما منظمة “وورلد ريدر” فهي منظمة دولية غير ربحية أيضاً، أسسها ديفيد ريشر، المدير السابق في: شركة أمازون و(مايكروسوفت) لعام 2010. وتستخدم المنظمة أجهزة القراءة الإلكترونية، وتقنيات الأجهزة النقالة الأخرى لتوزيع ونشر الكتب في المناطق التي يندر وجودها فيها. وعلى هذا النحو استطاعت الوصول إلى أكثر من 2.2 مليون قارئ، أملاً بالتوسع حتى 15 مليون قارئ بحلول عام 2018. ولإدراكها بأن تكنولوجيا المعلومات تقدم المحتوى التعليمي بطرق لم تكن ممكنة في السابق، فإن المنظمة تعمل مع الشركات المصنعة للأجهزة، ومع الناشرين المحليين والدوليين، ومع الحكومات ومسؤولي التعليم والمجتمعات المحلية لنشر الكتب بين الجميع هناك.
وقد عملت “وورلد ليدر” من خلال قارئ الكتب الإلكتروني “كيندل”، على توفير مصادر كتب رقمية ضخمة كانت في السابق تقتصر على بعض الجامعات فقط، بينما أصبحت الآن متاحة للملايين من الناس في أكثر مناطق العالم فقراً. لكن مما يجعل هذه الشراكة مميزة، هو أنها تعزز من خبرة ومعرفة منظمة “كامفيد” ومن بنيتها التحتية.
تقول آن كوتون، مؤسسة منظمة “كامفيد”: “لقد صار ضرورياً على المجتمعات أن تدير نفسها بنفسها”. كما أنها تشدد على مدى أهمية اقتران التصميم الفني مع الذكاء العاطفي، فالنجاح وفقاً لرأيها يحدث عندما تندمج واجهة المستخدم التقنية مع الواجهة المعرفية التي من خلالها يتحقق الهدف التعليمي. ومن خلال استخدام المنظمة لأجهزة “وورلد ريدر” للقراءة الإلكترونية، فإن خريجات “كامفيد” سيدخلن التكنولوجيا إلى شبكة الاتصال الخاصة بهن.
وستبدأ المنظمة مع 25 مدرسة، وستوزع عليهن 50 جهاز قراءة إلكترونياً في كل مدرسة، كل جهاز منها يحتوي على 100 كتاب. وهذا يعني بأن ما يعادل 125 ألف كتاب سيكون متاحاً بين أيدي الفتيات.
كما أن الفائدة لن تقف عند حدود قراءة الكتب فقط، إذ سيكون بإمكانهن قراءة المحتوى باللغة الإنجليزية، مما يزيد من إمكانياتهن إلى الوصول لهذا النوع من المحتوى. ونظراً إلى أن معظم المدارس باتت تعتمد اللغة الإنجليزية بوصفها لغة تعليمية في المراحل الابتدائية والثانوية، فإن زيادة توافر المحتوى باللغة الإنجليزية يعد أمراً مفيداً أيضاً.