IMLebanon

خبير: الموازنة المصرية الجديدة مستحيلة التطبيق وتوزيع الأعباء يضمن العدالة الاجتماعية

EgyptEcon3
قال الدكتور رضا عيسى، الباحث الاقتصادي وخبير الأسواق، “إن الموازنة التي أقرها الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرًا تشهد لأول مرة في تاريخ مصر توقع زيادة الضرائب بنسبة 33% أي ما يساوي 105 مليارات جنيه، وتلك النسبة لم يسبق أن تم تحصيلها بمصر على مصر العصور، مضيفًا: “إن بها مشكلات منطقية كثيرة وتكاد تكون مستحيلة التطبيق”، مطالبًا بضمان توزيع الأعباء الضريبية لتحقيق العدالة الاجتماعية، ومؤكدًا أن تجاهل الدولة للصناديق الخاصة أضاع عليها إيرادات كبيرة.

وأضاف، في تصريحات خاصة “للدستور”، “إن الضرائب التي تم تحصيلها خلال الأعوام السابقة لم تشهد هذه الزيادات أو النسب، وبصفة عامة فالموازنة تقدم مؤشرات متفائلة للضرائب، لكن الحساب الختامي للسنة يختلف كليًا عن هذه المؤشرات”، مؤكدًا أنه لم يتم تحصيل نسب الضرائب المتوقعة باستثناء ما حدث في عام 2009/ 2010، حيث بلغت نسبة المحصل من الضرائب 103% ثم تلاها في الأعوام التالية نسب على النحو التالي؛ 96% و89% و94% و73% ثم 87%.

واستطرد: “إن ما تتوقعه الموازنة من زيادة في الضرائب قدرها 105 مليارات جنيه لن يتحقق، وبالتالي سيقل الإنفاق على الخدمات أكثر مما أقرته الموازنة الجديدة، ويتبع ذلك ارتفاع في عجز الموازنة”، متابعًا: “إنه هناك مشاكل منطقية فجانب الإيرادات من الصعب تحقيقه خاصة في ظل الوضع الاجتماعي الحالي، وهنا يجدر التساؤل حول الفئات التي سيتم تحصيل هذه الزيادة منها، هل ستكون الفئات الفقيرة أم الغنية؟، فالدولة حتى الآن مازالت تنحاز للأغنياء وقامت بإلغاء الضرائب على البورصة من أجلهم، وخفضت نسبة الضرائب من 30% إلى 22.5%؛ وهو ما يشير إلى أن رجال الأعمال في الغالب لن يتحملوا أي من تلك الزيادات على عكس الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وهو ما سيمثل عبء ضخم للغاية على كاهلهم؛ ما قد ينتج عنه مشكلات اجتماعية كبيرة”.

وتابع: “أتصور أن جانب الإيرادات غير حقيقي ومبالغ فيه خاصة في ظل ضعف أجهزة التهرب الضريبي بجانب موقف رجال الأعمال المتصلب الذين يروا حتى الآن أنهم مازالوا بحاجة لمزايا أكبر، ويمكن اختصار موقف رجال الأعمال في موقف نجيب ساويرس الذي كثيرًا ما يطالب بمزايا وتسهيلات في الاستثمار، على الرغم من أن له أعمال كثيرة بكوريا الشمالية التي لا تسمح بتحويل الأموال خارجها، إضافة إلى عمله في العراق وكذا الجزائر التي لا ترحب بالمستثمرين الأجانب، وبشكل عام فأنا مندهش كون الموازنة بها الكثير من الأمور غير المنطقية”.

وأردف: “إن الدولة فشلت في تطبيق الحد الأقصى للأجور ومع الموازنة الجديدة فحالة الفشل مرشحة للاستمرار خاصة بعد تجاهلها للصناديق الخاصة على الرغم من أن مصادرها عامة، وبالتالي هناك جزء كبير من إيرادات الدولة غير مندرج بالموازنة”، مضيفًا: “إن هناك حوالي 90 : 100 مليار جنيه إيرادات بالصناديق والحسابات الخاصة مازالت خارج الموازنة العامة ويخصص هذا الإيراد للمكافأت والأجور لكبار المسؤولين فقط، والذين يعدوا هم صناع القرار فمن غير المعقول أن يطبق صناع القرار أي إجراءات تخفض من دخولهم”.

وأكد أن كون كبار المسؤولين المستفيدين من الصناديق الخاصة هم صناع القرار تسبب في الفشل بمجرد حصر إيرادات الصناديق الخاصة منذ ثورة يناير، لافتاً أن فشل الدولة يعود أيضًا إلى غياب الإرادة السياسية الحقيقية، مشيرًا إلى أن ذلك يندرج تحت مفهوم الحرب على الفساد، والتي مازالت مؤجلة ولم تبدأ حتى الآن.

وأشار إلى أن الموازنة الجديدة لعام 2015/2016 خفضت بند المنح من 25 مليارًا إلى 2 مليار جنيه فقط، مضيفًا: “إن رفع بند الضرائب يؤثر على الأسواق والنشاط الاقتصادي، والموازنة تكاد تكون مستحيلة التنفيذ”، مشيرًا إلى أن تحقيق العدالة الاجتماعية يتوقف على معرفة من أي سيتم تحصيل الزيادة الضريبية؛ فالبيان المالي يتحدث عن ضريبتين أساسيتين هما القيمة المضافة، والتي يتحملها المواطن العادي وحتى العاطلين عن العمل بجانب الضريبة العقارية والتي تستوجب التساؤل حول كيفية تطبيق هذه الضريبة على أصحاب المصانع والفنادق والقصور؛ لمعرفة من سيتحمل النسبة الأكبر بها.

ولفت أن تحميل الزيادة الضريبية المقدرة 105 مليارات جنيه في الموازنة الجديدة للفقراء، فذلك يهدد السلام الاجتماعي بصفة مباشرة بينما لو كان هناك رغبة لتحقيق عدالة اجتماعية فذلك الأمر بحاجة لمراجعة، مضيفًا: “إن تحمل المواطنين لرفع الدعم بشكل جزئي عن الطاقة خلال العام الماضي، كان مساهمة في الموقف الوطني وحبًا في الرئيس السيسي ومازالوا مستعدين لتحمل الرفع الجزئي الجديد؛ لكن سيأتي يوم ويتسائل هؤلاء ماذا فعلت الحكومة مع الأغنياء بعد تحمل البسطاء لكل ذلك”، متابعًا: “إن توزيع الأعباء بشكل كامل هو أساس العدالة الاجتماعية”.