IMLebanon

سيناريو إعادة اقتصاد اليونان المتعثّر إلى سكة الانتعاش

drachma-greece

مهما كان الحل لأزمة الديون اليونانية، يتعين على اثينا اصلاح مشكلات البنى الضريبية واستقطاب الاستثمارات الخارجية، وتعزيز نشاطات التصدير لكي يبدأ اقتصادها بالانتعاش مجدداً. وقد اضطرت اليونان في السابق الى مواءمة سياساتها المالية مع سياسات التقشف التي فرضتها الجهات الدائنة في اطار برنامج الانقاذ، الا ان الخبراء الاقتصاديين يقولون ان الاقتصاد اليوناني لا يزال يعاني من ضعف هيكلي. ولن يحدث اي نمو مستدام الا بعد إصلاح المشكلات الآتية التي تعتبر اولوية بعد انتهاء الأزمة الحالية:

– أولاً، نزع فتيل قنبلة معاشات التقاعد: يقول اوليفر باسيت مدير التحليل الاقتصادي في مؤسسة كسيرفي ان حل «القنبلة الموقوتة لمعاشات التقاعد اليونانية (…) هو الاولوية الاولى«. واضاف «اذا لم يتم انجاز اي شيء فان نظام المعاشات التقاعدية قد يعاني من العجز بنسبة 7 الى 8 في المئة من اجمالي الناتج المحلي بحلول 2030. ولا يمكن لليونان ان تتجنب اجراء هذا الاصلاح«. وتعد مسألة المعاشات التقاعدية مهمة نظراً للتغير السكاني وزيادة عدد المتقاعدين وهي المشكلة التي تعاني منها حالياً معظم الدول المتقدمة.

– ثانياً، مكافحة التهرب الضريبي: لتعديل وضعها المالي يتعين على اليونان تقوية انظمتها الضريبية. ويقول خافيير تيمبو مدير البحث في المرصد الفرنسي الاقتصادي في باريس «يوجد عيب واضح في نظام جبي الضرائب كما أن هناك مشكلات تتعلق بالتهرب الضريبي. على اثينا ان تجد حلولاً لذلك«.

في 2012 قدر نيكوس ليكاس مدير خدمات تدقيق الضرائب اليونانية ان المبلغ المفقود بسبب التهرب الضريبي يراوح ما بين 40 و45 مليار يورو (44 الى 50 مليار دولار) سنوياً، اي ما يمثل 12 إلى 15 في المئة من اجمالي الناتج المحلي اليوناني. وقال تيمبو: «لا شك ان هناك مشكلة في الحوكمة حيث توجد حالات مؤكدة من المحسوبية والفساد« التي يجب ان تضع الحكومة اليونانية حداً لها.

الاستثمار وتنويع الاقتصاد

– ثالثاً، استقطاب الاستثمارات الخارجية: ستعتمد استعادة النمو كذلك على استقطاب تدفق اكبر من الاستثمارات الخارجية الى اليونان. ولتشجيع ذلك على اثينا تبسيط نظامها الاداري الخانق.

يقول خبراء ان وجود شفافية ومصداقية ومحاسبة اكبر في القوانين المتعلقة بالاستثمارات يتعدى مجرد استقطاب اعداد كبيرة من الاستثمارات «في قطاعات مستقبلية مثل الطاقة الخضراء« بحسب باسيت، الذي قال: «بدون الاستقرار لا يمكن استقطاب رأس المال«.

– رابعاً، تنويع الاقتصاد: بحسب غابريل كوليتيس، الاستاذ في جامعة تولوز والقريب من حزب «سيريزا«، فان المشكلة الرئيسية في اليونان هي الافتقار الى التطوير الكافي للانشطة الاقتصادية الاعلى قيمة – وهي احدى تبعات عدم تنويع الاقتصاد بالشكل الكافي.

وتتمتع اليونان ببعض القطاعات الاقتصادية التنافسية مثل السياحة والزراعة وتشغيل الموانئ. الا ان العديد من الشركات العاملة في هذه القطاعات افلست خلال الركود القاسي الذي عانت منه اليونان. من ناحية اخرى حاولت اثينا تعزيز وضعها معولة على قطاعاتها الاقوى وخاصة السياحة.

وقال باسيت انه لتحقيق الانتعاش الاقتصادي يتعين على اليونان تحديد وتطوير النشاطات في قطاعات رئيسية معينة. واضاف «يمتلك هذا البلد العديد من المقومات خاصة في قطاع الطاقة مع وجود موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وتستطيع اليونان تغطية نحو 70 في المئة من حاجاتها للطاقة من خلال مصادر الطاقة المتجددة«.

التصدير وهجرة الأدمغة

– خامساً، زيادة الصادرات: سجل الميزان التجاري اليوناني العام الماضي عجزاً بمقدار – 20,5 مليار يورو. وكان السبب الرئيسي في ذلك واردات البلاد من الطاقة، اضافة الى الصعوبة التي واجهتها الشركات اليونانية في الاحتفاظ بقوتها في الاسواق العالمية.

وقال تشارلز ويبلسز استاذ الاقتصاد الدولي في معهد الدراسات الدولية والتنموية العليا في جنيف ان صادرات اليونان «قليلة وضعيفة«. واشار الى ان تحسين الترويج التجاري ومساعدة الشركات اليونانية على الدخول الى الاسواق الاجنبية يمكن ان يصلح هذه المشكلة. واضاف «في كل مكان في اوروبا تجد زيت الزيتون الايطالي والاسباني، ولا تجد اليوناني«، مضيفاً ان الشركات اليونانية «تفتقر اليوم الى رأس المال وشبكات المبيعات«.

– سادساً: الحد من هجرة الادمغة: أدت الازمة الاقتصادية في اليونان الى ارتفاع معدلات البطالة الى اكثر من الضعف لتصل الى 26,9 في المئة. وتتجاوز هذه النسبة 50 في المئة بين من تقل اعمارهم عن 25 عاماً وهي الفئة التي تميل الى ممارسة حقها في الانتقال الى دول اخرى في الاتحاد الاوروبي للعثور على عمل. وقال تيمبو ان «البلاد غرقت في الفقر. وهذه مشكلة اجتماعية واقتصادية«، ويوصي باتخاذ اجراءات استباقية لزيادة الوظائف.

وبالرغم من أن الهجرة الى الدول الاوروبية الاخرى تساعد في تخفيف الضغوط الاجتماعية التي تتسبب بها البطالة على المدى القصير، الا انها تؤذي البلاد على المدى الطويل من خلال خسارة المهارات القيّمة. ورأى باسيت ان «المتعلمين يلجأون الى القطاع الخاص او يتركون البلاد (…) ويجب نقل هذه الثروة البشرية الى القطاعات المنتجة«.