وصف نواب وخبراء اقتصاد عراقيون سياسات الحكومة الأخيرة بـ «المربكة وغير المجدية»، لإيجاد مخرج سريع من أزمة المال. وأعلنت الحكومة عدداً من السياسات، منها «إصدار سندات مالية وبيعها من المواطنين بقيمة 5 بلايين دولار ومثلها سندات خارجية، ودرس رهن نفط البصرة، والاقتراض من المصرف الدولي وشركات مالية عالمية».
وقال وكيل وزارة المال فاضل نبي، في تصريح: «المرحلة الأولى من إصدار السندات المالية وقيمتها بليونا دولار من مجموع خمسة بلايين، مدرجة في قانون الموازنة لهذه السنة الذي أقرّه مجلس النواب»، مشيراً إلى «موافقة الحكومة على إصدار سندات المرحلة الأولى».
وكان أعضاء في مجلس النواب وحكومة البصرة المحلية، انتقدوا بشدة تصريحات وزير المال العراقي هوشيار زيباري، التي أشار فيها إلى اتجاه حكومته الى «رهن نفط البصرة لمصلحة شركات نفط غربية، للحصول على سيولة لتمويل حملته العسكرية ضد «داعش»، وتعويض العائدات التي خسرها بسبب تراجع أسعار النفط العالمية».
وأوضح زيباري أن الحكومة «تعتزم تدبير أموال طارئة من خلال مبيعات من الاحتياط من نفط البصرة عبر نظام الدفع المسبق، للمرة الأولى». وأعلن أنها ستبدأ «تعديل عقودها النفطية مع شركات «رويال دتش شل» و «بي بي» و «أكسون موبيل».
وانتقد عضو لجنة الاقتصاد النيابية عبدالسلام المالكي، السياسات المالية والنقدية المربِكة التي تسير عليها الحكومة، واعتبارها حلولاً سريعة للتخلّص من أزمة المال». وقال المالكي في تصريح إلى «الحياة»: «ليس منطقياً لجوء حكومة وخلال أقل من شهر واحد، الى تطبيق آليات مالية من دون درس نتائجها، ببيع سندات بالدولار للمواطنين وطرح أخرى في الخارج ورهن بترول البصرة»، فيما تعلن في المقابل «زيادة إنتاج البترول وبيعه لتعويض هبوط الأسعار وسدّ عجز الموازنة».
وأكد المالكي أن مجلس النواب «يعلم مأزق العجز النقدي الذي تعاني منه الحكومة، والتي يتوجب عليها تأمين الموازنة المالية الكاملة، والإنفاق على العمليات العسكرية وشراء الأسلحة». ولفت إلى أن ذلك «يتطلب البحث في سبل علمية تطرح وتطبّق بعد دراسات مستفيضة، ونرفض أن تكون قرارات شخصية لإصدار عملة ورهن مقدرات الشعب».
ودعا الخبير الاقتصادي عماد العبود، الحكومة إلى «الاستمرار في سياسة إصدار السندات الداخلية»، مؤكداً أن «حجم النقد المتداول في الأسواق أي خارج نطاق الحكومة، يزيد عن 80 بليون دولار». ورأى في تصريح إلى «الحياة»، ضرورة أن «توجد الحكومة والبنك المركزي آليات للاستفادة من كتل نقدية مجمّدة، بعضها موجود لدى مصارف حكومية وأخرى لدى الأهلية، فيما الجزء الأكبر لدى المواطن الذي يجهل كيفية استثمارها».
وأوضح محافظ المصرف المركزي العراقي علي العلاق، في كلمة خلال ندوة نظّمها معهد التقدّم للسياسات الإنمائية، أن وزارة المال «ليست لديها (كميات كافية بالدينار)، وهي توزع الموازنة بالدولار، ونحن نشتري الدولار منها ونبيعه في المزاد بالدينار». ولفت إلى أن «عملية بيع الدولار التي يقوم بها المصرف المركزي، ليست هامشية بل هي مرتبطة باقتصاد البلد».
وأعلن أن «عجز الموازنة يضعف المصرف كونه لا يسيطر على حجم المعروض النقدي»، معتبراً أن «هشاشة الوضع الأمني تؤدي إلى إخراج الأموال من العراق». وأوضح أن «قوة الدينار العراقي كانت سبباً لانتعاش اقتصاد دول الجوار».
وذكر العلاق أن «تحديد سقف مبيعات من قانون الموازنة يعني إعفاء المصرف من الحفاظ على الأسعار»، رافضاً مجدداً «التدخلات السياسية لتأثيرها السلبي في عمل المصرف وإرباكها سوق بيع الدولار».
وكان المصرف المركزي العراقي أكد امتلاكه احتياطات من العملات الأجنبية والذهب، تبلغ نحو ضعف كمية الدينار الموجودة في السوق»، مشدداً على أن «لا مخاوف في شأن التأثير في سعر الصرف».
وتجاوزت قيمة مبيعات المصرف المركزي العراقي للمصارف الأهلية وشركات المال، وفقاً لبيان، 17 بليون دولار في النصف الأول من السنة، وهي أقل كثيراً من حجم المبيعات الطبيعي، وذلك بسبب تحديد سقوف بيع الدولار». ولفت إلى أن هذه القيمة «تراجعت عن تلك المحقّقة في الفترة ذاتها من العام الماضي، وكانت 24.7 بليون دولار».
وأكد رئيس اتحاد المصارف العراقية وديع الحنظل، في تصريح إلى «الحياة»، التزام المصارف الخاصة بـ «قرارات المصرف المركزي وتعليماته، بهدف الحفاظ على استقرار أسعار الصرف». وأوضح الحنظل، أن المصرف المركزي «مسؤول عن إدارة السياسة النقدية، والقطاع يعمل بأدوات رئيسة ممثلة بالمؤسسات المصرفية والمالية، ومن هنا يتطلب الأمر تطوير عمل هذا القطاع ليكون أكثر قدرة على التأثير».