جوناثان ويتلي
لا علينا من بلدان “بريكس” Brics، أو مجموعة البلدان الخمسة الهشة. “بيكتس” Picts، مجموعة الأسواق الناشئة الجديدة، هي التي ينبغي أن يقلق بشأنها المستثمرون في الوقت الذي ينتظرون فيه رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة.
المحللون منقسمون حول ما إذا كان للأزمة اليونانية تأثير كبير دائم في أصول الأسواق الناشئة، على الرغم من أن قليلين فقط هم الذين يشكون في أنها زادت من التوتر. ما يتفقون عليه هو أن التركيز الرئيسي للأسواق في النصف الثاني من هذا العام سيكون على الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
التنبؤ بما سيقدم عليه الاحتياطي الفيدرالي وكيف سيتصرف المستثمرون أدى إلى استحداث تخصص فرعي في مجال الأبحاث في الأسواق الناشئة. وضع بنك جيه بي مورجان المعايير أثناء “نوبة غضب الانسحاب التدريجي” في عام 2013، من خلال وضع يده على مجموعة الخمس الهشة، المعروفة أيضا باسم “بيتس” Biits – البرازيل، والهند، وإندونيسيا، وتركيا، وجنوب إفريقيا – التي كانت الأكثر تأثرا ببداية نهاية برنامج الاحتياطي الفيدرالي لشراء ما مجموعة 85 مليار دولار من الأصول شهريا، أو برنامج التسهيل الكمي. لقد تم تمييزها بأنها تعاني عجزا كبيرا في الحساب الجاري، أو عجزا سيئ التمويل، وارتفاعا في معدلات التضخم واختلالات أخرى.
ريتشارد إلي، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في “بي إن بي باريبا”، أضاف إلى هذا التخصص الأسبوع الماضي، عندما طلب من المستثمرين أن يحذروا من مجموعة “بيكتس” – البيرو، وإندونيسيا، وكولومبيا، وتركيا، وجنوب إفريقيا – التي يقول إنها الآن البلدان الأكثر تعرضا للمتاعب مع استعداد الاحتياطي الفيدرالي، كما فعل مع برنامج التسهيل الكمي، لرفع أسعار الفائدة لأول مرة منذ عام 2006. وصنف 16 من الأسواق الناشئة، من 1 إلى 16، على أساس 20 متغيرا من متغيرات الاقتصاد الكلي وقام بجمع الدرجات. وكانت مجموعة “بيكتس” هي الأسوأ.
من رأي إلي أن المستثمرين يخاطرون بكونهم “متهاونين بشدة” حين يظنون أن رفع أسعار الفائدة – واحد من الإجراءات الأكثر توقعا بشدة والمعروفة بوضوح في تاريخ الأسواق – قد تم احتسابه في الأسعار. ويعتقد أن الاحتياطي الفيدرالي، بمجرد أن يبدأ، سيتحرك بسرعة أكبر مما هو متوقع. ويقول: “الخطر هو أننا سنرى تسارعا في التدفقات الخارجة، خصوصا في تلك الأسواق التي تملك سيولة ضعيفة وملكية عالية للنقد الأجنبي، وسنرى تحركات مفاجئة في العملات وأسعار الفائدة”. ويعترف بأن بلدان “بيكتس” ينبغي أن تتصدر تفكير المستثمرين.
البيانات عن سلوك المستثمرين الدوليين خلال النصف الأول من هذا العام تظهر كيف أن المشاعر فيما يتعلق بالأسواق الناشئة ككل قد تغيرت. على أساس الأشهر التقويمية، انخفضت التدفقات عبر الحدود إلى أصول محافظ الأسواق الناشئة لتصل إلى مبالغ متدنية بحدود 4.2 مليار دولار في حزيران (يونيو)، وذلك وفقا لتقديرات المعهد المالي الدولي، الرابطة المهنية التي تمثل الصناعة المالية في العالم. وإذا تأكدت هذه التقديرات، سيكون هذا أقل بكثير من المتوسط الشهري البالغ 22 مليار دولار لتدفقات المحافظ عبر الحدود إلى الأسواق الناشئة على مدى الأعوام الخمسة من عام 2010 حتى عام 2014. البلدان الناشئة في آسيا وأمريكا اللاتينية كانت الأفضل من حيث الصمود في النصف الأول، في حين أن البلدان الناشئة في أوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا تشهد تدفقات خارجة في كل شهر تقريبا.
إذا نظرنا إلى الوضع على أساس أسبوعي، فإن حركة الأموال إلى كل من الأسهم والسندات تحولت إلى سلبية في عدة مناسبات خلال النصف الأول، خاصة خلال الشهر الماضي. روبن كوبكه، مختص الاقتصاد في المعهد المالي الدولي، يقول إن مثل هذا العزوف عن المخاطر مرتبط بالأزمة في اليونان، التي في نظره ستعمل على إثارة مزيد من “رد الفعل الكبير” بين المستثمرين في الأسواق الناشئة. ويشير كذلك إلى الارتباط الوثيق بين العوائد على السندات السيادية اليونانية لأجل ثلاثة أعوام ومؤشر سندات الأسواق الناشئة EMBIG للتدليل على مثل هذا التأثير غير المباشر في الأشهر الأخيرة.
ويتفق مع إلي، من “بي إن بي باريبا”، في أن المستثمرين يخاطرون بأن يؤخذوا على حين غرة من سرعة إجراء الاحتياطي الفيدرالي بمجرد أن يبدأ رفع أسعار الفائدة. ويقول إذا كانت البيانات الاقتصادية من الولايات المتحدة ستستمر في إحداث مفاجأة على الجانب الإيجابي “عندها سوف نرى المزيد من التذبذب في أصول الأسواق الناشئة واستمرار التدفقات الضعيفة”.
عند النظر أبعد من ذلك، يقول محللون إن على المستثمرين موازنة مستقبل أسعار الفائدة في الولايات المتحدة مقابل عوامل أخرى مثل أسعار النفط، والاختلالات التي جلبت لنا مجموعة “بيتس” ومجموعة “بيكتس”، وإلى أي مدى ستتمكن الصين من التعامل مع التباطؤ الاقتصادي فيها.
كاماكشيا تريفيدي، من جولدمان ساكس، يقول إنه في حين أن ردود الفعل على إجراء الاحتياطي الفيدرالي هي في “جبهة ومركز الاهتمام” وتبقى بمنزلة رياح عكسية بالنسبة للمستثمرين في الأسواق الناشئة، إلا أن بعضهم يخاطر بأن يؤخذ على حين غرة من العوامل الأخرى.
ويضيف: “نحن نعتقد أن أسعار النفط ستنخفض أكثر في النصف الثاني، الأمر الذي سيؤثر في البلدان المنتجة في الأسواق الناشئة ويجعل إعادة التوازن أصعب بالنسبة إليها”. من ناحية أخرى، من المرجح أن تنتعش الصين إلى حد ما، مع توجه الحكومة أكثر نحو تحفيز النمو.
ويقول: “وجهة نظرنا هي أن عملات الأسواق الناشئة ستصبح أضعف مع انتهاء تلك التأثيرات. وفي حين أن الأسهم في الأسواق الناشئة ينبغي أن ترتفع بشكل متواضع من هنا، إلا أنها ربما لن تتفوق على الأسواق المتقدمة في الأشهر الستة المقبلة”.
ويلاحظ ماريوس ماراثيفتيس، كبير الاقتصاديين في ستاندرد تشارترد، إن أحد العوامل المهمة التي تزعج بعض المستثمرين هو ما سيحدث في الاقتصاد الأمريكي بمجرد أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة.
“هذه هي المشكلة الواضحة التي لا يراها أحد. المشكلة الكبيرة في العالم هي عدم كفاية الطلب في الغرب. إذا كان لديك طلب ضعيف، فإن زعزعته لا تتطلب الكثير. وهذه ليست مشكلة سيتم حلها قريبا”.
وحتى إذا هدأت توترات الأسبوع الماضي بشأن اليونان، فلا يزال لدى المستثمرين الكثير مما يدعوهم إلى القلق.