تقرير خالد مجاعص
ليلة مجنونة عاشتها التشيلي ومعها كرة القدم الأميركيّة الجنوبيّة. فكأس الكوبا الذي تناقله تاريخاً وحصراً منتخبا بلاد السامبا وبلاد التانغو، وشكّلت فيه أحياناً الأوروغواي دور الحصان الأسود أو الـoutsider، شاء فجر هذا الأحد 5 تمّوز 2015، أن يصنع تاريخاً جديداً له ويحفر اسماً لم يعهده كأس البطولة من قبل.
فقد شاء القدر، بأن تدخل التشيلي اليوم (الأحد) تاريخ كرة القدم من الباب العريض وتقهر الأرجنتين في نهائي البطولة، وذلك بعدما تمكّن دفاع التشيلي من أن يسقط كلّ هجمات التانغو بقيادة الساحر الأرجنتيني ليونيل ميسّي. وبعد مباراة ماراثونيّة، توّج منتخب التشيلي بلقب بطولة “كوبا أميركا” للمرّة الأولى في تاريخه، وكرّس عقدة عقم بطولات الأرجنتين بعدما فاز عليه بركلات الترجيح بنتيجة (4-1)، عقب الوقت الأصليّ والشوطين الإضافيّين بالتعادل السلبيّ، في مواجهة دفاعيّة رائعة من ناحية أصحاب الأرض الذين استضافوها داخل قلعتهم في إستاد التشيلي الوطنيّ.
وقد فرض الحارس التشيليانيّ المبدع كلاوديو برافو نفسه نجماً من دون منازع في سماء بلاده متفوّقاً على كلّ محاولات الأرجنتين لخرق شباكه في الوقت الأصليّ من النهائيّ وفي الشوطين الإضافيّين، وخصوصاً بتألقه عند ضربات الجزاء، عبر سماحه لميسّي فقط بالتسجيل ليمنع بعدها هيغواين من إصابة المرمى، ويصدّ بعدها مباشرة تسديدة بانيغا ليهدي الفوز التاريخيّ لبلاده في ضربات الجزاء من دون خوف وبنتيجة 4-1.
وبهذه المفاجأة المدوّية، تكون الأرجنتين وبقيادة ليونيل ميسّي قد تعرّضت إلى صدمة ثانية كبيرة في أقلّ من عام بعد خسارة نهائيّ كأس العالم لكرة القدم في البرازيل العام الماضي في الدور النهائيّ نفسه وبطريقة دراماتيكيّة أيضاً في لحظات المباراة الأخيرة أمام ألمانيا. فمنتخب التانغو لم يحصل على اللقب الذي طال انتظاره على الرغم من أنّه كان على قاب قوسين من إحراز اللقب، خصوصاً بعد بعد أدائه الرائع في الدور نصف النهائيّ عند اكتساحه منتخب الباراغواي.
وبذلك، استحقّ منتخب التشيلي الفوز لأسباب عديدة ابرزها تفوّقه على ضيفه القويّ تكتيكيّاً، وكذلك بدنياً عندما شعر كلّ من في الملعب و على الدرجات خاصةً في الشوط الإضافيّ الأخير أنّ منتخب التانغو منهك بدنيّاً ولا حول ولا قوّة له في حسم المباراة. أضف إلى ذلك تعرّض قائد خطّ الوسط في منتخب التانغو الفنّان أنخيل دي ماريا إلى إصابة ليخرج من المباراة من بدايتها في الدقيقة 30، ليعود معها شبح ذكريات أليمة لجمهور بلاده الذي خسر نهائيّ المونديال العام الماضي أمام ألمانيا 1-صفر بغياب دي ماريا للإصابة أيضاً.
فجاءت النتيجة انهيار الأرجنتين في ضربات الترجيح، ورفعت التشيلي بين جماهيرها لقبها الأوّل في البطولة القاريّة الأميركيّة، بعد 173 مباراة خاضتها في مسيرتها الطويلة في تلك البطولة لتصل فجر هذا اليوم إلى تحقيق حلم شعب لم يعرف لعبة في تاريخه سوى كرة القدم.وبهذا السيناريو تكون القارة الأميركية اسقطت فعلاً قناع تفّوق عملاقي اللعبة البرازيل و الأرجنتين و لبست قناعً جديداً وهو ان كرة القدم العالمية و معها الأميركية اللاتينية دخلت اليوم عصراً جديداً و هو ان “ربيع كرة القدم هو الربيع الحقيقي” حيث لم يعد فيه منتخبات عريقة وأخرى مغمورة بل أصبح بأمكان اي منتخب وفي ايّ بطولة اسقاط الأخر مهما علا شأنه.