هاجر كنيعو
إذا كان قرار مجلس الوزراء في دعم تصدير المنتجات الزراعية والصناعية بحراً قد حل أخيراً أزمة تصريف الإنتاج اللبناني لا سيما المحاصيل الزراعية وخفف معاناة المصدرين، إلا أن ذلك لا يعني أن القطاع الزراعي بألف خير. فقرار الحكومة الأخير القاضي بتنظيم دخول السوريين إلى لبنان وما استتبعه من إجراءات مفروضة لا سيما لجهة تطبيق مبدأ كفالة العامل الزراعي السوري أو تعهد المسؤولية وإصدار إجازات العمل وتأشيرات الإقامة وتسديد الرسوم الواجبة عليهم للدولة، أخر وصول العمالة الموسمية التي تسببت في نقص الأيدي العاملة وهذا ما أدى إلى ارتفاع أجورها وعدم توافرها لجني المحصول. معاناة المزارعين في سهل الوزاني ومشاريع القاع لا يمكن وصفها بالكلمات، بعدما تحول موسم القطاف للخضر والفاكهة إلى موسم تلف للمحاصيل الزراعية بسبب ندرة العمّال السوريين. فمواسم البندورة والبطيخ والشمام والمقتة أصبحت عرضةً للتلف ، ولا من سميع ولا مجيب لوجع المزارعين وخسارتهم. المهندس الزراعي نديم أبو نعمة يصف لـ «الديار» حجم الكارثة التي حلت عليه في موسمي المقتة والبندورة « أكثر من 60 دونماً من المقتة في القاع التي بدأت تنضج يتم تلفها، وحوالى 100 دونم من البندورة في الوزاني هي عرضة للتلف نظراً لتأخر موعد قطفها 15 يوماً». وفي عملية حسابية سريعة تظهر حجم الخسارة، ففي كل دونم من المقتة يخسر المزارع 700 دولار أميركي أيّ 42 ألف دولار (60 دونماً) ، وعلى غرار المقتة، تبلغ كلفة الدونم من البندورة 700 دولار ، هذا يعني أنه في حال تم بيع دونم البندورة بـ 200 دولار فإن الخسارة الإجمالية ستبلغ 50 ألف دولار في المئة دونم من البندورة. قرار الكفالة وفق أبو نعمة خفض عدد العمال السوريين بنسبة تخطّت 50 في المئة»، ففي سهل القاع مثلاً كان يوجد 4500 عامل سوري، لم يبق منهم سوى 2300 عامل، فمن يقطف المحصول»؟
صحيحٌ أن القطاع الزراعي يعتمد بشكل أساسيَ على اليد العاملة السورية المختصة وذات الخبرة بالعمل الزراعي حتى قبل اندلاع الأزمة السورية، والعمال الزراعيين يأتون عادةً في شهر شباط ويغادرون في تشارين الى قراهم، ولكن مع صدور قرار تنظيم دخول السوريين ، منع مئات آلالاف العمال من القدوم.
أمام هذا الواقع، أطلق أبو نعمة صرخة مدوية لعلها تصل إلى المسؤولين:» فمنذ العام 1990 أنشأنا زراعتنا واقتصادنا الزراعي على أساس العامل السوري، أما اليوم فماذا نفعل بإنتاجنا؟ علماً أن نقص اليد العاملة السورية سيؤدي إلى زعزعة أسس الإنتاج الزراعي برمته نظراً لانعكاساته السلبية في ارتفاع كلفة الإنتاج ولجوء المزارعين إلى تغيير نمط واصناف زراعاتهم أو خروجهم كلياً من القطاع الزراعي. فأين ضمائركم ايها المسؤولون؟».
اجراءات ظالمة
«هي إجراءات ظالمة في حق المزارعين» هذا ما يؤكده النائب مروان فارس لـ «الديار»، معتبراً أن قانون تنظيم دخول السوريين تخطى هدفه العلني «في الحد من أعداد النازحين السوريين»، ليتحول إلى قصة سياسية كبيرة. فالمزارع لم يعد يحتمل بعدما تراكت الأسباب هذا العام من إقفال المعابر البرية أمام الصادرات الزراعية ، ومؤخراً مزاحمة الإنتاج السوري للإنتاج المحلي وتضاعف كلفة العمّالة هذا إلى جانب ما يعانيه الإنتاج الزارعي أصلاً من ارتفاع الكلفة بسبب غلاء الأراضي، ليأتي قرار الحكومة المتعلق بنظام الكفالة ويزيد الطين بلة، علماً أن هؤلاء العمال السوريين يعملون في القطاع الزراعي اللبناني منذ عشرات السنوات وتسجيلهم في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على أنهم «نازحين» زاد الأمر سوءاً».
وأمِل في أن تكون زيارته إلى رئيس الحكومة تمام سلام الاثنين الفائت على رأس وفد من مزارعي البقاع الشمالي ومشاريع القاع، مثمرة النتائج خصوصاً في موضوع الغاء الكفالة للعمال السوريين الذين يعملون في اراضي البقاع وبقية المناطق اللبنانية الاخرى.
كلام فارس يؤيده ابو نعمة جملة وتفصيلاً إذ لا بد أن يكون هناك «تزاوج» ما بين القرار الأمني والقرار الاقتصادي «فإصدار قانون تنظيم العمال السوريين أتى في إطار ضبط ارتفاع عدد النازحين وحفظ الأمن ، إلا انه في الواقع لم يؤد نظام الكفالة سوى إلى رفع كلفة الإنتاج على حساب القطاع الزراعي».
وتمنى على الحكومة إعادة النظر في تفاصيل هذا القرار للتخفيف من آثاره المدمرة على القطاع الزراعي من خلال إدخال التعديلات الآتية:
أولا-تسهيل واختصار اجراءات إستقدام العمال الزراعين بواسطة لوائح تقدم مباشرة من المزارع إلى الإمن العام بالقضاء المعني دون اللجوء إلى تعهدات خطية من خلال كتاب بالعدل.
ثانياً- يتعهد المزراع اللبناني بتقديم لوائح كاملة عن العمال الزراعيين القاطنين ضمن خيم (براكيات ) في ارضه وتسليمها إلى الأمن العام .
ثالثاً- إلغاء رسم الإقامة السنوي لكل عامل زراعي سوري تجاوز سن الـ 18 سنة لأن هذه الكلفة سترتد مباشرة عل المزارع من خلال زيادة الأجور.
رابعاً- السماح لوكلاء ورش العمال الزراعيين السوريين المقيمين حالياً في تجمعات سكنية (خيم، عمال وبراكيات) والمعرف عنهم بموجب شهادة خطية من قبل اثنين من المزارعين المعروفين ومصدقة من قبل مختار المحلة، بتجديد إقامات عمالهم واستقدام عمال زراعيين جدد لأن هؤلاء المتعهدين (شاويش الورشة) هم حالياً المصدر الأساسي للعمال الزراعيين الموسميين وباسعار معقولة.
خامساً- السماح للعامل الزراعي السوري الآتي من سوريا بإدخال عائلته معه.