وائل مهدي
من المتوقع أن تعلن أرامكو السعودية اليوم الأحد تخفيضًا على أسعار نفوطها لزبائن آسيا لشحنات الشهر المقبل أغسطس (آب)، حيث يتوقع نسبة كبيرة من المتعاملين في السوق أن تقدم أرامكو تخفيضًا على أهم خاماتها، وهو العربي الخفيف، بنحو 10 إلى 30 سنتًا على كل برميل.
وأظهر مسح أجرته وكالة بلاتس لتسعير النفط أن غالبية التجار في آسيا يتوقعون أن تزيد أرامكو التخفيضات، بينما تتوقع نسبة بسيطة منهم أن تبقي أرامكو الأسعار لشهر أغسطس كما هي لشهر يوليو (تموز)؛ إذ إن أسعار نفط دبي في شهر سبتمبر (أيلول) لم ترتفع عن سعرها في أغسطس كثيرًا.
وتنشر أرامكو أسعار مبيعات نفطها بصورة شهرية لزبائنها الذين يشترون النفط بما يعرف بنظام «إف أو بي» أي الذين ينقلون النفط بسفنهم الخاصة. وقائمة أسعار أرامكو مهمة؛ إذ إن العراق وإيران والكويت تسعر نفطها بعد صدور قائمة أسعار السعودية، مما يجعل سعر العربي الخفيف السعودي سعرًا استرشاديًا لباقي كبار المنتجين.
وتعتمد أرامكو في تسعير النفط شهريًا على معادلة تتضمن الأخذ بالحسبان حال الأسعار المستقبلية للنفوط، إضافة إلى هوامش التكرير، إضافة إلى الأخذ بالعوامل التسويقية والاقتصادية.
ومن بين الأمور التي تدخل في معادلة التسعير هي هيكل أسعار النفط. وكانت أسعار نفط دبي في الأشهر الأولى من العام تمر بحالة هيكلية تدعى «الكونتانغو» أو التأجيل التي على أساسها يكون سعر بيع النفط مستقبلاً أعلى منه في وقت البيع الآني. وتبيع أرامكو النفط إلى آسيا باستخدام سعر نفط دبي وعمان أساسا للتسعير، وتقوم بإضافة زيادة أو تخفيض عليه بحسب وضعية السوق.
وتقلص الكونتانغو بالنسبة لدبي في الأشهر الماضية، مما يعني أن أسعار النفط في يوليو لن تكون عالية جدًا مقارنة بيونيو (حزيران). هذا الأمر هو ما يساعد المصافي على تحقيق أرباح أعلى نظرًا لأن غالبية الذي يشترون النفط في يوليو لن يحصلوا عليه ويكررونه إلا في أغسطس بسبب عمليات الشحن والتفريغ.
وبالنسبة للكونتانغو الحالي فإن الفرق بين سعر نفط دبي بين الشهر الأول (مايو – أيار) والشهر الثالث (يوليو) في مايو كان عند 77 سنتًا للبرميل، وزاد في يونيو ليصبح الفرق بين الشهر الأول (يونيو) والشهر الثالث (أغسطس) إلى 86 سنتًا للبرميل، وهي زيادة طفيفة جدًا قد لا تجعل أرامكو تعطي تخفيضات كبيرة.
أما هوامش التكرير في آسيا خلال يونيو فقد بدأت بالتراجع، وهو ما يعني أن المصافي تحتاج إلى تخفيضات حتى تحقق مكاسب على تكرير النفط الخام، وبخاصة النفط العربي الخفيف الذي يواجه منافسة حادة من النفوط المماثلة المقبلة من غرب أفريقيا أو من العراق إلى آسيا.
وفي شهر يونيو الماضي أعلنت أرامكو أنها ستبيع العربي الخفيف في يوليو الحالي بزيادة قدرها 60 سنتًا لكل برميل إلى آسيا. ويتوقع نسبة بسيطة من التجار أن يكون سعر البيع هو نفسه هذا الشهر دون تغيير، كما أظهر مسح بلاتس.
وكانت أرامكو السعودية قد رفعت الأسعار التي تبيع بها النفط لزبائنها في آسيا في مارس (آذار) الماضي إلى أعلى مستوى لها منذ 26 عامًا.
وتريد السعودية أن تحافظ على حصتها السوقية، ولهذا السبب فإنها قد أبقت إنتاجها النفطي عند مستوى قريب من 10.3 مليون برميل يوميًا منذ شهر مارس الماضي. ولكن حصة السعودية في السوق الصينية تراجعت كثيرًا في مايو لصالح النفط الروسي الذي أخذ مكان السعودية واعتلى صدارة ترتيب المصدرين للصين لأول مرة منذ عشر سنوات.
وهوت واردات الصين من النفط الخام السعودي بشكل كبير في مايو إلى 720 ألف برميل يوميًا من 1.28 مليون برميل في شهر أبريل (نيسان) الذي سبقه، بحسب ما ذكرته الجمارك الصينية. وتعد هذه سابقة للنفط السعودي الذي كانت وارداته في الصين دائمًا فوق مستوى مليون برميل يوميًا في المتوسط.
وتنتهج السعودية وباقي دول منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) سياسة حاليًا للدفاع عن حصتها السوقية، ولهذا السبب زادت السعودية والعراق إنتاجهما بشكل كبير عما كان عليه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في الشهر الذي اتفقت فيه المنظمة على السياسة الجديدة. وأظهر مسح بلومبيرغ الأسبوع الماضي أن العراق أنتج قرابة 4.4 مليون برميل يوميًا في يونيو بعد أن بدأ البلد في ضخ خام جديد، وهو البصرة الثقيل.
وتواجه دول أوبك منافسة في الصين من روسيا التي هي الأخرى تنتهج نفس السياسة. وأعلن وزير الطاقة الروسي إلكساندر نوفاك في فيينا هذا الشهر أن بلاده ستحافظ على مستوى إنتاج بين 10.5 و10.6 مليون برميل يوميًا لسنوات مقبلة، وتوقع نوفاك حينها أن تبلغ أسعار النفط بين 65 و70 دولارا للبرميل في المدى الطويل. ومن المتوقع أن تكون روسيا قد أنتجت 10.7 مليون برميل يوميًا في الشهر الحالي على نفس مستوى الشهر الماضي.