IMLebanon

أزمة ديون في فناء أميركا الخلفي

Debt

جيليان تيت

ليس هناك وقت مثالي للإعلان أنك مفلس عمليا. مع ذلك، بالنسبة لبورتو ريكو، كان الأسبوع الماضي أفضل لحظة على الإطلاق. يوم الأحد، أصدرت حكومة الجزيرة تقريرا اقتصاديا تم التخطيط له منذ زمن طويل، كتبته آن كروجر، كبيرة الاقتصاديين السابقة في البنك الدولي، أعلن أن الإقليم يعاني أزمة في المالية العامة. وعلى حد تعبير الحاكم، أليخاندرو جارسيا باديلا، ديون الجزيرة البالغة 72 مليار دولار هي الآن “غير مستحقة الدفع”.

لكن بدلا من زرع الخوف على نطاق واسع، تأرجحت أسعار السندات فقط. ولأن اليونان تعيش في أزمة مالية تامة، والأسواق الصينية تتراجع، فإن البيان حول بورتو ريكو يبدو تقريبا وكأنه مشهد جانبي. ومع ذلك، سيكون من الخطأ تجاهل ما يحدث في بورتو ريكو. وبالنسبة لتقرير البروفيسورة كروجر، فإنه يسلط الضوء على نقطتين مهمتين. أولا، اليونان ليست المكان الوحيد الذي يتصارع مع الديون الزائدة وسوء الإدارة والأوضاع المالية المبهمة. ثانيا، أمريكا، مثل أوروبا، في حاجة ماسة لتصبح أكثر إبداعا – وعملية – في التعامل مع ديون القطاع العام المفرطة.

ذلك لأن المشكلة التي تعانيها بورتو ريكو ليست مجرد 72 مليار دولار من الديون المتراكمة، ولكن الحقيقة أنها تفتقر إلى أية آلية واضحة لإعادة هيكلة ذلك. الجزيرة يمكن أن تكون مقبلة على فترة متقلبة في أسواق السندات البلدية. الكيانات الأخرى المثقلة بالديون، مثل ولاية إلينوي، قد تعلق قريبا في العاصفة.

حتى نفهم هذا، لننظر في أرقام بورتو ريكو. قبل عقد أو عقدين كانت هذه الأرض الأمريكية التي يبلغ عدد سكانها 3.5 مليون نسمة تتمتع بمعدل نمو جيد، مدفوعا بوجود عسكري أمريكي ضخم وإعفاءات ضريبية اجتذبت شركات البر الرئيسي. لكن منذ ذلك الحين، انتهت الإعفاءات الضريبية وتم تقليص الميزانيات العسكرية. ومنذ عام 2005 تقلص الإنتاج 10 في المائة تقريبا من حيث القيمة الحقيقية.

عادة، هذا قد يسبب الذعر للدائنين. لكن لأن الأسواق العالمية تسبح في بحر من السيولة، والسندات البلدية تقدم إعفاءات ضريبية للمستثمرين الأمريكيين، فقد غمر المال المكان بدلا من ذلك. ومكن ذلك الحكومة من الحفاظ على دولة الرفاهة السخية، وثقافة حوكمة هي (في أحسن الأحوال) غير فعالة و(في أسوأ الأحوال) تعج بالمحسوبية. وفي الوقت نفسه، ارتفعت نسبة الدين إلى الناتج إلى ما فوق 100 في المائة – أو 150 في المائة إذا تم إدراج المطلوبات غير الممولة، مثل المعاشات التقاعدية.

هذا النمط غير قابل للاستمرار. لذلك البروفيسورة كروجر – وبشكل معقول تماما – تقترح مبادرتين: يتعين على بورتو ريكو تنفيذ إصلاحات هيكلية، مثل تقليص مدفوعات الرعاية الاجتماعية وتكاليف العمالة. لكنها تحتاج أيضا لإعادة هيكلة الديون إلى مستوى أكثر استدامة.

لكن كما هو الحال في اليونان، من غير الواضح ما إذا كانت حكومة بورتو ريكو لديها الجرأة للتقشف. والأسوأ من ذلك، هيكل السندات في الجزيرة معقد بشكل مذهل، إذ تم إصدار السندات من قبل عديد من الجهات المختلفة، مع أنواع متفاوتة من الضمانات. ولا تظهر على هؤلاء الدائنين أية رغبة في التنسيق. بدلا من ذلك، يهددون بمقاضاة بعضهم بعضا ومقاضاة الجزيرة. وبالتالي، السيناريو الكابوس الذي يطارد بورتو ريكو الآن ليس تماما كابوس اليونان بقدر ما هو كابوس الأرجنتين: سنوات من النسيان القانوني وحرمانها من المشاركة في أسواق رأس المال. هل هناك حل؟ من الناحية النظرية، كما يقول لورانس سمرز، وزير الخزانة الأمريكية الأسبق، أحد القرارات قد يكون تدخل صندوق النقد الدولي. لكنه لن يقدم على ذلك، لأن بورتو ريكو ليست دولة ذات سيادة. يمكن لواشنطن أن تلعب دورا، على غرار صندوق النقد الدولي، إذا رغبت في ذلك، على اعتبار أن بورتو ريكو تعتبر إقليما يشكل جزءا من النظام الفيدرالي. لكن إدارة أوباما أوضحت أنها لا ترغب في التدخل.

ذلك يشير إلى أن الخيار الأقل سوءا المتبقي هو العثور على حكم قانوني كطرف ثالث للإشراف على خطة اقتصادية تفرض على الدائنين قبول حل وسط. يوجد لدى أمريكا أنموذج قائم: إطار الفصل التاسع الذي يوفر الحماية من الإفلاس للكيانات العامة.

وقد استخدم هذا لإعادة هيكلة كومة ديون تبلغ قيمتها 18 مليار دولار في ديترويت. ونجح الترتيب لأنه ركز على استعادة خدمات المدينة، بحسب قول كينيث بكفاير، وهو مختص في إعادة الهيكلة. وكانت نتيجة هذا التحليل شطب بعض الديون المترتبة للدائنين؛ ولم تفرض من أجل دعم نظام فاشل.

لكن بما أن بورتو ريكو تعتبر إقليما، وليست مدينة، لا يجوز لها استخدام الفصل التاسع إلا في حالة تغيير القانون الأمريكي. هذا يبدو من غير المحتمل أن يحدث قريبا، لأن أجزاء من الحزب الجمهوري تخشى أن يؤدي السماح لبورتو ريكو باستخدام الفصل التاسع إلى دفع كيانات أمريكية أخرى، مثل إلينوي، إلى الإعسار أيضا.

والنتيجة، إذن، هي طريق مسدود. الحمد لله، هذه الحالة لا تعد (بعد) سيئة بما فيه الكفاية لأن تشعل أزمة كاملة. لكن أكواما من الديون “غير قابل للسداد” لديها وسيلة من تلقاء نفسها لاستنزاف الثقة والنمو. بعبارة أخرى، في المرة المقبلة التي يحاضر فيها المسؤولون الأمريكيون زعماء منطقة اليورو حول فشلهم في حل مشكلة اليونان، ينبغي لهم إلقاء نظرة على عقر دارهم أولا؛ أو أفضل من ذلك، اتخاذ إجراءات حازمة – مثلا، من خلال إصلاح القانون الخاص بالفصل التاسع.