Site icon IMLebanon

«أزمة اليونان أثبتت عدم جدوى الضرائب لتأمين الواردات»

CongressTaxUSA2

ماري هاشم
تاريخياً، تتواجد المصارف اللبنانية في المدن الرئيسية في أوروبا كباريس ولندن وجنيف، وبالتالي لا مكان لفروعها أو مصارف تابعة لها في اليونان التي تشهد أزمة مالية خطيرة مجهولة الحل حتى اليوم.
لكن هذا الواقع لا يمنع السؤال عما إذا كانت المقارنة واردة بن واقع اليونان «المديون» والواقع اللبناني «المأزوم» من النواحي كافة، وهل يجوز التخوّف من أن يكون للأخير المصير ذاته؟
رئيس قسم الدراسات والأبحاث الإقتصادية والمالية في بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل قال لـ«الديار» في هذا السياق: لا خوف من أن يلقى لبنان مصير اليونان، برغم وجود مؤشرات متشابهة. فهو يختلف عن اليونان، أولاً في كونها مَدينة لصندوق النقد الدولي والإتحاد الأوروبي والمصرف المركزي، في مقابل شروط إصلاحية مالية واقتصادية وطال بعضها سوق العمل، في حين أن لبنان لا يملك برنامجاً مع صندوق النقد الدولي وغير مَدين للمؤسسات المتعدة الجنسيات، وغالبية دينه العام محمولة من المصارف المحلية ومصرف لبنان، كما أنه برغم أن اقتصاده مدولر، لا يدخل ضمن منظومة كالإتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو حيث البنك المركزي الأروربي يقرر عن البلدان الخاضع لها.
وأضاف: لا يمنع من أن نتأثر كبلد إقتصاده مدولر، بتقلبات سعر صرف الدولار، لكن سياسة مصرف لبنان تظهر أننا في منأى أي تقلبات حادة. لكن هذا الوضع لن يشكل حالاً من عدم الإستقرار في لبنان، لا في القطاع المصرفي ولا في القطاع النقدي ولا حتى في المالية العامة ككل.
أما بالنسبة إلى أوجه الشبه، فقال: يجب ألا ننسى ما الذي أوصل اليونان إلى ما هي عليه اليوم، وهو العجز المرتفع الذي كانت تعاني منه بداية في موازنتها العامة، والذي وصل إلى 7 أو 8 في المئة من الناتج المحلي، واكتشفت لاحقاً أن هذا العجز لا يشمل عجز مؤسسة كهرباء اليونان والذي عند ضمّه تبيّن أن نسبة العجز العام تصل إلى 14 في المئة من الناتج، عندها بدأت المشكلات تتراكم. أما في لبنان فالعجز مزمن في قطاع الكهرباء ويشكل 50 في المئة من عجز الموازنة العامة.
وتابع: كما أن لدى اليونان مستوى مرتفع من التهرّب الضريبي وفي لبنان كذلك، وفيها سوق موازية سوداء تماماً كما في لبنان حيث هناك اقتصاد موازٍ بنسبة 30 في المئة من الإقتصاد العام، ومؤسساته لا تسدد الضرائب وغير مسجلة في وزارة المال والصندوق الوطني للضمان الإجتماعي ولا في غرف التجارة والصناعة، وغير ذلك.
وأضاف: لكن المفارقة أن سنّ التقاعد في اليونان هو 43 سنة، الأمر الذي أدى إلى الأزمة المالية الراهنة، لكون المتقاعدين أصبحوا يشكلون عبئاً على الدولة التي تخصص لهم رواتب محددة. في حين أن سنّ التقاعد في لبنان يصل إلى 64 سنة، لكن التحدي يكمن في نظام التقاعد في القطاع العام وهو مكلف جداً، ولا يزال حتى اليوم خارج الأضواء والإهتمام، ولا توجد أرقام تظهر مدى أهمية هذا الموضوع الذي يتطلب حلاً سريعاً قبل بلوغ مرحلة الأزمة.
ـ درس اليونان ـ
ولفت غبريل رداً على سؤال، إلى أن «الدرس الذي يجب تحصيله من اليونان اليوم، هو أننا لا يمكن الإكتفاء بالتغني باستقرار سعر صرف الليرة وصمودها وبازدهار الإقتصاد، وأن نهمل النظر في التحديات التي نواجهها إن في المالية العامة أو في تراجع تنافسية الإقتصاد، وارتفاع حاجات الدولة إلى الإستدانة وضعف الجباية، فالإصلاحات المطلوبة في اليونان تطاول سوق العمل نظراً إلى ارتفاع الكلفة التشغيلية للمؤسسات بشكل جنوني، كما في لبنان تماماً حيث يشكّل التحدي الأساسي للقطاع الخاص. لذلك لا يجوز أن نقف مكتوفي الأيدي والإعتداد بثبات الليرة ومتانة القطاع المصرفي على أهميتهما».
وختم: إن ما أوصل اليونان اليوم إلى هذه الحال هو إصرار صندوق النقد الدولي على فرض الضرائب وزيادتها، في حين أن الضرائب يجب أن تكون آخر الدواء، والأولوية لتنفيذ إصلاحات تؤمّن الواردات المالية. فالضرائب مضرّة بكل اقتصادات العالم، مهما اختلفت أحجامها. من هنا، أثبتت أزمة اليونان لصندوق النقد أن الضرائب ليست الحل لتأمين الواردات، وأثبتت لنا عدم الجدوى من التعويل على نصائح الصندوق بل علينا تقديم البدائل عن الضرائب لتأمين الواردات، وخصوصاً عبر الإصلاحات البنيوية التي تساعد على تحسين المناخ الإستثماري وبيئة الأعمال وخفض الأعباء التشغيلية على القطاع ورفع مستوى تنافسية الإقتصاد، وخفض حاجات الدولة إلى الإستدانة.