Site icon IMLebanon

عندما تضيع صرخات الأهالي في غبار قذائف التشييع!

 

كتب علي الحسيني في “المستقبل”: ترهيب أهالي الضاحية الجنوبية وترويع أطفالها، أصبحا سمة لازمة تُلاحق عناصر «حزب الله» الذين لا يوفّرون مناسبة تشييع لأحد رفاقهم إلّا ويتحوّل فيها السلاح الصاروخي للحزب الى الحدث بحد ذاته وعنوان لحالة التفلّت الأمني التي تعيشها الضاحية من جرّاء ممارسات عناصر حزبيّة غير منضبطة لم تعد تخضع لا لسلطة القانون ولا لـ»فتاوى التحريم».

هي حلقة جديدة من سلسلة رعب عاشتها الضاحية الجنوبية أمس، بعد سماع دوي إنفجار كبير ظن الأهالي أنه تفجير إنتحاري أو سيارة مُفخّخة إستهدفت منطقتهم، قبل أن يتبيّن أنّه ناجم عن انفجار قذيفة «آر بي جي» في الهواء، اطلقها عناصر من «حزب الله» أثناء تشييع رفيق لهم في منطقة برج البراجنة يُدعى عماد السبع (عبّاس) سقط منذ يومين في بلدة الزبداني السورية، ما يرفع عدد العناصر الذين سقطوا في هذه البلدة إلى عشرين عنصراً تقريباً في اقل من اسبوع. في حين أفادت مصادر أمنية لـ «المستقبل» امس، أن قتيلين جديدين على الأقل لـ»حزب الله» سقطا في سوريا وهما علي عودة من بلدة الخضر البقاعية وعلي حسين فتوني من بلدة الحلوسية جنوب الليطاني.

حتّى اليوم لم تنفع دعوات الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله المُتكرّرة التي وجّهها إلى مناصريه للكف عن إطلاق الرصاص في الهواء كتعبير عن مناسبات الفرح والحزن ولا سيما في ما يخص إطلالاته التلفزيونية. لكن يبدو أنه لا يوجد لعناصر الحزب عزيز سبق لنصرالله ان استحلفهم به للامر نفسه، ما أعطى إنطباعاً لدى بعض الناس بأن كل تلك الدعوات لم تكن سوى «فرقعات« إعلاميّة وأن التقيّد والإنضباط الاخلاقي يعود للعنصر نفسه لا لقيادة «حزب الله» العاجزة عن مُساءلة عناصرها وتوجيههم.

لا يُبالغ المرء في وصفه للضاحية الجنوبيّة في هذه المرحلة، إذا ما شبّه حالها بمُجتمع حرب أو بدولة مُستقلّة خارج حدود الوطن. طقوس وممارسات وعادات لم يفلح وجود القوى الأمنيّة بداخلها في إنهائها أو الحد منها، فالتعبئة للحرب أصبحت كالصلاة قائمة أثناء الليل والنهار، واستنكارات أهالي القتلى واعتراضهم على مشاهد نعوش أبنائهم تضيع هي الأخرى في ثنايا لحظات انبلاج الفجر، لتتولّد الفاجعة فقط داخل منزل ذوي القتيل العائد اليهم بعلم أصفر يُحاصر جسده الممدّد داخل صندوق خشبي.

مقتل العنصر في «حزب الله» عماد السبع منذ يومين وتشييعه أمس في الضاحيةّ، ولّد غضباً في أوساط أقاربه وأصدقائه، فخرجت صرخات مخنوقة تُعبّر عن الفاجعات والمُفاجآت التي باتت تنتظر أهالي عناصر الحزب بشكل يومي. سؤال لأحد أصدقاء السبع توجّه به الى الحاضرين، ومعظمهم عناصر من «حزب الله»، عن المكاسب التي تعود «علينا» من هذه الحرب وعن مهلة انتهائها، وعن النصر الموعود منذ أربع سنوات.

في كل مرّة تنتهي فيها مراسم تشييع عنصر في «حزب الله»، يأخذ الحاضرين سؤال عن العنصر الذي سيستقبلونه غداً. «هو موت بالجملة نشتريه». هذا ما قاله احد المُشاركين في تشييع الأمس في برج البراجنة. أمّا العيون الباكية والدموع التي رسمت علامات عتب وحزن والتي تصدّرت واجهة «الجنازة»، فقد فضحت بصمتها الإعلام الذي ينقل تقبّل الموت بـ»عزّ» و»فخر»، وما إطلاق قذيفة «الأر بي جي» سوى للتعمية على المشهد الفاضح الذي طالبت فيه سيدة عجوز بعودة «الشباب» من سوريا.

توجيه السؤال إلى عناصر «حزب الله» عن سبب اطلاقهم القذائف الصاروخية أثناء مراسم التشييع رغم كلام دعوات نصرالله، يأتي الردّ عليه بتهكّم “السيد تحدث عن الرصاص فقط، لا القذائف”.