IMLebanon

عودة هروب الأموال عبر البورصة في مصر

EgyptStock2
اتخذت الحكومة المصرية في الأيام الأخيرة، إجراءات من شأنها الحد من تهريب الأموال خارج البلاد عبر البورصة، تجنباً لتكرار ما حدث خلال الأيام الأولى لثورة يناير/كانون الثاني 2011، التي شهدت تهريباً لأموال طائلة من جانب رجال أعمال ورموز نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، وفق مسؤولين وعاملين في مجال الأوراق المالية.

وأصدرت إدارة البورصة نهاية يونيو/حزيران الماضي، قراراً بمنع تحصيل ناتج بيع المستثمرين المصريين لشهادات الإيداع الدولية للشركات المصرية بالبورصات الخارجية بالدولار، على أن يكون تحصيلها بالجنيه المصري فقط ومن داخل مصر بغض النظر عن السوق الذي تم فيه بيعها.

وبينما برر مسؤولون مصريون هذه الخطوة بمنع اكتناز الدولار والمضاربة فيه، ولاسيما في ظل ندرته في الأسواق وارتفاعه إلى مستويات قياسية أمام العملة المحلية الجنيه، إلا أن رئيس البورصة، محمد عمران، لم يخف في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية في الـ 29 من ذلك الشهر، أن منع تحصيل ناتج بيع شهادات الإيداع الدولية، جاء لمنع قيام المستثمرين بتحويل أموالهم إلى خارج مصر.

وهناك العديد من الشركات المصرية مدرجة فى بورصات خارجية، مثل لندن ونيويورك ودبي، في صورة شهادات إيداع يجري تداولها تزامناً مع تداول أسهمها بالبورصة المصرية، حيث يجيز القانون شراء أسهم تلك الشركات بالبورصة المصرية ثم إعادة بيعها فى صورة شهادات إيداع فى البورصة الأجنبية المدرجة بها.

ويبدو أن الحكومة المصرية قلقة من وجود حالات لهروب الأموال في الفترة الأخيرة، بينما لا تزال البلاد تعاني من اضطرابات سياسية وأعمال عنف متزايدة، بعد مرور عام من تولي وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي حكم مصر، إثر انتخابات رئاسية جرت منتصف العام الماضي 2014.

وقال نائب رئيس شعبة الأوراق المالية بالاتحاد العام للغرف التجارية، عيسي فتحي، لـ”العربي الجديد” إن إلزام المستثمرين المصريين بالحصول على مستحقاتهم من بيع شهادات الإيداع الدولية خارج مصر بالعملة المحلية بدلاً من الدولار، جاء نتيجة تنامي عمليات تحويل واسعة بالدولار، واستخدام هذه الآليه لتحويل أموال خارج البلاد.

وأضاف فتحي، أنه “لوحظ في الفترة الأخيرة تنامي هذه العمليات بشكل مثير للانتباه، وبالتالي هذا القرار جاء لضبط السوق ومنع التلاعب والضغط على العملة الصعبة وتحويل أموال للخارج”.

وتتضمن قائمة الشركات التى يتداول لها شهادات إيداع خارج مصر، وفق الموقع الإلكتروني للبورصة المصرية، البنك التجاري الدولي، وشركات حديد عز، المصرية للاتصالات، جلوبال تيلكوم القابضة، المجموعة المالية هيرمس القابضة، ليسيكو مصر، البويات والصناعات الكيماوية “باكين”، السويس للأسمنت، رامكو لإنشاء القرى السياحية، أوراسكوم للاتصالات والإعلام والتكنولوجيا القابضة، ايديتا للصناعات الغذائية، جي بي أوتو، بالم هيلز للتعمير، النعيم القابضة للاستثمارات.

وقال مسؤول مصرفي، فضل عدم ذكر اسمه في تصريح خاص لـ”العربي الجديد”، إن هناك تنسيقاً بين الجهات الحكومية ذات الطبيعة الرقابية على الاستثمار وحركة رؤوس الأموال، من أجل الحفاظ على الاحتياطي النقدي.

وكان الاحتياطي النقدي قد خسر مليار دولار خلال مايو/أيار الماضي ليصل إلى 19.5 مليار دولار، معاوداً الصعود إلى 20 مليار دولار بنهاية يونيو/حزيران، وفق المصرف المركزي أمس الثلاثاء، لكن المسؤول المصرفي، أشار إلى أن أكثر من 90% من هذا الاحتياطي عبارة عن ودائع ومساعدات خارجية تستحق السداد، وأن قيمة الاحتياطي المصري الخالص فيها ضئيل للغاية لا يتجاوز المليار دولار، ما يستدعي التحوط بشكل كبير.

وبحسب بيان لوزارة المالية منتصف يونيو/حزيران، فإن الحكومة حصلت على منح خارجية 3.4 مليارات دولار خلال العام المالي الماضي 2014/2015 المنقضي بنهاية الشهر الماضي، دون الإشارة إلى المساعدات الأخيرة التي حصلت عليها القاهرة من السعودية والإمارات والكويت، في أعقاب مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي في مارس/آذار والبالغة 6 مليارات دولار، ليرتفع إجمالي ما حصلت عليه مصر من الدول الخليجية الثلاث، منذ إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز 2013 إلى أكثر من 40 مليار دولار وفق البيانات والتصريحات الرسمية المصرية منذ ذلك الحين.

ويبدو أن الضوابط الحكومية الأخيرة على أسهم البورصة وتحويلها إلى شهادات إيداع دولية، قد أثار قلق بعض الشركات والعاملين في شركات للأوراق المالية، لاسيما أن بعض الشركات كانت تخطط لإصدار شهادات إيداع في بورصات دولية ومنها بورصة لندن.

وقال محمد عبيد، رئيس قطاع السمسرة في شركة المجموعة المالية هيرمس، إن منع تحصيل ناتج بيع المستثمرين لشهادات الإيداع الدولية بالدولار، “غير مفهوم ويثير قلق المتعاملين، خاصة أنه يأتي في توقيت صعب”.

وأضاف عبيد، أن “القرار سيؤدي لامتناع الشركات عن إصدار شهادات إيداع مستقبلاً.. سيكون لذلك ضرر بالغ على سوق المال، لأن شهادات الإيداع الدولية تعد جزءاً مهماً من تعاملات المستثمرين بالسوق”.

وتابع “المستثمرون يشترون الأسهم من السوق المصرية وتحويلها لشهادات إيداع دولية وبيعها في الخارج بالدولار، ومن ثم فإن تلك العملية تمثل مصدراً لتوفير العملة الأجنبية للاقتصاد المصري، وبذلك فإن المستثمر كان يتجه لتلك الآلية ليوفر الدولار دون ضغط على احتياطي النقد الأجنبي لدى المصرف المركزي”.

وكانت تقارير محلية، قد أشارت إلى أن إجمالي الأموال المحولة للخارج خلال العام الأول لثورة يناير في 2011 فقط، بلغ 3.9 مليارات جنيه (504.5 ملايين دولار)، كان نصيب الأشهر الثلاثة الأولى من العام منها نحو 2.7 مليار جنيه بما يعادل 70% منها، حيث تركزت تعاملات الأموال التي خرجت من مصر على حاملي أسهم الشركات المربوطة ببورصة لندن.