بعد أكثر من عقد من العقوبات الاقتصادية الموجعة والعزلة الدولية يأمل الإيرانيون وخاصة الشباب منهم، في إقامة علاقات أفضل مع العالم من خلال إنهاء الخلاف بين بلادهم والمجتمع الدولي حول البرنامج النووي – ولكن ليس بأي ثمن!
“المفاوضات حول الملف النووي الإيراني هي الأهم”، هذا ما يقوله شهريار الذي يتأمل بحر الأضواء الذي تعوم فيه مدينته. وعبر موقع توتير، الذي حجبته السلطات الإيرانية، يتابع الأحداث في فيينا البعيدة عن كثب رفقة صديقته بارديس. ورغم أن السياسة من المواضيع التي من النادر أن يتحدث فيها الإيرانيون مع الغرباء، إلا أن شهريار مستعد للحديث عما لحق ببلاده جراء العقوبات الدولية المفروضةعليها بسبب برنامجها النووي. وبعيدا عن العيون في منتزه بامئي طهران، الذي يمكن عبره رؤية أسطح بنايات طهران العالية، يقول الشاب ذو الـ29عاما: “العقوبات ألحقت أضرار كبيرة بنا.” ويوضح أن نسبة البطالة أصبحت عالية جدا، والأسعار التي ما انفكت ترتفع زادت من صعوبة الحياة خاصة للطبقات الفقيرة. وتضيف صديقته بارديس: “لقد سمعت بأن التضييقات المفروضة على القطاع المالي تسببت في العجز عن استيراد أدوية معينة.” وبالتالي فإن “الكثير من المرضى باتوا لا يحصلون على العلاج الذي هم بحاجة إليه.” ويعلق الشابان آمالا كبيرة على توصل طهران والمجتمع الدولي إلى اتفاق ينهي كل هذه الصعوبات التي يواجهها الإيرانيون.
“نريد إقامة علاقات جيدة مع العالم كله”
أما رضا، الذي يجلس حول الطاولة المجاورة، وينحدر من الشمال الغربي لإيران، فيقول: “نريد ممارسة التجارة مباشرة مع أوروبا والولايات المتحدة”. ويوضح بأن العقوبات المفروضة على بلاده أرغمته على التجارة عبر وسطاء في روسيا والصين، يطلبون مبالغ باهظة ولا يوفرون الجودة المطلوبة ويضيف “ما نريده هو ببساطة إقامةعلاقات جيدة مع كل العالم”.
وكما رضا تأمل الأغلبية العظمى من الإيرانيين في أن يتم في فيينا التوصل إلى اتفاق – ولكن ليس بأي ثمن: “نحن مستعدون لتقليص أنشطتنا النووية بشكل كبير والخضوع للمراقبة المشددة”، على حد تعبيره. ولكنه يطالب في الوقت نفسه بأن يتم في المقابل رفع جميع العقوبات بشكل فعلي وليس فقط تجميدها. ويضيف “باراك أوباما لن يبقى طويلا في منصبه والكثير من المرشحين لخلافته هددوا بعدم الاعتراف بأي اتفاق معنا”. وبالرغم من ذلك يعتقد رضا بأنه سيتم التوصل إلى اتفاق “فالمفاوضات متواصلة منذ وقت طويل ولا أعتقد أن أي طرف يريد العودة إلى بلاده دون تحقيق أي نتائج تذكر”.
الأمل في وضع أفضل للنساء
من جهتها تأمل نيلوفار التي تجلس على الطاولة المجاورة في التوصل إلى ما هو أبعد من اتفاق في فيينا، وتقول: “في طريقي إلى بامئي طهران لاحقتني الشرطة الدينية” فالشابة ذات الـ21 عاما ترتدي سروالا ضيقا أزرق اللون وعباءة قصيرة جدا في نظر الشرطة الدينية. وتقول إنها نجحت في الفرار من الشرطة وهي الآن مختبئة هنا إلى أن يحضر لها والداها ملابس تلائم تعاليم الجمهورية الإسلامية. وتشكو من الوضع الذي تعيش فيه بأنه و”خاصة النساء لا يمكنهن العيش هنا في إيران”، وهي تعلق آمالا كبيرة على تطبيع علاقات بلادها مع العالم الخارجي فحسب رأيها “إذا ما تم حل المشاكل الخارجية والاقتصادية لبلادنا، فربما يتحسن وضعنا أيضا نحن النساء أيضا”.
أما نوزانين فلا تريد الانتظار طويلا، ذلك أن الشابة ذات الـ31 عاما ترغب في مواصلة دراستها في الولايات المتحدة من أجل الحريات التي تتوفر هناك ولأن الحصول على شهادة دراسة من جامعة نخبة أمريكية من شأنه أن يحسن من فرصها في التقدم المهني والوظيفي. بيد أن الحصول على تأشيرة سفر للولايات المتحدة ليس بالأمر السهل نظرا للعلاقات السياسية السيئة بين طهران وواشنطن. وتقول إنها تعرف من والديها أن الوضع كان مختلفا قبل الثورة الإسلامية حيث كان من الممكن السفر بدون تأشيرة إلى الولايات المتحدة وعبر رحلات جوية مباشرة. وتضيف “اليوم لم يعد جواز سفري الإيراني ذا قيمة تذكر”، وتشير إلى أن من لا يملك وظيفة جيدة وحسابا بنكيا كبيرا يتم رفضه من قبل أغلبية السفارات الغربية. وتأمل أن يتغير الأمر بعض الشيء بعد التوصل إلى اتفاق في فيينا، معربة في الوقت نفسه عن تفاؤلها بالقول “أنا مقتنعة بأن الاتفاق آت لا محالة” وتؤكد أنه “قد حان الوقت لكي تتحسن العلاقات بيننا وبين العالم”.