IMLebanon

«المركزي الأوروبي» يستعد لمكافحة تفشّي عدوى «الحمى الإغريقية»

EuropeCentralBank

رالف أتكينز

قبل ثلاثة أعوام، كانت أسواق السندات على وشك تفكيك الاتحاد النقدي في أوروبا. لكن ليس هذه المرة. حتى مع تسارع مخاطر طرد اليونان خارج منطقة اليورو، فقد كانت استجابة سوق السندات خافتة.

أحد التفسيرات هو أن المستثمرين كان لديهم الوقت للاستعداد “لخروج اليونان” المُحتمل، ويعتقدون أن مخاطر انتقال العدوى سيكون بالإمكان التحكّم فيها، لكن هناك تفسيرا آخر – يُمكن القول إنه أقوى – هو ثقة المستثمرين بالبنك المركزي الأوروبي وقوة برنامجه لشراء الأصول بقيمة 60 مليار يورو شهرياً، الذي أُطلق في آذار (مارس) كنسخة منطقة اليورو من برنامج التسهيل الكمي.

يقول بيتر جروفز، مختص استراتيجية الدخل الثابت في “سيتي جروب”، “إن ثقة وإيمان الأسواق بجدار حماية البنك المركزي الأوروبي – الذي أثبت مصداقيته تماماً من قبل – تُفسّر رد الفعل الصامت بشكل مذهل لارتفاع (مخاطر حدث اليونان)”.

جيل مويك، المختص الاقتصادي عن منطقة أوروبا في بنك أمريكا ميريل لينش، يقول “البنك المركزي الأوروبي كسب كثيرا من المصداقية منذ أن قام فعلاً بإطلاق برنامج التسهيل الكمي”.

ما إذا كان باستطاعة البنك المركزي الأوروبي الحفاظ على السيطرة على أسواق السندات فهذا سيكون أمراً حيوياً بالنسبة للسياسيين والمستثمرين.

في تموز (يوليو) من عام 2012، عندما كانت الأزمة في أوجها، تعهد الرئيس ماريو دراجي بالقيام “بكل ما يلزم”، لكن المخاطرة هذه المرة هي أن هناك تضاربا في مصالح البنك: وهو أن “القيود المفروضة على المصارف اليونانية تدفع البلاد نحو خروج اليونان، الأمر الذي سيخلق عدم الاستقرار عبر بلدان الكتلة النقدية”.

شعرت الأسواق بالاطمئنان من تلميحات صنّاع السياسة في البنك المركزي الأوروبي أن بإمكانها توسيع ترسانتها للحدّ من تداعيات السوق.

نيك جارتسايد، كبير الإداريين للاستثمار للدخل الثابت في “جيه بي مورجان” لإدارة الأصول يقول “هناك شيء واحد تعلّمناه هو عدم التشكيك أبدا في إبداع البنك المركزي”.

على الرغم من الدراما السياسية، إلا أن العوائد على السندات “في البلدان الطرفية” – أي إيطاليا وإسبانيا والبرتغال – ارتفعت بشكل متواضع فقط. العائدات على السندات الإيطالية والإسبانية لأجل عشرة أعوام كانت أقل من ذروات الأسبوع الماضي. وهذا يعني أن المستثمرين لا يطالبون بزيادة إضافية “للمخاطر” من أجل التعويض عن “مخاطر العدوى” بعد تصويت اليونان يوم الأحد بـ “لا”.

الأمر الذي يُبقي الضغط الهبوطي على العائدات، التي تتحرك عكسياً مع الأسعار، سيكون هو عوامل العرض. حيث من المتوقع أن يكون إصدار حكومة منطقة اليورو للسندات سلبياً في تموز (يوليو): بمعنى أن السندات ستقوم بالتسديد أكثر مما تقترض. القيود على السيولة قد تُساعد أيضاً. مع توقّع أوضاع ضعيفة في أشهر فصل الصيف، قال البنك المركزي الأوروبي إنه سيقوم “بالتخصيص الأكبر في بداية” عمليات الشراء لبرنامج التسهيل الكمي في أيار (مايو) وحزيران (يونيو) الماضيين، على الرغم من أنه فعل ذلك بدرجة أقل مما كان متوقعا. وهذا يمكن أن يعني أن البنك المركزي الأوروبي سيقوم بالمزايدة بقوة على السندات في الأسابيع المقبلة.

ماذا لو كان هذا لا يكفي؟ في عام 2012، الكلمات كانت بمثابة السحر بالنسبة للبنك المركزي – تعهّد دراجي للقيام “بكل ما يلزم” عمل على تهدئة الأسواق بدون قيام البنك المركزي الأوربي بإنفاق سنت واحد.

هذه المرة، تعليقات صنّاع السياسة في البنك المركزي الأوروبي كانت مُبهمة في السيطرة على أسواق السندات. بينوا كوري، عضو المجلس التنفيذي، أخبر صحيفة الأصداء “ليز إيكو” الأسبوع الماضي أن البنك المركزي الأوروبي كان “على استعداد كبير لاستخدام أدوات جديدة ضمن صلاحياتنا”.

في وقت متأخر من يوم الإثنين، مع تشديد الضغط على المصارف اليونانية بعد استفتاء يوم الأحد، طمأن البنك المركزي الأوروبي الناس أنه كان “يراقب عن كثب الوضع في الأسواق المالية” والمخاطر المحتملة على استقرار الأسعار في منطقة اليورو.

الإشارة إلى استقرار الأسعار لفتت انتباه بعض المستثمرين. وهذا أشار إلى أن دراجي يُمكن أن يتخذ أي إجراء تحت ستار رفع معدل التضخم في منطقة اليورو إلى هدفه البالغ “أقل لكنه قريب من” 2 في المائة – حتى المُتشدّدين في مجلسه الحاكم سيجدون من الصعب معارضة هذا.

حالات الارتفاع في تكاليف الاقتراض القياسية في منطقة اليورو ليست كافية بعد لتهديد أهداف السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي.

يعترف لورنس موتكن، مختص استراتيجية أسعار الفائدة في “بي إن بي باريباس”، “بالتأكيد البنك المركزي الأوروبي على أهبة الاستعداد للتصرّف، لكن من الواضح أن العائدات ليست بمستويات تجعلك تقول إن عليهم القيام بشيء ما”.

هذا يمكن أن يتغيّر بسرعة في حال انهارت المفاوضات اليونانية وأصبح خروج اليونان وشيكاً للغاية. أسعار الفائدة المرتفعة الناتجة عن ارتفاع “فروقات قيمة المخاطر” التي يُطالب بها المستثمرون من شأنها، في نظر البنك المركزي الأوروبي، أن تكون بمثابة تشديد غير مرغوب للسياسة النقدية.

في عام 2012، أنشأ البنك المركزي الأوروبي “المعاملات النقدية الصريحة” – وهو برنامج لشراء السندات لضمان “صلابة” منطقة اليورو. هذه تتطلّب أن يكون لدى الحكومات عدد من خطط الإصلاح المُتفّق عليها، ما يعني أن استخدامها ربما سيكون الملاذ الأخير.

الخطوات السابقة التي كان بإمكان البنك المركزي الأوروبي اتخاذها تتضمن تنفيذ برنامجه القائم للتسهيل الكمي بقوة أكبر.

يعتقد البعض أن البنك المركزي الأوروبي قد لا يكون بعيداً من القيام بذلك. يُجادل مويك بأن توقّعات البنك لمعدل التضخم السنوي بأن يعود إلى المستوى المُستهدف في عام 2017، تبدو طموحة منذ الآن. إذا ارتفعت عائدات سندات منطقة اليورو وأصبحت مخاطر خروج اليونان تهدد ثقة السوق، “عندها فإن الإجراء سيكون بالتأكيد مُبرّرا من منطلقات السياسة النقدية”.