Site icon IMLebanon

هوشتاين يعود الى بيروت قريباً بعد مشاورات نفطية في تل أبيب !

OilMiddleEast
هلا صغبيني
«بيروت لا تزال واحدة من المدن المفضلة لديّ. يجب أن يبدأ إنتاج الغاز«. عبارة دوّنها الموفد الاميركي نائب وزير الخارجية الاميركي لشؤون الطاقة، آموس هوشتاين، بعيد مغادرته بيروت التي زارها ليومين الاسبوع الماضي بعد لقاءات عدة اجراها مع مسؤولين لبنانيين بحث خلالها حقوق لبنان النفطية في مياهه الإقليمية وقضية ترسيم الحدود البحرية اللبنانية.

في ختام زيارته، تأبط هوشتاين طروحاً نفطية موحدة من كل الفرقاء السياسيين ليناقشها في تل ابيب على ان يعود لاحقاً الى بيروت لم يحدد مسبقاً، لعرض وجهة النظر الاسرائيلية على السلطات اللبنانية في ما يتعلق بالنقاط الخلافية.

مصادر مطلعة على المحادثات التي اجراها هوشتاين في بيروت، قالت لـ»المستقبل» ان الاخير لمس خلال كل لقاءاته، اجماعاً وطنياً بين كل الفرقاء السياسيين لاسيما رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس فؤاد السنيورة ورئيس الحكومة تمام سلام والتيار الوطني الحر. وقالت ان هوشتاين تبلغ موقفاً موحداً مفاده تمسّك لبنان بحقه العادل في منطقته الاقتصادية الخالصة لاستثمار موارده النفطية، واستكمال استنباط حلول منطقية بناءً على الاقتراحات التي كان طرحها سابقاً على لبنان الموفد الاميركي السابق فريديريك هوف (الذي كان اقترح حل خط فصل بحري).

وشددت المصادر اياها على حرص لبنان على وساطة الجانب الاميركي «تحت العلم الازرق» (اليونيفيل) لحل هذا الملف، وذلك بفعل الضغط الذي يمكن ان تمارسه واشنطن على تل ابيب من جهة، وبعدما لمست السلطات اللبنانية عدم رغبة الامم المتحدة في التدخل من جهة اخرى.

وكان السنيورة خاطب منذ حوالي السنة والنصف، الامين العام للامم المتحدة وطلب منه المساعدة لحل مسألة الحدود البحرية للمنطقة الاقتصادية الخالصة تحت مظلة القرار 1701 الذي منح المنظمة الدولية صلاحية مساعدة لبنان على تحديد حدوده الدولية – والبحرية منها- لكن يبدو ان الامم المتحدة آثرت عدم التدخل كونها ستكون بالنسبة اليها سابقة في التدخل في نزاعات بحرية.

وشددت المصادر على وجوب الاسراع في ايجاد حلول لهذا الموضوع بفعل تسارع الاعمال في الحقول الاسرائيلية، لاسيما في حقل كاريش (ويبعد نحو 6 كليومترات عن الحدود اللبنانية) الذي تملك شركة «اديسون» الايطالية حقاً حصرياً لاستخراج النفط منه وقد تلجأ الى استعمال حقها هذا في اي وقت تراه مناسبا.

وكانت التقارير التي وضعتها اللجنتان التي تم تشكيلهما من قبل مجلس الوزراء تباعا (2008 و2012) من اجل وضع تقرير مفصل عن الحدود البحرية، اكدت ان الطريقة التي اعتمدت في الترسيم احاديا للحدود البحرية والتي اعتمدت فيها منهجية الخط الوسطي البحتي، أمنت للبنان موقعاً متقدماً في الدفاع عنه في حال التفاوض مستقبلاً على الحدود النهائية. ويناقض تعبير «متقدم» الوارد في التقريرين، الشائعات التي طالت هذا الملف حول تحميل حكومة السنيورة مسؤولية «التضييع» على لبنان عشرات الكيلومترات المربعة من مياهه المليئة بالثروات الطبيعية.

المنطقة الاقتصادية الخالصة

في تعريف المنطقة الاقتصادية الخالصة انه يتم تحديدها وقياسها من خط الاساس، وتمتد الى أقصى الحدود المتاحة، على ألا تتعدى مسافة 200 ميل بحري.

وتتمتع الدولة بحقوق سيادية لغرض استكشاف واستغلال الموارد الطبيعية للمياه التي تعلو قعر البحر ولقعر البحر، وباطن ارضه، وحفظ هذه الموارد وادارتها وانشطة الاستكشاف والاستغلال الاقتصاديين للمنطقة كانتاج الطاقة من المياه والتيارات والرياح.

وفي حال تداخل المنطقة الاقتصادية الخالصة بين بلدين أو أكثر، يتم تحديد منطقة كل بلد باحدى الطرق التالية:

ـاتفاقات ثنائية أو متعددة الاطراف بين تلك البلدان

ـأن ترسم كل دولة حدودها احادياً وتودعها الامم المتحدة

ـطرح النزاع أمام الهيئة القضائية الدولية المختصة في حال عدم الاتفاق على ترسيم المنطقة.

وبالنسبة الى ما هو عليه الوضع في لبنان الذي كان انضم عام 1994 الى اتفاقية الامم المتحدة لقانون البحار المعتمد في مونتيغوباي (جمايكا)، فان المنطقة الاقتصادية الخالصة تتداخل كالاتي: من الناحية الشمالية الغربية مع كل من سوريا وقبرص، ومن الناحية الجنوبية الغربية مع كل من فلسطين المحتلة وقبرص، ومن الناحية الغربية مع قبرص فقط.

تم تحديد خط وسط مع الجانب القبرصي، وهو يشكل المنطقة الاقتصادية الخالصة بين البلدين، مع الاخذ في الاعتبار عند تحديد الخط المشار اليه الابتعاد عن النقطة الثلاثية من الجهتين الشمالية والجنوبية لان تحديد هذه النقطة يتطلب اتفاقاً ثنائياً بين الدول الثلاث (لبنان وقبرص واسرائيل).

وتم ترسيم الحدود مع قبرص (تم تحديد النقاط بين 1 و6) والتوصل الى اتفاق ثنائي في المناطق المشتركة الثنائية، وترك امر الحدود المشتركة مع كل من سوريا واسرائيل الى مراحل لاحقة. وخلال الاجتماعات التي حصلت مع الجانب القبرصي، تمت الاشارة الى امكانية مراجعة او تعديل النقاط 1 و6 من الجهتين الجنوبية والشمالية «وفقاً للحاجة وتمشاياً مع احكام الاتفاق« الموقع مع الجانب القبرصي.

وابرز ما نص عليه الاتفاق مع قبرص والذي وقع بالاحرف الاولى في 17 كانون الاول 2007 الاتي:

[المادة الاولى فقرة (هـ): يمكن مراجعة او تعديل الاحداثيات الجغرافية للنقاط 1 و/أو 6 وفقا للحاجة في ضوء التحديد المستقبلي للمناطق الاقتصادية الخالصة مع دول الجوار الاخرى المعنية ووفقاً لاتفاق يتم التوصل اليه حول هذه المسألة مع دول الجوار المعنية.

[المادة الثالثة: اذا دخل اي طرف من الطرفين في مفاوضات تهدف الى تحديد منطقتها الاقتصادية الخالصة مع دولة اخرى، يتعين على هذا الطرف ابلاغ الطرف الاخر والتشاور معه قبل التوصل الى اتفاق نهائي مع الدولة الاخرى اذا ما تعلق هذا التحديد باحداثيات النقطتين 1 أو 6.

[المادة الرابعة: ان اي خلاف يقع من جراء تطبيق هذا الاتفاق يجب ان يحل عبر الوسائل الديبلوماسية بروح من التفاهم والتعاون، وفي حال لم يتوصل الطرفان الى حل مقبول لهما عبر الوسائل الديبلوماسية ضمن فترة معقولة يتم حينها رفع الخلاف الى التحكيم.

لكن ما حصل لاحقاً، وتحديداً في كانون الاول 2010، ان الجانب القبرصي قام، ومن دون علم السلطات اللبنانية او استشارتها، بعقد اتفاق مع العدو الاسرائيلي لتحديد حدود المياه الاقتصادية الخالصة بينهما. ورسمت قبرص الحدود مع اسرائيل متخطية النقطة 23 التي اعتمدها لبنان احاديا عام 2008، معتمدة النقطة الرقم 1 نقطة مشتركة للدول الثلاث.

وعام 2011، ابرمت قبرص الاتفاق مع اسرائيل، علماً ان وزير الأشغال انذاك غازي العريضي وجه كتاباً الى إلى وزير الخارجية يطلب بموجبه إعلام السلطات القبرصية بضرورة الالتزام واحترام بنود الاتفاق الموقع واحترام الخط الجنوبي الممتد من النقطة 1 الى النقطة 23 (التي تمثل النقطة الثلاثية والمحددة احادياً من الجانب اللبناني) أثناء عقدها لأي لقاءات أو اتفاقات مع دول أخرى. ما يعني ان الجانب القبرصي قد اخل بالمواثيق الدولية التي اشارت الى ان تحديد النقطة الثلاثية يتم بالاتفاق بين الدول الثلاث المعنية.

الحدود البحرية الجنوبية

في 30 كانون الاول 2008، شكلت لجنة (لجنة-1) لوضع تقرير حول الحدود البحرية للمنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة مؤلفة من ممثلين عن: وزارة الاشغال العامة والنقل ووزارة الطاقة والمياه ووزارة الدفاع الوطني

ووزارة الخارجية والمغتربين والمجلس الوطني للبحوث العامية ورئاسة مجلس الوزراء. وقامت اللجنة لامذكورة بتحديد الحدود البحرية الجنوبية والحدود البحرية الشمالية واستكمالها مع الحدود البحرية الغربية (والتي تم الاتفاق حولها مع الجانب القبرصي)، بحيث تشكل هذه الحدود كامل المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان.

ووضع تقرير في هذا الاطار. وقد افق مجلس الوزراء في 13 ايار 2009 على تقرير اللجنة حول الحدود البحرية الجنوبية للمنطقة.

4 تشرين الاول 2010: موافقة حكومة الرئيس سعد الحريري على ايداع الامم المتحدة خرائط الجزء الجنوبي من الحدود البحرية الغربية.

19 تشرين الاول 2010: ايداع الامم المتحدة خرائط الجزء الجنوبي من الحدود البحرية الغربية التي حددها لبنان بشكل احادي مع قبرص.

19 تشرين الاول 2011: ايداع الامم المتحدة خرائط الجهة الشمالية والغربية والجنوبية المحددة بشكل احادي وفق تقرير اللجنة. وكان لبنان اقر في 18 آب 2011، القانون الرقم 163 حول تحديد واعلان المناطق البحرية للجمهورية اللبنانية. وفي الاول من تشرين الاول 2011، صدر المرسوم رقم 6433 حول تحديد حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية.

في 11 أيّار 2012، تم تشكيل لجنة ثانية لوضع تقرير مفصل حول الحدود البحرية. واصدرت هذه اللجنة تقريرها في 7 حزيران 2012 اكدت فيه التالي :

– ترسيم الحدود مع قبرص: تعتبر هذه الحدود غير نهائية الى حين التوصل الى اتفاق او ترتيبات مع الدولة/الدول المجاورة المعنية حول الحدود النهائية.

– ترسيم الحدود أحادياً: في ترسيم الحدود البحرية، اعتمدت اللجنة الاولى منهجية الخط الوسطي البحتي، علماً ان هذه الطريقة هي احدى تطبيقات منهجية تحديد خط الوسط. ومن الاسباب التي تم لأجلها اعتماد هذه الطريقة تأمين موقع متقدم للبنان في الدفاع عنه في حال التفاوض مستقبلاً على الحدود النهائية.

وهكذا، فإن اللجنة الثانية أكدت وتبنت ما توصلت اليه اللجنة الاولى التي تم تشكيلها اثناء تولي السنيورة رئاسة الحكومة.

اخيراً، فان خطوات كثيرة تم انجازها على صعيد هذا الملف، والمطلوب اليوم الاسراع في اقرار المراسيم التطبيقية العالقة في مجلس الوزراء بعد توفير اجماع وطني على حق لبنان العادل في استثمار موارده.