سامر الحسيني
عندما حضر خالد الزغناف الى العمل في الحقول الزراعية في البقاع قادما من احد نواحي حمص لم يكن عمره يتجاوز 14 عاما.
اليوم يبلغ الزغناف من العمر ما يقارب 51 عاما حيث تحوّل من عامل زراعي الى شاويش حقول وورش زراعية يعمل تحت امرته اكثر من 200 عامل زراعي من التابعية السورية، يتشابهون في معظمهم مع تاريخ قدومهم الى لبنان وعملهم في حقوله وسهوله ولهم من العمر في لبنان والبقاع تحديدا اكثر ممما قضوه من سنوات حياتهم في قراهم وبلداتهم السورية.
يمكن القول إنّ العمالة السورية لم تكن واقعا طارئا او مستجدا في البقاع، الذي خبر منذ سنوات طويلة قوافل من العمال السوريين ولم يكن عملهم او وجودهم يرتبط بأي من الاحداث السورية او اللبنانية، بقدر ما شكل حاجة لبنانية في قطاعات مختلفة لايقترب اليها ولايدنو منها اي من اللبنانيين كالعمل في الحقول الزراعية وورش البناء ومحطات الوقود وسواها من ورش العمل التي لم يكن لها اي ارتباط او تداخل مع المهن التي اعتاد عليها العمال اللبنانيون، وعليه نأى السوريون بانفسهم بعيدا عن مهن وعمل ابناء البقاع وخصوصا في المعامل الصناعية.
اعتاد البقاع على الاف من نماذج خالد الزغناف، ولهم منذ عشرات السنين حكايا وروايات، تحفظها كل حقول وسهول البقاع التي ترتبط معهم في مشوار عمر وحياة لم يكن تاريخه مع بداية النزوح السوري من جراء الاحداث الامنية في العام 2010.
كان لافتا وفي ظل وجود ما يقارب 800 الف سوري،ان تجتمع النقابات الزراعية وتناشد الحكومة اللبنانية بتسهيل اجراءات دخول ما تسميهم العمال الزراعيين الذين اعتادوا على حصاد وقلع المواسم الزراعية وهي مناشدة تتلاقى مع مطلب اصحاب ورش البناء في البقاع الذين يشكون نقصا كبيرا في عمالهم.
اقتصر تأثير النزوح السوري على قطاع العمل في البقاع، على منافسة البعض منهم لمهن ووظائف محددة ومحصورة كعمل بعض الفتيات في مكاتب الاطباء والمهن الحرة الى زيادة في اعداد العمال السوريين في ورش دهان وطرش البيوت والبلّاطين وبنّائي الحجر وسواها من الاعمال التي تتعلق بالبناء، في حين لايسجل فورة توظيف لعمال سوريين او سوريات داخل المؤسسات السياحية او الصناعية والاهم ان دوريات وجولات وزارة العمل على المؤسسات الخاصة يرافقها الكثير من الحزم والتشدد والعقوبات بحق من يرتكب مخالفة تشغيل وتوظيف سوري من دون اجازة عمل.
مع النزوح السوري انتشرت عشرات المؤسسات من المطاعم الصغيرة وفي مقدمها مطاعم الشاورما ومطاعم الوجبات الصغيرة الا ان هذه المطاعم لم تشكل اي تاثير سلبي على سواها من المطاعم اللبنانية التي استفادت ايضا من النزوح السوري الذي بات لبعض عائلاته الميسورة نوعا ما طاولات في صالاتها ومردود مالي لايستهان به من قبل هذه الفئة السورية.
لايمكن في البقاع الحديث عن تاثير العمالة السورية او التصويب عليها كعامل سلبي على القطاع الاقتصادي، في حين يشير البعض الى ان النزوح السوري ساهم في زيادة معدل الاستهلاك في البقاع من خلال عديده وما ينتج عنه من حركة مالية تقدر بمئات الاف الدولارات حتى ان هذا النزوح كان عاملا محفزا واساسيا لخلق عدة وظائف للمئات من البقاعيين والبقاعيات الذين يعملون في مؤسسات الامم المتحدة والمنظمات الشريكة ويصل عددهم في البقاع الى ما يزيد عن 3 الاف فرصة عمل اوجدها النزوح السوري عدا عن اكثر من 154 مؤسسة استهلاكية تصل الى جواريها شهريا الاف الدولارات من عائدات البطاقات الغذائية التي يستفيد منها النازح السوري.