كتبت هيام عيد في “الديار”
تنسحب حالة حبس الأنفاس بشكل متوازٍ على حلفاء “التيارالوطني الحر” كما على خصومه اليوم، ومن دون أي تمييز في ترقّب السيناريوهات المتعدّدة التي يخبئها العماد ميشال عون في ورقته المخفية والتي ينتظر اللحظة الملائمة للكشف عنها. وإذا كان خصوم العماد عون في السياسة، كما يؤكدون، يعتبرون أن تصعيده بوجه رئيس الحكومة تمام سلام وتيار “المستقبل”، مجرد قنبلة إعلامية، فإن حلفاءه يدركون عمق المأزق السياسي الذي تعيشه الحكومة، كما البلاد كلها في ظل التخبّط “الدستوري” السائد منذ الأيام الأولى لشغور موقع رئاسة الجمهورية.
وفيما ترتفع وتيرة التوتّر في الشارع بانتظار بلورة طبيعة التحرّك الميداني الذي يهدّد به العماد عون، رسمت مصادر سياسية قريبة من بكركي أكثر من علامة إستفهام حول جدوى التحرّك على الأرض ومدى فعاليته في تغيير المعادلة السياسية الراهنة، وبشكل خاص من حال التعطيل الممتدّة من قصر بعبدا إلى مجلس النواب وقريباً إلى الحكومة.
وبرأي هذه المصادر، فإن بكركي متفهّمة إلى أقصى الحدود مطالب واعتراضات “التيار الوطني الحر” على الوضع القائم، خصوصاً لجهة حديثه عن الغبن اللاحق بالمسيحيين في أكثر من إدارة ومؤسّسة رسمية، والذي تجلّى ويتجلّى في أكثر من استحقاق إداري وسياسي دستوري واقتصادي وحتى إجتماعي. لكنها في الوقت نفسه، تستدرك محذّرة من عملية استنهاض الشارع في هذه اللحظة الأمنية الحسّاسة داخلياً وإقليمياً، إذ وجدت المصادر أن التصعيد في الشارع دونه محاذير ومخاطر عدّة أبرزها أن تقوم جهات مشبوهة باستغلال التحرّك لتحقيق غايات وأهداف مرتبطة بأجندات خارجية لا تصب في المصلحة الوطنية، ولا تنسجم بالطبع مع أهداف تحرّك “الوطني الحر” وعناوينه المحقّة والمشروعة.
وتتابع المصادر نفسها، بأن ما من طرف مسيحي في فريقي 8 أو 14 آذار ومن حلفاء كما خصوم العماد عون، ينكرون “الغبن” الذي يجهد عون لمواجهته في حملته الإعتراضية هذه، لكنها اعتبرت في الوقت نفسه، أن كل الأطراف المسيحية تتخوّف من النزول إلى الشارع، ومنها من أعلن ذلك صراحة كرئيس تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية من الحلفاء، إضافة إلى باقي الأحزاب المسيحية غير المتحالفة مع العماد عون، والتي ترفض المجازفة بالمؤسّسة الوحيدة التي ما زالت منتجة، ولو بالحدّ الأدنى وهي مجلس الوزراء.
وأما بالنسبة لبكركي، فتكشف المصادر المسيحية نفسها، عن مقاربة مختلفة للحركة “العونية” الإعتراضية، وذلك انطلاقاً من العنوان الأساسي لدى المسيحيين، وهو انتخاب رئيس الجمهورية أولاً، والمطالبة والإعتراض على الظلم أو الغبن اللاحق بالطائفة في مرحلة لاحقة، ومن خلال موقع رئاسة الجمهورية. فالرفض الكامل المتوفّر على العناوين الموضوعة للحفاظ على الوجود قبل الحقوق المسيحية من قبل كل المراجع الدينية المسيحية، ومن بينها بكركي، لكن معركة استعادة الحقوق المسلوبة لا تكون فاعلة وممكنة في ظل ظروف سياسية وأمنية خطيرة، وفي لحظة يقف فيها كل اللبنانيين على حافة الهاوية بسبب الهجمة الإرهابية على لبنان. ولهذه الأسباب تتحدّث المصادر القريبة من بكركي، عن خشية وترقّب للإختبار المرتقب الذي ينوي “التيار الوطني الحر” تنفيذه في الشارع، كونه قد يشعل المواجهة، ويضيف أدوات جديدة للصراع السياسي والإنقسام الحاد في المشهد الداخلي، ومن دون أن تغفل الإشارة إلى استمرار المحاولات على أكثر من مستوى لتبريد نار المواجهة المرتقبة في الشارع، والتي قد تكون من دون أي سقف أو ضوابط.