خضر حسان
بقي نحو العام على موعد إنتهاء عقد تلزيم الشركات مقدمي الخدمات، والى حين موعد الإنتهاء، يستمر مسلسل خرق قانون تثبيت المياومين، إضافة الى خروقات كثيرة للإتفاقات السياسية، فضلاً عن غياب إجراءات الرقابة على أعمال هذه الشركات والأموال التي صرفت لأجل قيامها بمهمات تأمين سير قطاع الكهرباء. سيمر ذلك العام مرور الكرام كما مرّت السنوات الثلاث من مهلة العقد، ومياومو الكهرباء ينتظرون نتائج إمتحاناتهم في مجلس الخدمة المدنية، ونتائج التسويات بين مؤسسة كهرباء لبنان ومقدمي الخدمات، وذلك يرجّح امكانية عدم التوصل الى حل نهائي. وبما ان قطاع الكهرباء لم يتقدّم، وأي فراغ في آلية إدارته لا يخدم المصلحة العامة، لا يبقى أمام مهندسي التسويات والمصالح، إلا تأمين الطريق أمام تمديد عمل الشركات. خاصة وان ألعاب التمديد سبق وأن راجت بأشكال ملوّنة، ظن اللاعبون أنها لا تُرى. التمديد سيحصل، وفق ما تؤكده مصادر من المياومين لـ “المدن”، وللتمديد مؤشراته، التي لا تنتهي بعملية “المماطلة” في ملف إمتحانات ملء الشواغر. وبعيداً عن علامات الإستفهام التي حملها ملف تحديد الشواغر، تظهر ملاحظات أخرى في مسألة الإمتحانات، منها “طلب مؤسسة الكهرباء من مجلس الخدمة المدنية زيادة أعداد المقبولين للتثبيت، من بين الذين ينجحون في امتحانات الفئة (4-1)، والمفارقة ان هذا الطلب يفترض بالمؤسسة تبريره أمام المجلس، وهو ما لم يحصل. فلماذا باتت المؤسسة اليوم تحتاج بهذه السرعة الى أعداد جديدة؟ وفي حال استجاب المجلس ورفع العدد، فعلى أي أساس سيكون ذلك؟”. تعقيدات الفئة (4-1) يضاف إليها أزمة أكبر، وهي إقتراب الإنتهاء من إمتحانات الفئة (4-2) وإعلان نتائجها، وسط عدم وضع الآلية اللازمة للبدء بإمتحانات الفئة (5-1)، أي لم توضع بعد شروط التقديم والشهادة المطلوبة ومستوى الإمتحانات… وغير ذلك. وفي الوقت عينه، لا تستغرب المصادر ما يحصل، لأن “هذا الإجراء مرتبط بالتمديد للشركات، بل هو الآلية المطلوبة اليوم لكسب الوقت، والوصول الى موعد انتهاء عقود التلزيم من دون الإنتهاء من ملف التثبيت، وبالتالي وضع المؤسسة والبلد عموماً، امام خيارين، إما الفراغ وتحمّل العواقب، وإما التمديد للشركات”. وخيار التمديد، يفتح باب النقاش حول التمديد الجزئي (وهذا مستبعد) ريثما تنتهي المؤسسة من ملف التثبيت، أو إمكانية التمديد لفترة كاملة تشبه الفترة الحالية، أي أربع سنوات جديدة. وفي جميع الأحوال، فإن مؤسسة الكهرباء عليها حسم عملية تحديد المسؤوليات في موضوع عدم قيام الشركات بواجباتها على أكمل وجه، إلتزاماً بالعقود الموقعة معها. ومن بين الأمور التي لم تلتزم بها الشركات، تأمين سلامة المياومين أثناء العمل، وهو موضوع شائك، ساد خلاله الحديث عن صفقات تأمين معدات السلامة والوقاية، حيث لم تؤمّن بالعدد الكافي والنوعية المطلوبة. ونتيجة التساهل في موضوع الوقاية، توفي عدد من المياومين بصعقات التيار الكهربائي. وبشكل عام توفي 13 مياوماً منذ بدء الإعتصامات في العام 2012 لتحصيل الحقوق ولإقرار قانون التثبيت، ومن بين المتوفون، 5 مياومين توفوا بعد إقرار قانون التثبيت. وبالرغم من أن المتوفين صعقاً لم تكن وسائل الحماية المطلوبة مؤمنة لهم، “لم تتحرك مؤسسة الكهرباء ووزارة العمل لمتابعة الموضوع، وتحديد المسؤوليات”، بحسب المصادر. من جهتها تشير مصادر مقربة من إدارة مؤسسة الكهرباء، لـ “المدن”، الى ان “لا نتائج نهائية حول موضوع التثبيت حتى الآن، والمؤسسة تتابع الأمر مع مجلس الخدمة المدنية”، وتضيف حول وفاة بعض المياومين، ان “هذه المسألة يتم حلّها بين الشركات ووزارة العمل وفقاً لما ينص عليه قانون العمل”. بمعنى آخر، سحبت مؤسسة الكهرباء يدها من التحقيق في وفاة مياومين صعقاً، وهي المسؤولة عن متابعة الأمر لأنها سلطة الوصاية على عمل مقدمي الخدمات. أي انها معنية بالملف حتى وان كان قانون العمل هو صاحب الكلمة الفصل. فالمؤسسة تتحمل مسؤولية متابعة أسباب عدم تأمين شروط السلامة والوقاية، ومتابعة كل التجاوزات الحاصلة، لكن السمة الغالبة على قضية المياومين ومقدمي الخدمات، باتت سمة الصفقات والتسويات على حساب المياومين وقطاع الكهرباء.