طالب رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الدولة اللبنانية “بمنع عبور قوافل السّلاح والمسلّحين عبر الحدود، والحؤول دون إمعان البعض بالتّورّط في الأحداث السوريّة والسّعي الحثيث لدى الجهات الإقليميّة والدّوليّة المعنيّة لنشر مراقبين دوليين على طول حدودنا الشّرقيّة لمساندة الجيش اللّبنانيّ في مهمّة مراقبة الحدود وحمايتها، باعتبار انّ الحدود السّائبة تعلّم النّاس الحرام، فلا يجوز أن تبقى حدودنا سائبةً في غالبيّتها.”
جعجع، وخلال حفل أقيم في معراب لتوزيع 2200 بطاقة انتساب الى منطقة البقاع، أيّد الحراسات الليليّة في البلدات الحدودية “اذا كانت تشعر الأهالي بالطّمأنينة والأمان، شرط أن يحصل هذا الأمر بإشراف الجيش اللّبنانيّ وحده، وتحت أعين الدّولة اللّبنانيّة، لا أن يكون لصالح جهات حزبيّة كانت بالأساس السّبب في استجلاب الحرب السّوريّة الى أبواب لبنان”، داعيًا “إلى إنشاء لواء من أنصار الجيش اللبنانيّ، يتألّف من أبناء القرى الحدوديّة في البقاع الرّاغبين في حراسة قراهم وبلداتهم، ويعمل تحت إشراف قيادة الجيش مباشرةً.”
وجدد التأكيد أنه “لا يجوز أن تبقى انتخابات الرّئاسة في لبنان رهناً بالسّياسة في طهران، كما لا يجوز التلاعب بمصير أربعة ملايين لبنانيّ وشلّ حياتهم السياسيّة واستطراداً الاقتصاديّة بانتظار معادلات المنطقة وحصّة إيران فيها، باعتبار انّ تعطيل انتخابات الرّئاسة لم يأت بفخامة الرّئيس القويّ، وإنّما بفخامة الفراغ فحسب، إنّ الفراغ في موقع الرّئاسة لم يحسّن واقع اللّبنانيين ولا المسيحيين في ظلّ الظّروف الإقليميّة الرّاهنة، وإنّما أضر به أيّما ضرر”، مشيراً الى “ان الإمعان في تعطيل انتخابات الرّئاسة يزعزع الاستقرار السّياسيّ والأمنيّ والنّقدي، ويأخذ اللّبنانيين إلى المجهول، وبالتالي فإنّ الطريق الوحيد لإعادة الانتظام إلى عمل المؤسّسات وإعادة الاستقرار إلى لبنان والثّقة بالاقتصاد اللّبناني هو في انتخاب رئيس فوراً، رئيس يعبّر عن بيئته ويطمئنّ إليه اللّبنانيّون.”
وأضاف جعجع: “2 نيسان 1981، ملحمة أخرى من ملاحم البطولة والشّهادة على أرض لبنان. زحلة في فم الأسد، حصار قصف وتدمير لتركيعها، وشعب يأبى الموت إلاّ وقوفاً. عندما أراد النّظام الأسديّ محو عاصمة الكثلكة في الشرق وإبادة سكّانها حصاراً وقصفاً وتجويعاً، لم تكن داعش قد وجدت بعد. والأدهى، أنّه ترجم شعار “تحالف الأقليّات”، مجازر في القاع، وحصاراً للأشرفية، وقصفاً لزحلة، وفيما بعد مجازر في سوق الغرب وضهر الوحش، واغتيالات إجراميّةً، واعتقالات تعسّفيّة. ما تقوم به داعش اليوم في سنجار وكوباني والموصل، ما هو إلاّ نسخة منقّحة عمّا ارتكبه نظام الأسد بحقّ زحلة وسواها بالأمس القريب. فنظام الأسد وأعوانه هم السّابقون، والدّواعش هم اللاحقون.”
وتابع: ” كان على النّظام الأسديّ آنذاك، القضاء على زحلة لإحكام قبضته المطلقة على البقاع، وسدّ رئة الجبل عن السّهل، ومنع البقاع من تنشّق هواء الحرية من قمم جبل لبنان. فقرّر مقاتلو القوات اللبنانيّة الانضمام إلى أهالي زحلة الأبطال لمنع النّظام المحتلّ من غزوها. كان على هؤلاء الأبطال السّير لأيّام مضنية بين ثلوج قمم صنّين ونيران راجمات الاحتلال للوصول إلى زحلة، كانت التّضحية كبيرةً لكنّها هانت في سبيل زحلة والبقاع، وانتهت حرب زحلة بملحمة كبيرة قوامها عشرات وعشرات من البطولات وحكايات المجد.”
وذكّر جعجع أنه “في 15 نيسان 1981 تعرّض رتل من القوات اللبنانيّة في صنّين لإغارة طوّافات سوريّة، تشتّت الرّتل وضلّ رفيقان طريقهما بعدما قطعا مسافةً بعيدةً على الثّلج الكثيف. في صبيحة اليوم التّالي، وجد الرّفيقان وكان كلّ بجانب الآخر، وبينهما سلاحهما الفرديّ، وقد لفظا أنفاسهما الأخيرة من شدّة الصّقيع. هذان البطلان كانا فؤاد نمور وجورج نخلة. إنّ استشهادهما مع جميع الرّفاق الآخرين، حافظ على كرامة البقاع، وأبقى زحلة مدينةً لبنانيّةً حرّة، وأعطى مثالاً حيّاً للأجيال اللاحقة في الصّمود والبطولة والتّضحية. هذه هي القوات اللبنانيّة، أبطال يسقطون فوق القمم ليبقى سهلنا والجبل حراً، ودماء تروي الأرزة لتبقى خضراء وليبقى لبنان شامخاً أبيّاً. لم يكتف نظام الأسد بما ارتكبت يداه أيّام الحرب، بل تابع إجرامه، ولو بوسائل مختلفة، أيّام السّلم. وها هو رفيقنا نديم عبد النور يسقط غدراً بأيدي سلطة الوصاية، بعد سنتين على نهاية الحرب. وكلامنا على الشّهادة، وفي منطقة البقاع بالذّات، يبقى ناقصاً إن لم نعرّج على دير الأحمر ونستذكر شهيدها، شهيدنا الغالي، دائماً أبداً أكرم القزح. هذه هي القوات في أساس نشأتها، عطاء حتّى الاستشهاد، وإرادة لا تلين تقاوم القدر والزّمن والطّبيعة لتبقى لنا هذه البقعة من الشّرق حرّةً أبيّةً آمنة.”
وتابع:” في حديث إذاعيّ سئل الشّيخ بشير:كيف ترى مستقبل لبنان؟ فكان جوابه أن روى حادثة استشهاد الرّفيقين فؤاد نمور وجورج نخلة، مضيفاً ” مستقبل لبنان أراه كما رآه هذان الشّابان للمرّة الأخيرة، ناصعاً كالثّلج الذي حضنهما”. واليوم تحديداً، أضمّ صوتي إلى صوت الشيخ بشير لأؤكد أنّ مستقبل لبنان أراه، كما رآه هذان الشابّان وبقيّة شهدائنا، ناصعاً كالثّلج، فلا تخافوا باعتبار انّ مستقبل لبنان، بوجود شبّان مثلكم، وأبطال أمثال فؤاد نمور، وجورج نخلة، ونديم عبد النور، وأكرم القزح والآلاف غيرهم، وبوجود رجال يؤمنون بالقضيّة حتّى الاستشهاد، هو مستقبل ناصع كالثّلج، فيا نساء القوات ورجالها، ويا شابّاتها وشبّانها، ماذا تريدون أن يسمّى احتفالكم هذا؟ فليسمّى احتفالنا هذا: احتفال الشّهداء أكرم القزح، نديم عبد النور، فؤاد نمور وجورج نخلة!”
وقال جعجع: “بين المقاومة اللّبنانيّة والبقاع تاريخ من التّكامل والنّضال والبطولة في مواجهة الأخطار، فلا بقاع من دون مقاومة، لا بقاع من دون مقاومة، لأنّ وجود البقاع بحدّ ذاته كان على الدّوام محفوفاً بالأخطار المتأتّية من جيرانه. والمقاومة تبقى ناقصةً من دون البقاع، لأنّ الرّجولة والبطولة والسّخاء التي تميّز رجال البقاع، كانت مثال العصب والنّبض والحياة اللّازمة لاستمرار المقاومة، وصحيح أنّ البقاع هو الخاصرة الرّخوة للبنان التي حاول ولاة الشّام القديمون والحاليّون إخضاعها لإخضاع لبنان، لكنّ صمود أبنائه ومقاومتهم حوّلا هذه الخاصرة الرّخوة إلى قبضة حديديّة حطّمت مطامعهم وأهواءهم، ولا بدّ من تذكير البعض أنّ المقاومة في البقاع كانت دائماً مقاومةً لبنانيّةً ودفاعاً عن البقاع بالتّحديد، لا تمدّداً داخل القلمون والشام ودرعا وحلب.”
ورأى “انّ المقاومة الحقيقيّة في البقاع كانت على الدّوام مقاومةً دفاعيّةً تتسلّح بقوّة الحقّ والإيمان، شبيهةً بتلك التي يخوضها الجيش اللبنانيّ اليوم في وجه أيّ اعتداء يستهدف لبنان، ولم تكن يوماً “مقاومةً” تنتهك أراضي الغير دفاعاً عن بشار الأسد في الشام، وتستجلب الأخطار والاعتداءات على البقاع ولبنان وتجبر اللّبنانيين على تسديد فواتير باهظة، لأنّ المقاومة اللّبنانيّة الحقّة تبدأ في البقاع وتنتهي فيه، ولا تبدأ في القلمون وحلب ودرعا، ولا تنتهي حتّى في صنعاء وصعدة.”
وأشار جعجع الى انه “مضى ولاة عنجر إلى غياهب التّاريخ وبقيت القوات، وبقي أبطال البقاع يصنعون التّاريخ. مضى ولاة عنجر ومضى معهم ماض أسود من الاضطهادات والاعتقالات والتّصفيات عانى منها أهالي البقاع أكثر من سواهم، لن ننسى البطولات التي سطّرها أبطال المقاومة اللّبنانيّة من زحلة عرين الأسود إلى دير الأحمر وبتدعي والقدّام والمشيرفة. لن ننسى ضحايا وشهداء مجزرة القاع ورأس بعلبك في العام 1978، لن ننسى أبلح والفرزل وبرّ الياس وكفريا وعمّيق وصغبين وخربة قنافار ومشغرة وبيت لهيا، لن ننسى راشيا الوادي، بلدة الشّهيد نقولا أبو عسلي، لن ننسى معتقلينا في سجون نظام القبور.”
وأردف:”إن ننسى لن ننسى ما ارتكبه نظام الأسد في لبنان بشكل عام وفي البقاع بشكل خاص. إن ننسى لن ننسى الذين استشهدوا كي نبقى نحن ويبقى البقاع، وينتهي الظّلم ويزول الاحتلال. لن ننسى كلّ ذلك، ليس لأنّ الجرح مع النّظام الأسديّ عميق فحسب، ولا لأنّ المخفيين قسراً لم يعودوا إلى ديارهم أيضاً، ولا لأنّ دماء وسام الحسن وبيار الجميّل وجبران تويني لم تجفّ بعد، وإنّما لأنّ ارتكابات هذا النّظام وأعوانه ما زالت مستمرّةً بحقّ البقاع ولبنان حتّى السّاعة، وآخرها شبكة الأسد-مملوك-سماحة، عسى القضاء اللبنانيّ ينصف لبنان ولو لمرّة في هذه القضيّة.”
واعتبر جعجع أنه “صحيح أنّ الانتماء العلنيّ للقوات اللبنانيّة في البقاع إبّان الحرب وخلال حقبة الاحتلال كان محفوفاً بالمخاطر بسبب تملّك المخابرات السّوريّة به لعقود، إلاّ أنّ ذلك أعطى نتيجةً عكسيّة، فساهم في توسيع القاعدة الشّعبيّة للقوات عوض تقليصها، وشجّع شبّاناً بقاعيين كثيرين على تأييد قضيّتها المحقة، عوض أن يتسبّب بتخاذلهم أو رضوخهم للضّغوط، فأنتم الخميرة الصالحة في تربة البقاع الخصبة، لقد ناضلتم بكلّ ما أوتيتم من قوّة وصمود وجلد، وكنتم عصب المقاومة في زمن كان مجرّد التلفّظ فيه باسم القوات يودي بصاحبه إلى الملاحقة والسّجن والهلاك، إنّ وفاءكم للقضيّة مصدر فخر واعتزاز للقوات، لأنّكم أخذتم الرّهان الصّعب وتحمّلتم المخاطرة في البقاع، فيما آخرون تنعّموا بالأمن والحريّة والاستقرار في كنف المناطق المحرّرة، لو كانت القوات بصدد تقويم درجة التزام وإيمان وبطولة كلّ فرد منها، لحلّ قواتيّو البقاع في طليعة مناضليها. فهنيئاً للقوات بقوّاتها في البقاع، وهنيئاً للبقاع بقواته والقوات.”
ولفت الى أن “البقاع هو ثروة قوميّة على الصّعد الزّراعيّة والاقتصاديّة والصّناعيّة والتّجاريّة كافّةً، وهو أهراء الشّرق، ومستودع المواسم والخيرات…لكنّ البقاع مع ذلك يعاني إجحافاً كبيراً إن على صعيد تراجع الخدمات العامّة، أو لناحية صعوبة تصريف الإنتاج، أو لجهة غياب الإنماء المتوازن، أضف إلى هذه المشاكل الاقتصاديّة والمعيشيّة، مشاكل اجتماعيّةً وصحّيّةً وبيئيّةً وغيرها ناجمةً عن إهمال مزمن. في هذا السّياق، لا يمكن إلاّ أن نلقي الضّوء على مشكلة مزمنة يعانيها البقاع، ألا وهي زراعة المخّدرات.”
واستطرد جعجع: ” يعتقد البعض أنّ هذه الزراعة الممنوعة توفّر مداخيل لمزارعين ومواطنين مهمّشين في البقاع، ولكن يفوت هذا البعض أنّ الأذى الذي يصل إلى حدّ الموت، والذي تسبّبه المخدّرات لن يوفّر أولاده ولا أحفاده بالذات، ولن تعوّض عليه أموال العالم كلّه. فإنّ حرصنا على الشباب اللّبنانيّ بجميع فئاته، بمن فيهم أبناء هؤلاء المزارعين بالذات، قد حفّزنا لإطلاق حملة وطنيّة لمكافحة المخدّرات زراعةً وتجارةً وترويجاً ، ولن تتوقّف إلاّ وقد أصبح لبنان معافىً من هذه الآفة.”
وأشار الى أن “أمّ المشاكل في البقاع فهي الاهتزازات الأمنيّة الكثيرة وحالة الاضطراب التي تسود أجزاءً واسعة منه بفعل السّلاح غير الشرعيّ وعصابات السّلب والنّهب والإجرام من جهة ثانية. في هذا السّياق نتوقّف عند جريمة بتدعي التي ذهب ضحيّتها صبحي ونديمة الفخري، والتي هزّت الرّأي العام اللبناني، سائلين القضاء اللّبنانيّ والأجهزة الأمنيّة عمّا آل إليه مسار هذه القضيّة؟ ولماذا لم يتمّ توقيف أي من المرتكبين، وجميعهم معروفون، حتّى اليوم؟ إنّ دماء أبناء بتدعي ليست رخيصةً ولن نقبل بأن تكون مستباحة، من هنا فإنّنا ندعو الدّولة اللبنانيّة الى الضرب بيد من حديد والعمل على توقيف المتّهمين بهذه القضيّة فوراً وسوقهم إلى العدالة. إنّ منطق الدّولة ينافي منطق الثّأر العشائريّ، ولا نريد أن يكون غياب الدّولة سبباً في إزكاء هذا المنطق من جديد. فلتتحمّل الدّولة مسؤوليّتها.”
ودعا جعجع “الدولة اللبنانيّة اليوم إلى مشاركة البقاعيين همومهم الاقتصاديّة والاجتماعيّة والمعيشيّة والإنمائيّة، وفي هذا السّياق، ندعو إلى إنشاء منطقة اقتصادية حرّة في البقاع مخصّصة للصّناعات الغذائيّة التي توفّرها أراضي البقاع ومواسمه المتنوّعة، وهو مشروع حيويّ ومهمّ يحقّق النّموّ المتوازن، ويجذب الاستثمارات الخارجيّة، ويحرّك العجلة الاقتصاديّة ويحسّن الحركة الزراعيّة والتّجاريّة، بما يوفّر من فرص عمل كثيرة للبقاعيين ويساهم في تثبيتهم بأرضهم، ويزيل بعضاً من الإجحاف التاريخيّ اللّاحق بهم منذ عقود. تعالوا نحول البقاع إلى مناطق اقتصاديّة حرّة، عوض تحويله إلى بؤر أمنيّة وعسكريّة ملتهبة”.
ورأى ان “خطوة أخرى تسهّل على المواطن البقاعيّ حياته، هي الحكومة الإلكترونية: إنّ مشروع الحكومة الإلكترونيّة هو نقلة نوعيّة على مستوى الإدارة اللّبنانيّة يستفيد منه جميع اللبنانيين، ولا سيّما أهالي البقاع، بالنّظر إلى مساحة البقاع من جهة وبعده عن العاصمة من جهة ثانية. فلنضم جهودنا جميعاً لتحقيق هذا المشروع في أقرب وقت ممكن.”
وتوجّه جعجع الى اللبنانيين بالقول:”إنّ الدولة اللّبنانيّة مطالبة بمنع عبور قوافل السّلاح والمسلّحين عبر الحدود، والحؤول دون إمعان البعض بالتّورّط في الأحداث السوريّة والسّعي الحثيث لدى الجهات الإقليميّة والدّوليّة المعنيّة لنشر مراقبين دوليين على طول حدودنا الشّرقيّة لمساندة الجيش اللّبنانيّ في مهمّة مراقبة الحدود وحمايتها، باعتبار انّ الحدود السّائبة تعلّم النّاس الحرام، فلا يجوز أن تبقى حدودنا سائبةً في غالبيّتها.”
وإلى المواطنين في القرى والبلدات البقاعيّة الحدوديّة، قال جعجع:” إذا كانت الحراسات الليليّة في بلداتكم تشعركم بالطّمأنينة والأمان فنحن من المؤيّدين، ولكن شرط أن يحصل هذا الأمر بإشراف الجيش اللّبنانيّ وحده، وتحت أعين الدّولة اللّبنانيّة، لا أن يكون لصالح جهات حزبيّة كانت بالأساس السّبب في استجلاب الحرب السّوريّة الى أبواب لبنان، وإيقاعكم في الأخطار التي تتحسّبون ونتحسّب لها اليوم. فإنّنا في هذا الإطار ندعو إلى إنشاء لواء من أنصار الجيش اللّبنانيّ، يتألّف من أبناء القرى الحدوديّة في البقاع ألرّاغبين في حراسة قراهم وبلداتهم، ويعمل تحت إشراف قيادة الجيش مباشرةً.”
وجدد التأكيد أنه “لا يجوز أن تبقى انتخابات الرّئاسة في لبنان رهناً بالسّياسة في طهران، كما لا يجوز التلاعب بمصير أربعة ملايين لبنانيّ وشلّ حياتهم السياسيّة واستطراداً الاقتصاديّة بانتظار معادلات المنطقة وحصّة إيران فيها، باعتبار انّ تعطيل انتخابات الرّئاسة لم يأت بفخامة الرّئيس القويّ، وإنّما بفخامة الفراغ فحسب، إنّ الفراغ في موقع الرّئاسة لم يحسّن واقع اللّبنانيين ولا المسيحيين في ظلّ الظّروف الإقليميّة الرّاهنة، وإنّما أضر به أيّما ضرر. فالإمعان في تعطيل انتخابات الرّئاسة يزعزع الاستقرار السّياسيّ والأمنيّ والنّقدي، ويأخذ اللّبنانيين إلى المجهول، وبالتالي فإنّ الطريق الوحيد لإعادة الانتظام إلى عمل المؤسّسات وإعادة الاستقرار إلى لبنان والثّقة بالاقتصاد اللّبناني هو في انتخاب رئيس فوراً، رئيس يعبّر عن بيئته ويطمئنّ إليه اللّبنانيّون.”
وناشد جعجع اللبنانيين “العمل جاهدين لترسيخ دعائم وحدتنا الوطنيّة وتعميقها توخّياً لمزيد من الاستقرار لنظامنا السّياسيّ، ولثقة أكبر في اتّفاق الطائف. وفي هذا الإطار، نرى أنّه لم يعد هناك أيّ مبرّر للتّأخّر في إقرار قانون جديد للانتخابات النّيابيّة كما إقرار قانون استعادة الجنسيّة لما لهذين القانونين من تأثير كبير على لحمتنا الوطنيّة وتفاهمنا وتعاضدنا في مواجهة كلّ طارىء ومستجدّ في خضمّ كلّ ما يجري في المنطقة.”
وتوجّه الى المنتسبين بالقول:”إنّ البطاقة التي تتسلّمون اليوم هي مسمار ندقه في نعش التّقاليد البالية، إنّها شمعة نضيئها على دروب الحريّة والديموقراطيّة والحياة الحزبيّة السّليمة. إنّ بطاقتكم الحزبيّة هي بمثابة تتويج لمسار نضاليّ وسياسيّ طويل تجسّد بحزب عصريّ ديموقراطيّ مرن، إسمه القوات اللبنانية. فحافظوا على هذه البطاقة، محافظة أبطال زحلة والقاع ودير الأحمر والبقاع الغربي، على هويّة البقاع، وكرامة لبنان.”
وأضاف: “من دير الأحمر الى صغبين، ومن زحلة وقاع الريم والفرزل ورياق وأبلح وجديتا وتربل وتعلبايا الى عيناتا وبرقا والقاع وراس بعلبك، ألقوات في صلب البقاع من شماله إلى غربه، ومن وسطه إلى شرقه. من سفح حرمون إلى سفح صنين وعيون أرغش وقمّة القرنة السوداء. عيوننا ساهرة على لبنان، لخدمة الحرّيّة والإنسان. نجدّد العهد أن تبقى القوات اللبنانيّة ملكاً للشّعب كله، لا أن تصبح أسيرة قلة أوليغارشيّة أو بيروقراطيّة أو عائليّة، أو دكّاناً يدار بعقليّة الكسب السّريع. نجدّد العهد والوعد أن تبقى القوات حزب القضيّة والرّؤيا والمشروع، لا أن تصير حزب المختار ومزراب العين والنّاطور. إنّ القوات صوت من العالي ينده للكرامة والحرّيّة، لا رجع صدىً لأزمنة الإقطاع. ألقوات أبطال لا منتفعون، مقاومون لا مرتزقة، مناضلون لا مرابون. ألقوات فئات شعبيّة ونخب فكريّة ومهنيّة لا سماسرة غبّ الطّلب لأقلّية نفعيّة مصلحيّة.”
وختم جعجع:” هيّا إلى القوات، تبسط لكم ذراعيها لتحتضنكم رفاقاً أعزّاء، أبطالاً أشدّاء، وأبناءً أوفياء. هيّا إلى القوات، إلى حيث التّاريخ ينبعث من وقفات عزّها كلّ يوم من جديد، وإلى حيث المجد يقطف من كروم زحلة والبقاع وصنين وكلّ لبنان ويعصر في خوابي المقاومة انتصارات وإنجازات، وإلى حيث يعتّق في أقبية الذاكرة والتّاريخ والوجدان، حتّى يرفع شعبنا نخب الوجود الحر على مرّ الأزمان. إنّ البطاقة التي تتسلّمونها اليوم، هي بطاقة دعوة إلى هذا المسار العظيم، وهذا التّاريخ المجيد، فلا تتخلّفوا عن تلبيتها.”