IMLebanon

ماذا في خفايا المعركة الحقيقية لعون؟

aoun

 

كتبت سابين عويس في “النهار”: لم يكن رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون في حاجة إلى عرض العضلات الضعيف وغير العفوي إطلاقاً الذي مارسه بعض مناصريه أمام السرايا الحكومية على وقع عرض مماثل لوزير خارجيته جبران باسيل داخل قاعة مجلس الوزراء، ليحقق أهداف تحركه التصعيدي، الذي من أجله أعد العدة وهدد وتوعد منذ اسبوعين. ذلك أن حقيقة التحرك وأهدافه لم تكن مطلقا تحت عنوان “إستعادة حقوق المسيحيين المسلوبة من السنة”، بل كانت في مكان آخر.

وبدا كلام باسيل أن هذا التحرك سيفتح صفحة جديدة في المشهد السياسي صحيحاً، لأن مفاجأة التحرك التي وعد بها تحققت، إذ تم نقل المعركة من مسألة تعيين قائد للجيش إلى ساحة أخرى هي المجلس النيابي وعنوانها إنتخابات نيابية كما الرئاسية، محبطا بذلك مسعى جدياً كان يجري العمل عليه في الكواليس الضيقة لإستدراج عون إلى المجلس النيابي لإنتخاب رئيس!

كثر استغربوا اسباب عدم حشد عون لقواعده الشعبية لإبراز حجمه، وهم يدركون أن لزعيم التيار البرتقالي وزنه في الشارع المسيحي. لكن الواقع أن عون لم يكن في حاجة الى الحشد بما أن عنوان معركته لم يكن أصلا حقوق المسيحيين، بل كان في حاجة إلى مشهدية غير تقليدية لينقل فيها معركته من ساحة إلى أخرى ومن عنوان إلى آخر. وقد تحقق له ما أراد.

فالمعركة ليست في الواقع ضد رئيس الحكومة، بل هي ضد خيبة مني بها الرجل بعدما بلغه معلومات عن حركة سياسية تنشط في بعض الاوساط المحلية معطوفة على بعض مواقع القرار الخارجي من أجل الضغط في إتجاه تأمين نصاب لجلسة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وبحسب المعلومات التي توافرت لـ”النهار” أن تلك الحركة نبعت من مسعى للإفادة من فرصة قد تكون متاحة أمام اللبنانيين، في ظل دعم دولي لضرورة الإنتخاب، من أجل إنتخاب رئيس جديد، وخصوصا أن مناخاً قاتما يحوط الرئاسة في ظل المخاوف من أن ينسحب الفراغ على السلطة التنفيذية، فتُعطل الحكومة تحت شعارات حماية حقوق المسيحيين. ورشح أن المساعي كانت تركز على ضرورة توفير غطاء مسيحي كاف لعملية الانتخاب، فكان إقتراح باستمالة نائبين من “تكتل التغيير والاصلاح” وحتى خارجه لتأمين نصاب جلسة انتخاب رئيس يتم تداول اسمه من خارج إصطفافي 8 و14 آذار.

وتشير مصادر سياسية الى ان بلوغ هذه المعطيات عون دفعه إلى قلب الطاولة ليعيد رسم مشهدية جديدة قائمة على 4 ثوابت ستشكل محور معركته المقبلة:

– رفض أي إنتخابات رئاسية قبل إجراء إنتخابات نيابية وإقرار قانون للإنتخاب. علما ان عون يدرك تعذر حصول هذين الامرين في ظل الظروف السياسية والامنية القائمة، والتي دفعت اساسا الى تمديد ولاية المجلس. مما يعني عمليا بقاء المجلس معطلاً إنتخاباً وتشريعاً.

– الطعن بشرعية المجلس الممدد له، بما يقضي على أي حظوظ لإعتراف عون بأي رئيس ينتخبه هذا المجلس إذا صحت المعلومات المتداولة.
– الطعن بتمثيل الاكثرية النيابية الحالية التي إنبثقت من إنتخابات 2009، بما يوفر له كل الذرائع للطعن بأي رئيس تأتي به هذه الاكثرية من خارج موافقته.

– استعجال طرح الفيدرالية لجس نبض المناخ المسيحي عموما من جهة ولإستنهاض هذا الشارع عبر تثبيت منطق حمايته والدفاع عن وجوده. لكن الواقع ان عون يرمي في مكان ما الى حجز مقعد له على طاولة الخريطة الجديدة للمنطقة التي ترتسم معالمها تدريجا، وقد تتبلور بعد إتضاح معالم الاتفاق النووي.

وإذا كانت حسابات الربح والخسارة الجارية حاليا في الاوساط السياسية قد صبت في غالبيتها ضد عون وتحركه ومواقفه، فإن الرجل نجح في مكان ما في قلب الطاولة على لاعبيها ليقول:”انا هنا ولا تسوية من دوني”.

وعليه، فإن المشهد السياسي والحكومي كما النيابي، سيكون محكوما بالمعادلات الجديدة التي طرحها عون في حركته الانقلابية الاخيرة والتي قادها وحيدا مظللاً بتعاطف حليفه الابرز “حزب الله”.