اعتبر وزير العدل اللواء أشرف ريفي أن دار الفتوى التي تشكل صرحا كبيرا من الصروح الدينية والوطنية، قائلاً “هي الدار التي دفعت الثمن الكبير ولا تزال، حفاظا على وحدة المسلمين، وعلى العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين، وقدمت الشهداء الكبار وفي طليعتهم المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد”، مشيرًا الى أنها كانت ولا تزال، نموذجا في إعلاء قيم الإعتدال والوطنية، حيث عملت على تعزيز ثقافة الوصل بين اللبنانيين.
ريفي، وفي كلمة خلال مأدبة إفطار أقامها على شرف مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان في أوتيل الميرامار في طرابلس، أضاف: “لقد إنتهجت هذه الدار نهج الإعتدال، وكم نحن بحاجة إلى ترسيخ هذا النهج الذي يمثل جوهر الإسلام وعقيدته السمحاء، وإن ديننا الحنيف عاش تاريخيا وفي معظم الحقبات، على تقبل الآخر، وهذا التراث المجيد، نتمسك به اليوم في مواجهة دعاة الإرهاب والتطرف ومن يقف وراءهم”.
وتابع: “بحضوركم يا صاحب السماحة وأصحاب الفضيلة والسيادة نكرر الدعوة إلى قيام تحالف المعتدلين من كل الطوائف والمذاهب في مواجهة ما يسمى بتحالف الأقليات الذي يحتمي بالأقليات عن ستار ادعاء حمايتها، وإن وجودكم وأمثالكم في المواقع الدينية المتقدمة، يعطينا الأمل أن صورة الإسلام ستبقى ناصعة كما يجب أن تكون، فالإسلام كما نفهمه، وكما علمتمونا، هو دين لا يعرف الحقد والبغضاء، إنه دين قائم على قبول الآخر، وإحترام رأيه، إنه رسالة سلام للإنسانية، إنه سلام على الآخرين وعلينا، هذا هو الإسلام، وهو ليس بحاجة لمن يدافع عنه، الإسلام قادر على الدفاع عن نفسه بقيمه الإنسانية”.
وأضاف ريفي: “نحن قادرون عبر مؤسساتنا الدينية، عبر رجال الدين الأجلاء، عبر قياداتنا التي تتحلى جميعها بالوعي اللازم، على رد مؤامرة تشويه الإسلام إلى أصحابها، ولدار الفتوى في لبنان، وللمؤسسات الدينية في العالمين العربي والإسلامي، مواقف تشهد على ما نقول، كما لقوانا الحية في المجتمع المدني، ولغالبية أهلنا مواقف بطولية تشهد، على أننا واعون لحجم المخاطر وقادرون على مواجهتها”.
ورأى أننا “نعيش اليوم خطرا على لبنان الدولة والكيان بفعل سلوك انقلابي خطير، يهدف إلى تحقيق مكاسب عائلية تحت ستار تحصيل حقوق الطوائف”، مضيفًا “لأصحاب هذا السلوك نقول، أن حقوق الطوائف مصانة بالدستور وبالمناصفة وبالميثاق وبالعيش المشترك، أما منطق اختزال الطوائف بالأفراد وبالعائلات منطق متخلف ومرفوض”.
وقال ريفي: “لقد إنتقل البعض من معادلة أنا أو لا أحد التي عطلت إنتخاب رئيس الجمهورية، إلى معادلة أنا وعائلتي أو لا أحد التي تهدد بتعطيل المؤسسات الباقية، ولأصحاب هذا السلوك الذين يتلاعبون بالأمن النسبي الذي تعيشه البلاد نقول: كفوا عن تهديد الاستقرار، فالسقف حين يسقط يسقط على رؤوس الجميع، ومن يهدد بالشارع يرتد الشارع عليه، فقد سئم الناس استخدامهم في معارك وصولية وشخصية، ولأصحاب هذا السلوك الذي يستدرج فتنة إسلامية مسيحية نقول: هذه الفتنة لن تقع، وسنفشل مع أهلنا وكل اللبنانيين المخلصين، كل دعوات الفتنة، فنحن شعب واحد، صهرته دماء الشهداء ولن يعود الزمن إلى الوراء، مهما ابتدعوا في فنون التحريض والفرقة”.
ولفت الى أن “الخطر الذي يتهددنا اليوم، يكمن في تعطيل المؤسسات وشلها، بدءا برئاسة الجمهورية، التي لم يتورعوا عن إحداث الفراغ فيها، وها هم اليوم يهددون بشل عمل مجلس الوزراء، وكل ذلك تحت عنوان تحصيل الحقوق، فكم من جرائم ترتكب بإسم تحصيل الحقوق”، سائلاً “أليس إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، أول الطريق نحو تأمين حقوق اللبنانيين مسلمين ومسيحيين؟”.
وتابع ريفي: “إننا مدعوون اليوم إلى لحظة يستفيق فيها الضمير الغائب، كي نبني معا هذا الوطن، كي نحصن المؤسسات، التي عبرها يتأمن الاستقرار، عسى أن يتحقق هذا الهدف، الذي وحده يحمي اللبنانيين ويقيهم، من هول ما يحصل في المنطقة من لهيب، ورغم الأهوال، فإني أغلب التفاؤل على التشاؤم، وإني أرى أن فجر الحرية بدأ يلوح في الأفق، وأن التغيير الحقيقي آت، وإن الإصلاح الحقيقي آت أيضا، فصبرا قليلا أيها الأخوة”.
وأردف: “ما شهدناه بالأمس، يندى له الجبين، فقد شهدنا، ديماغوجية فاقعة، ودونكيشوتية مبتذلة، لقد سمعنا، كلاما أقل ما يقال فيه أنه يخرج عن آداب اللياقة، آسف أن يكون ذلك تحت عنوان الشراكة الوطنية والحفاظ على صلاحيات الرئاسة الأولى، ومن يتابع تسلسل الأحداث، منذ بداية هذا الشهر الكريم، يلاحظ وبوضوح أن هناك من يحاول إستهدافنا من خلال محورين أساسيين، أولا: شيطنتنا”.
ورأى ريفي أن “من سرب أفلام التعذيب في سجن رومية وأرفقها بأفلام شبيهة، ومن سرب منذ أيام معدودة فيلما على مواقع التواصل الإجتماعي لأحدى الشخصيات السياسية التي ينعتنا فيها بنعوت تشبهه وفبرك السيناريو الأخير للموضوع الحكومي وللتحركات الشارعية، فضح نفسه من خلال بيان كتلته النيابية التي أذاعته يوم أمس”.
وقال ريفي: “هناك من يحاول شيطنتنا ورفع الإحتقان لدى شبابنا، سبق ونبهت ولمرات عديدة أن واجبنا يقتضي التحسب لتداعيات التطورات المتسارعة في سوريا، وبكلام أوضح أن نتحسب للحظة سقوط نظام بشار الأسد، وعلينا أن نتحضر لحماية وطننا وتخفيض التداعيات السلبية لهذه التطورات الدراماتيكية، وكلما تسارعت التطورات في سوريا تسارعت الإحتقانات في لبنان”، مشددًا على تمسكه بلبنان وطنًا نهائيًا، و”سنبقى متمسكين بالعيش المشترك وبالمناصفة وليس المثالثة، سنبقى على موقفنا الإعتدالي، سنبقى محافظين على تنوعنا الطائفي والمذهبي وننظر إليه على أنه يشكل قيمة مضافة لهذا الوطن ويجعل منه وطن الرسالة”.
وإعتبر أن “من يطالب بالحفاظ على صلاحيات رئيس الجمهورية وعدم استغيابه كان عليه أن يمنع حصول الشغور الرئاسي، وعليه اليوم أن يسرع في إنتخابات الرئاسة الأولى، هذا سلوك الوطنيين الحقيقيين الواعين لأهمية المشاركة الوطنية ولإيجابيات التنوع الوطني، ضمن الوحدة”.
وقال ريفي: “نعم يا صاحب السماحة، نحن واعون، ومصرون، على صون وطننا الذي إخترناه وطنا نهائيا لنا جميعا، مسلمين ومسيحيين، سنة وشيعة ودروزا وعلويين، والحفاظ على أمنه واستقراره ووحدته، وعلى عيشنا المشترك وعلى اعتدالنا.