بينما اضطرت الشركات النفطية في عدة دول إلى الاستغناء عن بعض العمالة، بسبب انحسار إيراداتها، فإن الوضع في الكويت يبدو مختلفاً حيث يحصن القانون عمالة هذا قطاع “الذهب الأسود” من التسريح أو تقليص مميزاتهم. ورغم أن شركات النفط الكويتية، اضطرت إلى تقليص النفقات غير الضرورية، والتي كانت تثقل كاهلها، في محاولة منها لتقليص الخسائر، التي تكبدتها جراء هبوط الأسعار لأقل من 60 دولاراً في المتوسط، إلا أن ذلك التقليص لم يطل العمالة بحسب مسؤولين في هذه الشركات. وذكر العضو المنتدب لشركة الخدمات النفطية، علي العبيد، أنهم اتخذوا قراراً بتخفيضات كبيرة في بنود الترفيه والمصروفات غير الضرورية ولكنهم لم يمسوا الرواتب والمميزات الأساسية للموظفين. وقال لـ”العربي الجديد”: “اتخذنا العديد من الإجراءت لخفض الإنفاق، وصدر بها قرار رسمي لتقليص التكاليف، ولكن لم يصل الأمر إلى تسريح الموظفين، لأن القانون الكويتي يحميهم، كما لم نمس المميزات والحقوق المكتسبة للموظفين”. وشركات النفط مملوكة للدولة في الكويت. وبحسب خبير النفط الكويتي، عبدالسميع بهبهاني، فإن الفرق بين الدول والشركات في التعامل مع خفض الأسعار، هو أن “الشركات قلصت من ميزانياتها على حساب موظفيها وقامت بخفض كبير في الإنتاج”. وأضاف “في المقابل تظل الحكومات ملزمة بأعداد الموظفين والمشاريع وتبقي كلفة البرميل على حاله، ولهذا هي تلجأ لتقليل نفقات الاستكشافات المستقبلية”. وبينما لم يتم تقليص مميزات قطاع النفط، فإن الحكومة الكويتية قررت مؤخراً تقليص نفقات الإدارات الحكومية، لتخفض وزارات الدولة نفقاتها بنسبة 15%، في مقابل إجراءات اقتصادية تسعى الحكومة إلى اعتمادها، من ضمنها رفع أسعار البنزين بهدف خفض الدعم الاستهلاكي.
ولكن العبء الأكبر من الخفض ستتحمله مشاريع تطوير مصافي النفط والتكرير والبتروكيماويات جراء استمرار هبوط أسعار النفط لـ12 شهراً متواصلة. وفي هذا الإطار، أجلت الكويت في مارس/آذار الماضي 6 حزم مشاريع نفط وغاز، تصل قيمتها إلى 11.6 مليار دولار، ما عزز المخاوف من إمكانية تأجيل الموعد النهائي للمشاريع التي كان من المتوقع ترسيتها هذا العام. وكانت الكويت استثمرت مبلغاً يتجاوز 17 مليار دولار في تطوير مصافيها النفطية تحت مظلة مشروع طموح يسمى (الوقود البيئي) والمتوقع افتتاحه عام 2018، ويهدف المشروع الضخم الذي بدأ العمل في تنفيذه في أبريل/نيسان 2014 إلى تحديث وتطوير أكبر مصافي النفط في الكويت، وهما مصفاتا ميناء الأحمدي وميناء عبدالله من خلال إضافة وحدات تصنيعية جديدة ترفع القدرة التكريرية لهما، وتتيح إنتاج مشتقات بترولية عالية الجودة متوافقة مع المواصفات العالمية الأكثر تشدداً من ناحية الحفاظ على البيئة. وأكد رئيس مجلس إدارة شركة نفط الكويت، سامي الرشيد، أن “من الأفضل للحكومة أن تنوع في إنتاج النفط وخلق تكامل بين إنتاج النفط الخام والنفط المكرر، وأيضاً لصناعة البتروكيماويات، مع وجود هذا التكامل سيكون الوضع أفضل في أوقات الأزمات لخلق توازن في الإنتاج”. وكان وزير المالية الكويتي، أنس الصالح، قال في بيان أمام مجلس الأمة الكويتي (البرلمان) في الأول من يوليو/تموز الجاري، إن بلاده سجلت عجزاً في موازنة السنة المالية 2014/2015، بواقع 2.31 مليار دينار (7.63 مليارات دولار)، وذلك للمرة الأولى منذ 15 عاماً. وأوضح الوزير أن “العجز المالي في ميزانية دولة الكويت قد تحقق بأسرع مما يتصور الجميع حيث حققت مالية الدولة عجزاً لأول مرة منذ السنة المالية 1999/2000.. الكويت تواجه عجزاً مالياً مبكراً عن التوقعات بسنوات”. ولتغطية هذا العجز، أشار الصالح، إلى أن الحكومة تدرس إصدار سندات من بين خيارات مختلفة، لتمويل العجز.