اعطى البرلمان اليوناني الضوء الاخضر الى حكومة الكسيس تسيبراس للتفاوض بشأن خطة مساعدة جديدة على اساس مقترحات “بعيدة” عن الوعود التي اطلقها في حملته الانتخابية لكنها استقبلت بالترحاب من قبل الدائنين.
فقد وافق البرلمان اليوناني بغالبية 251 صوتا (من اصل نوابه الـ300) على هذه المقترحات التي تستعيد في خطوطها العريضة ما كان يرغب به الدائنون، وهذا ينعش الامل مجددا في امكان التوصل الى اتفاق يسمح للبلاد بالبقاء في منطقة اليورو.
ومساء الجمعة الماضي كشف مصدر اوروبي ان المؤسسات الدائنة الثلاث (الاتحاد الاوروبي، البنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي) اعتبرت مقترحات اثينا “ايجابية” وتشكل “قاعدة للتفاوض” من اجل حصول اثينا على خطة مساعدة ثالثة بقيمة 74 مليار يورو.
وفي الوقت نفسه وقف رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس امام البرلمان داعيا النواب من كل التوجهات الى التصويت على خيار “المسؤولية العليا” وان يجيز له التفاوض بشأن هذه الخطة، معترفا في الوقت نفسه ان الحكومة ارتكبت “اخطاء” وان الخطة “بعيدة جدا” عن وعود حزب سيريزا لكنها تبقى في نهاية المطاف افضل الممكن.
لكن تنازلات الحكومة اثارت اعتراضات في صفوف اليسار الراديكالي، فامتنع ثمانية نواب عن التصويت، وصوت نائبان ضد المقترحات فيما تغيب سبعة عن جلسة التصويت بينهم وزير المالية السابق يانيس فاروفاكيس.
وهذا التعبير عن سحب الثقة من الحكومة يحدث شرخا في الغالبية البرلمانية بالنسبة لجلسات التصويت اللاحقة وقد يؤدي الى تغييرات في داخل الحكومة بحسب المعلقين. وقد دعمت المعارضة الاشتراكية والمحافظة بشكل واسع النص.
وسيدرس وزراء مالية منطقة اليورو “اليوروغروب” المقترحات قبل التوصل في افضل الحالات الى “اتفاق سياسي” قبل انعقاد قمة استثنائية للدول الـ 28 الاحد قد تعيد اطلاق المفاوضات رسميا.
وسيتعلق الامر بدراسة الوثيقة التي نشرت ليل الخميس الجمعة وتلتزم فيها اثينا باعتماد قسم كبير من التدابير التي اقترحتها الجهات الدائنة، وذلك بعد اقل من اسبوع من تصويت الشعب اليوناني بـ”لا” بنسبة 61% على نص مشابه جدا.
وفي الواقع باتت مقترحات اثينا قريبة جدا من رغبات الدائنين بخصوص معظم المواضيع الخلافية مثل التقاعد وضريبة القيمة المضافة والخصخصة وضريبة على الشركات.
وكانت الاسواق المالية استبقت الجمعة التطورات الجديدة وتفاعلت بشكل ايجابي مع تسجيل تحسن لليورو والبورصات الاوروبية.
واعتبر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مقترحات اثينا “جدية” و”ذات مصداقية”.
وفي وقت تنتشر فيه شائعات كثيرة عن دعم كبير لفرنسا الناشطة من اجل التوصل الى تسوية في تحضير التدابير، اعتبر رئيس الوزراء مانويل فالس من جهته مقترحات اليونان “متوازنة وايجابية”.
وكانت الحكومة الالمانية رفضت اعطاء رأيها مؤكدة انه “لا يمكنها ان تعطي رأيها في مضمون” المقترحات في هذه المرحلة و”تتريث حتى تصدر المؤسسات رأيها” قبل اليوروغروب.
لكن بعض اليونانيين الذين صوتوا بـ”لا” الاحد عبروا عن استيائهم.
وتظاهر سبعة الى ثمانية الاف شخص مساء الجمعة في اثينا بدعوة من النقابة الشيوعية بامي واحزاب اليسار. وكتب على احدى اللافتات “سيريزا يدعم الرأسمالية”. وقالت طالبة قريبة من حزب انتارسيا (تمرد) “اذا كان اليونانيون قد صوتوا بهذه الكثافة الى جانب الـ (لا)، فلانهم يريدون وضع حد لسياسة التقشف. ان حكومة تسيبراس لا تاخذ هذا الامر في الاعتبار”.
وهذه التدابير يفترض ان تستمر حتى الاثنين لكن نائب وزير المالية ديمتريس مارداس المح الجمعة الى امكانية تمديدها مع بعض التعديلات.
وكان تسيبراس عبر عن الامل في امكان فتح “مناقشة جدية حول اعادة هيكلة الدين” اليوناني الذي يبلغ 180% من اجمالي الناتج الداخلي. واعتبر مانويل فالس ان “وضوح الافق” بشأن هذه النقطة امر ضروري.
وينقسم الاوروبيون بشأن هذا الموضوع لكن اثينا تشدد على هذه المسألة بدعم واضح من فرنسا وصندوق النقد الدولي ورئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك والعديد من خبراء الاقتصاد.
ورات برلين الجمعة “القليل جدا من هامش المناورة” لاعادة هيكلة هذا الدين. لكن ذلك يسجل بعض التقدم مقارنة بالخميس عندما قالت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ان خفض الدين اليوناني “غير وارد”. والخيار الاكثر ترجيحا هو “اعادة هيكلة طفيفة” للدين.
واعتبر وزير المالية اليوناني الجديد اقليدس تساكالوتوس من جهته ان “مطالب كثيرة لليونان حول الدين ستتم الموافقة عليها” مشيرا في شكل خاص الى مبادلة 27 مليار يورو من السندات بين البنك المركزي الاوروبي وآلية الاستقرار الاوروبية.
في المقابل تميز سلفه يانيس فاروفاكسي الذي تغيب عن الحضور الى البرلمان بموقف في مقالة لصحيفة الغارديان البريطانية حيث اتهم وزير المالية الالماني فولغانغ شويبله بانه يريد خروج اليونان من اليورو لاخافة فرنسا والحض على القبول ب”نموذج ضبط منطقة اليورو”.