ماري هاشم
لم تعد سلسلة الرتب والرواتب الهاجس الوحيد لموظفي وعمال القطاع العام، ليس لعدم أولويتها فحسب، بل لبروز مشكلة جديدة على سطح الأزمات المتنوّعة في الساحة اللبنانية.
وهذه المشكلة ليست جديدة بل أصبحت دورية في هذه الفترة، وتبرز من وقت إلى آخر في الحديث عن عدم قدرة الحكومة ممثلة بوزارة المال، على تأمين الرواتب والأجور للقطاع العام. ويدور في أروقة الموظفين والعمال همس أن الدولة لن تتمكن من تسديد الرواتب في شهر أيلول المقبل في ظل غياب مشروع الموازنة منذ العام 2005 وحتى اليوم.
هل هناك فعلاً أزمة رواتب للقطاع العام، وهل من حل لها هذه المرة؟
سؤال طرحته «الديار» على رئيس قسم الأبحاث الإقتصادية والمالية في بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل الذي أوضح أن «ما يتردّد عن وجود مثل هذه الأزمة، غير مؤكد حتى الآن»، عازياً جزءاً من هذا الكلام، إلى خلفيات سياسية وأسباب عدة مغايرة لا علاقة لها بالأرقام»، لافتاً إلى «احتمال وجود شيء من هذا القبيل، إنما بشكل محرَّف ومضخّم، من هنا لا يمكن معرفة مدى صحة وجود مثل هذه الأزمة بالحجم الذي يُتداول به». وقال: الحديث عن مشكلة رواتب في القطاع العام، منتشر بين الناس ولا سيما في صفوف موظفي القطاع العام وهم قلقون حيال هذا الأمر. إذ بغض النظر عما إذا كان ذلك صحيحاً أم لا، أو أنه مبني على أرقام أم يفتقر إليها، ينتاب موظفو القطاع العام الخوف والقلق من الوصول إلى شهر أيلول المقبل من دون أن يقبضوا رواتبهم.
وأضاف: في رأيي الحل سيكون محتماً، لأنه لا يمكن للدولة أن تترك شريحة كبيرة من الشعب اللبناني من دون مدخول، وفي كل مرة تظهر هذه الأزمة، سرعان ما يجد لها المعنيون حلاً ويؤمّنون الرواتب لموظفي وعمال القطاع العام. لذلك لا بد من إيجاد الحل من اليوم وحتى حلول أيلول المقبل.
} «ما حدث في الشارع مؤسف» }
وعن تأثير مشهدية الشارع على ثقة المستثمر والمستهلك معاً بلبنان وباقتصاده، قال غبريل: ما حدث الأسبوع الفائت لا يساعد في تأمين عامل الثقة، أولاً لجهة ثقة المستهلك بلبنان كما الأسَر والأفراد الذين في غنى عن أي توتر إضافي وتعزيز اللاإستقرار، فنحن نعيش أصلاً في ظل فراغ رئاسي وشبه شلل في المؤسسات الدستورية، ولسنا بالتالي بحاجة إلى مزيد من الإضطرابات وحال عدم اليقين والإنجرار إلى عدم الإستقرار.
} تمديد مهلة إقرار المشاريع المالية }
وفي المقلب الآخر، علّق غبريل على موضوع تبلغ لبنان الأسبوع الفائت قرار تمديد مهلة إقرار ثلاثة مشاريع قوانين مالية تتعلق بمكافحة تبييض الأموال ومحاربة تمويل الإرهاب، فقال: برغم عدم صدور بيان رسمي في هذا الشأن، فإن هذا القرار يمهل لبنان مدة إضافية لإقرار القوانين الثلاثة، لكنه يعكس في الوقت ذاته، تقصير الدولة اللبنانية عن القيام بما هو ضروري وواجب القيام به منذ ثلاث سنوات وليس اليوم، إذ أن عدم تمرير مشاريع قوانين بهذه الحيوية والأهمية بالنسبة إلى القطاع المصرفي والإقتصاد اللبناني وصورة لبنان وقطاعه المصرفي في الخارج، وعدم القدرة على إقرارها منذ ثلاث سنوات، تعكس فشلاً وتقصيراً محلياً وتظهر ضرورة ملحّة لتمرير تلك المشاريع بغض النظر عن المهل المعطاة من الخارج، لكونها تصبّ في مصلحة لبنان واقتصاده وقطاعه المصرفي، وتحسين صورتها في العالم.