بعد دخول المفاوضات حول البرنامج النووي الايراني اسبوعها الثالث، تراجع منسوب التفاؤل الذي ساد الاسبوع الماض، وارخى مزيد من الغموض بظله على احتمال التوصل الى اتفاق بسرعة، مع رفض طهران وضع حدود زمنية وحديث واشنطن عن استمرار وجود “قضايا صعبة”. وأمهل المفاوضون انفسهم حتى يوم الاثنين للتوصل لاتفاق نووي وهو ثالث تمديد في أسبوعين.
وفي اعقاب تمديد جديد للمحادثات، التقى الطرفان الرئيسيان في المفاوضات وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره الايراني محمد جواد ظريف في قصر كوبورغ في فيينا صباحا.
واثر هذا اللقاء الذي يأتي ضمن سلسلة اجتماعات منذ 26 حزيران والذي استمر لساعة ونصف ساعة كتب كيري على موقع تويتر انه لا تزال هناك قضايا “صعبة تتطلب حلا”.
وتحدث ديبلوماسيون عن حرب كلامية بين كيري وظريف.
وقد تعقد لقاءات اخرى ايضا، اذ قال مسؤول ايراني ردا على سؤال عن احتمال ارجاء المفاوضات ان “ليس لدينا اي مهلة زمنية للتوصل الى اتفاق جيد”.
والهدف من هذه الجهود هو اغلاق ملف يرخي بظله على العلاقات الدولية منذ اكثر من 12 عاما.
وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية مارك تونر “يجب الحصول على افضل اتفاق ممكن، (اتفاق) يصمد امام الامتحان، ويمنع ايران من تصنيع قنبلة ذرية او امتلاك واحدة”، مؤكدا ان الاطراف “سيعملون في نهاية الاسبوع” في هذا الاتجاه.
ويتهم الغربيون ايران بالعمل على برنامج نووي عسكري بغطاء مدني منذ عام 2003، وهو ما تنفيه طهران بشدة.
ومنذ 2006، فرض المجتمع الدولي عقوبات عدة على طهران، اثقلت كاهل اقتصاد البلاد التي تعد حوالى 77 مليون نسمة.
وبدأت جهود التوصل الى اتفاق حول البرنامج النووي الايراني في ايلول العام 2013 مع وصول الرئيس المعتدل حسن روحاني الى الحكم في الجمهورية الاسلامية.
وفي تشرين الثاني من العام نفسه توصلت ايران ومفاوضوها الى اتفاق اطار جمدت ايران بموجبه جزءا من انشطة برنامجها النووي مقابل رفع محدود للعقوبات.
وبعد جولات عدة، تهدف مفاوضات فيينا الى وضع اللمسات الاخيرة على نص من مئات الصفحات قيد المناقشة. لكن المفاوضات التي كان يفترض ان تفضي الى اتفاق في المهلة التي حددت في 30 حزيران، مددت مرات عدة.
وحتى لو كانت المحادثات تسير “ببطء شديد”، بحسب وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، الا ان جميع الاطراف متفقون على انه تم احراز تقدم.
ومساء الجمعة اعطى كيري بارقة امل متحدثا عن تسوية بعض “المسائل العالقة” خلال جلسات تمت في اجواء “بناءة جدا” خلال اليوم.
ومنذ ايام عدة، تطالب طهران بالتزام فوري برفع كل العقوبات التي تؤثر في اقتصادها وكذلك تلك التي تشمل تجارة الاسلحة وبرنامجها البالستي، واعلنت موسكو التي تبيع الأسلحة لإيران الجمعة تاييدها للمطالب الايرانية.
لكن الغربيين، ومع اقرارهم بان لكل بلد برنامجه العسكري التقليدي، يعتبرون ان رفع الحظر عن الاسلحة سيكون صعبا امراره على الصعيد السياسي بالنظر الى الظروف الاقليمية وضلوع ايران في نزاعات عدة ابرزها سوريا والعراق.
وثمة ايضا خلاف على وتيرة رفع العقوبات وتفتيش المواقع العسكرية الايرانية ومدة الاتفاق.
والخميس، تصاعدت النبرة مع اتهام كل جانب للآخر بعدم اتخاذ القرارات اللازمة.
وبالنسبة الى المحلل كيلسي دافنبورت، المتخصص في هذا الملف، فان “الوقت ليس للمزايدة والمواقف المتصلبة. هذه لحظة تاريخية، ويمكن ان تكون هناك عواقب وخيمة اذا فشل المفاوضون في اغتنام الفرصة لابرام اتفاق جيد”.
وحذر الخبير الذي يعمل في منظمة مراقبة الاسلحة في واشنطن من ان “ارجاء قرار ابرام اتفاق في هذه المرحلة، او الفشل في حل التفاصيل النهائية وترك طاولة المفاوضات، سيسمح للخصوم المتشددين الرافضين للاتفاق، لاسيما داخل الكونغرس الاميركي، بالتحرك لمنع وضع الصيغة النهائية لاي اتفاق”.
وهؤلاء يستعدون فعلا للمعركة. والجمعة، رحب السناتور الجمهوري جون كورنين بواقع ان مجلس الشيوخ “اثبت في الماضي انه لا يقف مكتوف اليدين حين يوقع الرئيس اتفاقات لها عواقب وخيمة على الامن القومي”. وقال انه مستعد للعمل مرة اخرى “لحماية مصالح” الولايات المتحدة في حال تم الاتفاق مع ايران.
وفي حال ابرام اتفاق، سيقدم النص الى المشرعين الاميركيين الذين يمكنهم عرقلته ولكن بغالبية الثلثين في الكونغرس.