Site icon IMLebanon

كيف تستفيد شركات النفط الوطنية من تراجع الأسعار عالمياً؟

OilProduction
تتعامل شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط مع التوقعات غير المؤكدة والمتقلبة على نحو متزايد، والتي تؤثر في قطاع النفط والغاز بالكامل. ولكن أسعار النفط المنخفضة، على الرغم من أنها تتصدر عناوين الصحف، ليست سوى جزء من التحدي. تملك شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط أقل تكاليف إنتاج في العالم، ولكن حقولها بدأت تشيخ واستخراج الموارد أصبح أكثر تعقيداً. واستجابة لانخفاض أسعار النفط، بدأت بعض شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط بالفعل بخفض التكاليف، وإعادة النظر في توقيت البرامج، ومراجعة أسعار خدمات حقول النفط وأنشطتها الإنمائية. ومع ذلك، ينبغي أن تهدف أي تغييرات إلى المرونة الاستراتيجية والاستدامة على المدى الطويل.
هناك 4 مجالات رئيسية يجب على شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط أن تستخدم فيها البيئة الحالية لتفعيل التغييرات: خفض التكاليف، وبناء القدرات، وزيادة التركيز على الغاز لتنويع محافظهم الاستثمارية، وتحسين الكفاءة الداخلية وعمليات صنع القرار.
كما يجب على شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط أن تقارن تكاليفها داخلياً، وأن تقارنها مع تكاليف الشركات الأخرى. إذ يوفر هذا الأمر للإدارة رؤية أوضح لهيكل التكاليف في جميع عمليات شركات النفط الوطنية المختلفة جداً والواسعة. ويكمن الهدف في أن تفهم وتغير التكاليف بتأنٍّ وبشكل مستدام، بدلاً من القيام بخفض تكاليف غير محسوب. وهذا أمر مهم لأن شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط هي أكثر من مجرد منتجي نفط وغاز. فهم يدفعون عجلة التنمية الاقتصادية الوطنية، وهم موردون مهمّون بالنسبة للاقتصاد العالمي. أي عملية لإعادة هيكلة التكاليف يجب أن تدعم هذا الدور طويل المدى ، وليس أن تحد من مرونة الاستجابة في المستقبل.
وينطبق هذا التركيز طويل المدى أيضاً على إعادة دراسة تكاليف المورد والمقاول. إن شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط تتدارس بالفعل عقود الخدمة. فقد ارتفع سعر الخدمات الهندسية والمشتريات والإنشاءات وخدمات حقول النفط قبل تراجع أسعار النفط في الآونة الأخيرة. ومع ذلك، تراجع الطلب يعني أن الموردين والمقاولين لديهم مزيد من القدرة متاحة. الأمر الذي يضع شركات النفط الوطنية في موقف تفاوض ممتاز. كما تلتزم شركات النفط الوطنية باستثمارات كبيرة على المدى الطويل، وهو ما يميزهم كعملاء مهمين ومختلفين للمقاولين والموردين خاصتهم.
وبنفس القدر من الأهمية، يمكن لشركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط إعادة صياغة أسعار الموردين والمقاولين بطريقة تعاونية تعترف بأهمية العلاقات التجارية طويلة الأجل واعتمادها على هذه الشركات الخارجية. كما يمكن لمزودي الخدمة أن يصبحوا شركاء استراتيجيين، مما قد يعني إقامة تحالفات استراتيجية وعروض خدمات متكاملة بين الموردين وشركات النفط الوطنية.
إن الفرصة المتاحة لشركات النفط الوطنية كي تتقرب أكثر من الموردين والمقاولين هي أيضاً وسيلة لبناء القدرات الداخلية، وتبني أفضل الممارسات. إذ يمكن لشركات النفط الوطنية تعزيز مواردها البشرية وقدراتها التقنية في الوقت الذي تتزايد وتتنوع فيه التحديات التشغيلية. مرة أخرى، حجم شركات النفط الوطنية والتزامها طويل المدى يعني أن بإمكانها الاستفادة من حالة عدم التيقن في صناعة النفط والغاز العالمية لسد الثغرات في القدرات وتوظيف أفضل المواهب بشكل ممنهج. ويمكن أن يتم جزء من ذلك من خلال التحالفات الاستراتيجية مع الموردين وشركات النفط العالمية. كما يمكن لشركات النفط الوطنية أيضاً أن تحصل على القدرات التقنية والتكنولوجية المطلوبة في الخارج من خلال عمليات الدمج والاستحواذ.
وفيما يتعلق بمحافظهم الاستثمارية، يجب على شركات النفط الوطنية زيادة التركيز على الغاز. حيث تخصص حالياً معظم النفقات الرأسمالية، الخاصة بالتنقيب والاستخراج، للنفط. ومع ذلك، فقد قلل انخفاض سعر النفط من الحاجة لمزيد من طاقة إنتاج النفط على المدى القصير. ومن خلال التركيز على الغاز أكثر، يمكن لشركات النفط الوطنية أن يصبحوا أقل اعتماداً على عائدات النفط على المدى الطويل، وأن يقوموا بتلبية الطلب المتنامي على الغاز في منطقة الشرق الأوسط. وعلى وجه التحديد، فان تطوير مصادر الغاز الذي لا ينتج عن استخراج النفط سيزيد من المرونة الاستراتيجية.
ولتحسين كفاءتهم الداخلية، يمكن لشركات النفط الوطنية أن تعيد النظر في العمليات الداخلية الأكثر أهمية. هذا يعني جعل هذه العمليات أكثر قوة والتأكد من أن الجوانب التجارية والفنية للأعمال تنشئ علاقة عمل أكثر تعاوناً وتنسيقاً. ومن هذه العمليات: التقييم التجاري والفني للمشاريع المقبلة.
كما يمكن لشركات النفط الوطنية أيضاً زيادة تعزيز عملية اتخاذ القرارات الخاصة بهم، حيث إن سعر النفط، الذي يخضع لمجموعة من العوامل، سيبقى متقلباً لسنوات مقبلة. لذلك يجب على الشركات أن تكون أفضل في التكيف مع حالة عدم التيقن الموجودة في السوق. وهذا يعني اتباع نهج مرن للاستراتيجية التي تتكيف مع السيناريوهات المحتملة المختلفة. وتشمل هذه القرارات تحديد المستوى المناسب لطاقة إنتاج النفط، وكم هو مقدار وسرعة تطوير النفط والغاز غير التقليدي، وما إذا كانوا سيقومون باستيراد الغاز أو تطويره محلياً.
من خلال الاستجابة بتأن وبشكل استراتيجي، يمكن لشركات النفط الوطنية أن تستغل فرصة أسعار النفط المنخفضة لتكثيف جهودها الرامية إلى تغيير الطريقة التي يقومون بها بالعمل وبناء المرونة والقدرات لتعزيز موقفهم على المدى الطويل.