Site icon IMLebanon

تراجع المؤشرات يزيد عمليات الصرف ومعدلات البطالة وينعكس سلباً على التسليف

EconomicFiguresStat
عدنان الحاج
أبرز المؤشرات على تطورات الوضعين المالي والاقتصادي العام في البلاد، يتعلق بموضوع تراجع نشاط التسليفات للقطاعات الاقتصادية بشكل عام، لاسيما القطاعات التي تعتمد على نشاط المواسم والمناسبات، لتسجل نموها الأكبر في ظل تراجع النمو الاقتصادي والحركة التجارية واقفال الاسواق الخارجية في وجه الصادرات اللبنانية، وبالتالي نشاط الحركة السياحية وتدفق حركة الاستثمار، وهي الانشطة الأكثر تأثرا بالتطورات الامنية والسياسية في المنطقة وعلى صعيد الداخل.
فمعدلات البطالة تنمو بشكل أكبر بأضعاف من النمو الاقتصادي المقدر بحوالي 2 في المئة، كذلك عمليات الصرف الذي يعالج بتعويضات تنذر بتخطي نسبة البطالة 24 في المئة من القوى العاملة، وحوالي 45 في المئة في صفوف الخارجين حديثا إلى سوق العمل من الجامعيين.
انعكاسات خطيرة على فرص العمل
وطبيعي أن تنسحب هذه الحركة الجامدة أو شبه الجامدة على خلق فرص العمل الجديدة وبالتالي توسع حركات الصرف من الخدمة. وهذه العوامل تصيب أكثر ما تصيب حركة القروض وتزيد عدد ونسب الممتنعين عن الدفع من اصحاب القروض، ولاسيما ان مجموع المستفيدين من التسليفات يفوق 700 الف مقترض، القسم الأكبر منهم من اصحاب المداخيل المحدودة وهم اصحاب القروض الفردية لاسيما السكنية منها. ومن ثم قروض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الأكثر تعثراً في ظل تراجع النشاط الاقتصادي خلافاً لأصحاب القروض الكبيرة والمؤسسات الكبرى الذين يتعاملون ويستفيدون من القسم الأكبر من قيمة القروض وهم الأقل عددا بشكل عام.
وعلمت «السفير» أن عشرات المؤسسات في القطاعات السياحية والتجارية دخلت مرحلة التعثر ومرحلة ما قبل الإفلاس نتيجة الجمود المسيطر على بعض النشاطات الأساسية وتراجع النشاط السياحي وخصوصاص حركة السياح العرب والخليجين إلى لبنان.
في التفصيل، أن المستفيدين من القروض الفردية يبلغ عددهم حوالي 520 الف مستفيد يشكلون حوالي 84 في المئة من المقترضين بمتوسط قرض قدره حوالي 50 مليون ليرة تقريباً. في حين متوسط القروض التجارية والسياحية وتمويل التجارة يتراوح ما بين 185 مليون ليرة لتجارة المفرق وحوالي 971 مليون ليرة لتجارة الجملة، وحوالي 825 مليون ليرة للفنادق والمطاعم. مع الاشارة إلى ان عدد المستفيدين من القروض السياحية يبلغ حوالي 3758 مؤسسة بقيمة قروض قدرها حوالي 2585.7 مليار ليرة (حوالي 1.8 مليون دولار اميركي).
وطالما ان هناك تزايداً في عدد الذين يفقدون فرص عملهم حسب الاحصاءات الكبيرة والأخيرة لصندوق الضمان وتقديرات بعض القطاعات النقابية حيث يفوق عدد تاركي العمل عدد الداخلين إلى سوق العمل حسب تقديرات عدد المستفيدين من صندوق الضمان الاجتماعي ، حيث تزداد عمليات الترك المبكر من دون الإفادة من كامل تعويضات نهاية الخدمة، وهذه الفئة من العمال والمستخدمين خسرت مابين 25 و50 في المئة من قيمة تعويضاتها نتيجة الترك المبكر أو الصرف من العمل قبل بلوغ السن أو قبل امضاء 20 سنة خدمة حسب نظام الضمان الاجتماعي.
بالعودة إلى القروض الفردية والقروض السكنية يتضح ان عدد المستفيدين من القروض السكنية، ومعظمهم من اصحاب الدخل المحدود الذين حصلوا على قروض لاقتناء منزل مقابل اقساط شهرية تصل الى حوالي 30 في المئة من قيمة راتبهم الشهري . هذه الفئة من اصحاب القروض السكنية التي يبلغ عددها اليوم حوالي 105 الاف مقترض لما قيمته حوالي 15186 مليار ليرة بمتوسط قرض قيمته حوالي 146 مليار ليرة .
تعثر في بعض القطاعات وامتناع عن الدفع
المشكلة هي أن حوالي 4.5 إلى 5 في المئة من هؤلاء المقترضين ومن بينهم المقترضين من القروض الخاصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، يعانون من التعثر ومخاطر التوقف عن الدفع نتيجة تفاقم الظروف العامة في البلاد وتراجع المؤشرات الاقتصادية وارتفاع وتيرة حالات الصرف من الخدمة. وتشير الاحصاءات ان حال التعثر من اصحاب قروض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مازال بحدود 3 و3.5 في المئة على اعتبار أن قدرة تحمل المؤسسات الصغيرة تبقى محدودة في وجه امواج الازمات المتزايدة في لبنان ومن حوله.
فهناك العديد من حالات التوقف عن الدفع من اصحاب القروض السكنية والفردية يعود لفقدان العديد من الشباب فرص العمل نتيجة ارتفاع معدلات الصرف في العديد من القطاعات، كذلك تراجع النشاط في القطاعات الانتاجية وتضرر مثلث النمو الاقتصادي في لبنان بسبب عدم الاستقرار وتراجع حركة الاستثمارات في القطاعات الأساسية وحتى الموسمية . فعندما يزداد الصرف فإن مئات الشباب حصلوا على تسليفات مصرفية عبر ضمان رواتبهم التي يفقدونها مع فقدان العمل، وهذا أمر يشكل مشكلة اجتماعية للشباب من فاقدي فرص العمل، وللقطاع المصرفي نتيجة تزايد المتخلفين عن الدفع من المقترضين مما يفرض على المصارف تكوين مؤونات لتغطية الديون الرديئة البالغة حوالي 4.5 مليارات دولار من اصل حوالي 51 مليار دولار التسليفات المصرفية للقطاع الخاص.
تبقى إشارة هامة بالنسبة لتوافر السيولة لدى المصارف للتسليف بينما يتراجع الطلب عليها بفعل الظروف الاقتصادية وظروف عدم الاستقرار في المنطقة وتراجع المؤشرات.. لقد ضربت الموفورات المالية (الاحتياطات المالية) لدى القطاع المصرفي رقماً قياسياً جديداً خلال العام 2015 وتخطت حتى الشهر الماضي حوالي 66.689 مليار دولار وهي تزداد بشكل ملحوظ نتيجة عدم الاقبال على التسليف. فقد ارتفعت هذه الموفورات حوالي 9 مليارات دولار خلال العام 2014 بما نسبته حوالي 16.74 في المئة على صعيد سنوي حيث زادت من 54.7 مليار دولار نهاية العام 2013 إلى حوالي 63.8 مليار دولار نهاية العام 2014 . هذا على الرغم من الحوافز التي قدمها مصرف لبنان بدعم التسليفات بالليرة اللبنانية لتحريك عجلة القروض التي ذهب أكثرها للقطاع السكني للشباب من طالبي المساكن والذين يشكلون القسم الأكبر من المقترضين من اصحاب الدخل المحدود.
تبقى إشارة إلى ان هذه الموفورات تشكل حوالي 45 في المئة من اجمالي الودائع المصرفية البالغة حوالي 147.8 مليار دولار. بمعنى آخر ان مصرف لبنان يقوم باستيعاب الودائع المصرفية لديه مقابل فوائد لعشر سنوات مما يعكس ضعف وغياب التوظيف والتسليف خلال المرحلة الراهنة التي تعاني سؤ التوظيف وصعوبات تسديد المتوجبات على الرغم من توافر السيولة لدى القطاع المصرفي في لبنان.. بمعنى آخر ان السيولة الجاهزة لدى القطاع المصرفي للتسليف تفوق 16 مليار دولار تقريباً وهي معدلات سيولة جيدة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة في الدول المجاورة. مع الاشارة إلى أن الودائع المصرفية في لبنان تحافظ على معدلات نمو جيدة وهي بلغت خلال الفترة المنقضية من العام 2015 حوالي 2.5 في المئة مقابل نمو في العام الماضي بلغ حوالي 6.07 في المئة. في لم تزد التسليفات أكثر سوى 0.9 في المئة أي اقل من الواحد في المئة.
في المحصلة أن معظم المؤشرات إلى تراجع في حين الأزمة الاقتصادية والاجتماعية إلى تزايد نمو بما يفوق مرات عدة معدل النمو الاقتصادي المختلف التقديرات مع نمو الأزمات السياسية التي تنشط ضرب القطاعات الاقتصادية وحتى الانتاجية من زراعة وصناعة وسياحة. وبما أننا دخلنا موسم الصيف لابد من الإشارة أن المبيعات السياحية تراجعت من 9 مليارات دولار العام الماضي، إلى حوالي 4 مليارات دولار هذه السنة بسبب الوضع السياسي المأزوم لاسيما في موازاة التصعيد القائم والذي لن تنتهي مفعيله عند موسم الصيف الحالي.
بالنسبة لعمليات الافلاس، هناك حديث بعشرات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي اقفلت بعد عجزها عن الاستمرار وتسديد مستحقاتها. هناك عشرات على الطريق في حال استمرار الظروف المؤاتية لعدم الاستمرار. هناك الآف العمال من المضمونين وغير المضمونين المصروفين من الخدمة والساعين إلى تصفية تعويضات نهاية الخدمة بتسوية مع اصحاب العمل ووزارة العمل أو من دون علم السلطات المعنية ناهيك عن الحالات التي تتم بالتراضي بين العمال والمؤسسات التي تسعى على تخفيض كلفتها الادارية بالصرف او استبدال العمالة اللبنانية باليد العاملة الأرخص ومنها السورية وغيرها.
هناك تراجع بالتسليف وتخلف عن الدفع من قبل مئات بل الآف المؤسسات والافراد حيث ارتفعت قيمة الديون المشكوك بتحصيلها إلى أكثر من 5 مليارات دولار ونسبة المتخلفين عن الدفع إلى أكثر من 5 في المئة خلال العام 2015. هناك بحث جدي من المؤسسات المعنية بتقديم المزيد من التسهيلات لضمان حقوقها عند المدينين.