تُجمِع أوساط وزارية متعددة الاتجاهات السياسية، حتى من ضمن قوى “8 آذار”، على ان “حلفاء العماد ميشال عون بدأوا منذ أيام بمساعدته على الخروج من الحفرة التي أوقع نفسه فيها بحسابات ظهرت انها شكلت انتكاسة كبيرة له منفرداً. فاذا كان كل من رئيس “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية والامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله لم يتخليا عن دعم الأُطر العامة لمطالب زعيم “التيار الحر” في ما يتعلق بآلية عمل مجلس الوزراء والتعيينات الأمنية، فإن كلاهما رسم له في المقابل الخطوط الحمر التي تمنع انهيار الحكومة، مظهريْن- كلٌّ على طريقته- تحفظّاتهما عن أسلوب التصعيد الذي بالغ فيه الى حدود فاجأت حلفاءه قبل خصومه”.
وتضيف هذه الاوساط عبر صحيفة “الراي” الكويتية، ان “عون بدا كأنه استوعب الانتكاسة التي مني بها من خلال تراجعاته حول طرح الفيديرالية، ولكنه لم يُظهِر بعد مرونة كافية حول ما يمكن التوصل إليه في شأن مخارج محتملة لمسألة التعيينات الأمنية، بدليل انه انبرى الى الهجوم بعنف على قائد الجيش العماد جان قهوجي شخصياً على خلفية الصدام الذي وقع بين بعض أنصاره من المتظاهرين وبين الجيش خلال محاولته اقتحام السرايا الحكومية الخميس الماضي، كما افتعل مشكلة ارتدّت عليه سلباً في منع محطة (إم تي في) التلفزيونية من تغطية نشاطاته في الرابية”.
كما تشير الاوساط الوزارية نفسها الى ان “ما جرى في دارة رئيس الحكومة تمام سلام من تدفّق للوفود الشعبية تأييداً لموقفه في وقوفه ضد الاستفزازات والتهجمات التي طاولته على لسان وزير الخارجية جبران باسيل (صهر عون) في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء والحملة الكلامية لأنصار عون عليه باتهامه بـ”الداعشية”، رسمت الناحية الأخرى للنتائج السلبية التي ارتدّت على عون باعتبار انها استفزّت الشارع السنّي المعروف باعتداله”.
وجاءت هذه التزكية لمواقف سلام قبيل ساعات ايضاً من الإفطارات التي أقامها “تيار المستقبل” في مختلف المناطق استعداداً لاطلالة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وكلمته فيها التي استندت بشكل خاص على اعادة تثبيت خطاب مشروع الدولة واستعجال انتخاب رئيس الجمهورية والتمسك بثوابت الطائف والاعتدال السنّي والوطني في مواجهة التطرف والتحديات الاقليمية والداخلية من دون الغرق في ردود على عون. علماً ان أنصاراً كانوا استبقوا إطلالته عبر الشاشة امام نحو 17 الف مدعو بحملة دعم له عبر “تويتر” من خلال هاشتاغ “يوم السعد لما تطلّ” عكس عملية استنهاض للشارع السنّي حول الحريري بعد اندفاعة عون وكلام نصر الله الجمعة الماضية، الذي برّر تورطه في سوريا بالقول ان طريق القدس تمر بالقلمون والزبداني والسويداء والحسكة.
وتشير الأوساط الوزارية الى ان ّمجمل هذه اللوحة يشكّل نظرياً اطاراً إيجابياً من زاوية إبراز تَقاطُع مختلف القوى الداخلية على منْع تَفاقُم الأزمة الحكومية، ومحاصرة الاتجاهات التصعيدية للفريق العوني وردّها الى العقلنة بالحدود الدنيا. ولكن ترجمة هذه الاتجاهات لا تزال تحتاج الى مخارج عملية لإعادة انتظام العمل الحكومي، وربما يبدأ ذلك من نقطة انفراج محتملة هذا الاسبوع تتمثّل باكتمال التواقيع المطلوبة على مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، الأمر الذي سيُعدّ احد العناوين الأساسية للاتجاه نحو التسوياتّ.