آنا نيكولا
في أحد السجون الخاصة في الولايات المتحدة، تمت مرافقة مجموعة من الرجال عبر الممرات الخالية. لكن بدلاً من إخبارهم بوقت إطفاء الأنوار، أو عدد المرات التي سيُسمح لهم فيها بالخروج من زنزاناتهم، تم إطلاع هؤلاء الرجال – الذين يرتدون بدلات رجال الأعمال بدلاً من بدلات السجن برتقالية اللون – على العمليات في المُجمّع.
هذا لأن السجن ليس مجرد إصلاحية؛ إنه أيضاً من الأصول الثمينة. مجموعة جيو ومؤسسة الإصلاحيات الأمريكية – أكبر مالكين للسجون الهادفة للربح في الولايات المتحدة – هما من الشركات المُدرجة في بورصة نيويورك بقيمة سوقية تبلغ 2.6 مليار دولار وأربعة مليارات دولار، على التوالي. وهما تسيران وفق طقوس علاقات المساهمين مثل أي شركة عامة أخرى، بما في ذلك عرض أعمالها على المحللين والمصرفيين.
لكن ما يجذب المساهمين إلى ما يُقارب 60 مرفقا و80 ألف سرير في مؤسسة الإصلاحيات الأمريكية، لا يتعلق كثيراً بأعمال السجون. بدلاً من ذلك، يجذبهم معدل الضريبة الفعّال على الشركات البالغ 2.4 في المائة، والتزامها بدفع ما لا يقل عن 90 في المائة من دخلها كأرباح أسهم.
السبب في ذلك هو أن مؤسسة الإصلاحيات الأمريكية، مثل منافستها مجموعة جيو، تحوّلت إلى صندوق استثمار عقاري قبل عامين. أنشأت مؤسسة الإصلاحيات الأمريكية ما يُسمى صندوق استثمار عقاري فرعي خاضع للضريبة، الذي يخضع للضريبة كشركة خاصة ويقوم بتشغيل السجون، في حين إن بقية الشركة تُصبح شركة عقارات – مع التزامات ضريبية أقل وقيمة سوقية أعلى.
شركات تشغيل السجون الخاصة ليست الشركات الوحيدة التي تتخذ هذه الخطوة. مع انتعاش سوق العقارات مرة أخرى بعد أزمة المنازل في عام 2007، سارعت المزارع والشركات الإعلانية والكازينوهات ومتاجر التجزئة جميعا إلى الاستفادة من قيمة أصولها العقارية من خلال التحوّل إلى هياكل صناديق الاستثمار العقاري. منذ عام 2008، ارتفع عدد صناديق الاستثمار العقاري في الولايات المتحدة من 136 إلى 216، مع قيمة سوقية مُجتمعة تبلغ نحو 900 مليار دولار.
يقول ديفيد دي لا روزا، المحلل في شركة جرين ستريت الاستشارية “إن ما ستقوم الشركات بتسليط الضوء عليه هو أن صناديق الاستثمار العقاري تتداول بمُضاعفات عالية، وإذا أزلنا هذه الأصول، تُصبح فجأة أكثر. أصبح الناس أكثر إبداعاً بشأن زيادة أسعار الأسهم، من ثم لاحظت الشركات أن أقرانها كانت تقوم بذلك”.
ارتفعت أسعار صناديق الاستثمار العقاري بعد الأزمة المالية لعام 2008، بسبب بحث المساهمين عن أصول ذات عوائد مرتفعة في عالم من أسعار الفائدة المنخفضة وأرباح الأسهم المنخفضة.
مؤشر صناديق الاستثمار العقاري في الولايات المتحدة التابع لمؤشر مورجان ستانلي المُركّب، الذي يُمثّل نحو 85 في المائة من صناديق الاستثمار العقاري في الولايات المتحدة، تضاعف ثلاث مرات منذ عام 2009، مع صناديق التحوّط التي تبحث بنشاط عن المرشحين التالين الذين سيتحوّلون إلى صناديق استثمار عقاري. يقول دي لا رزوا “الناس كانوا يرسلون البريد الإلكتروني (في عامي 2013 و2014) يسألون: من التالي، من التالي؟”.
هذا التدفّق من صناديق الاستثمار العقاري “الغريبة” أثار مسألة كيفية تحديد طبيعة العقارات – وليس جميع من في الصناعة يُرحّب باتجاه التحوّل. بيل أكمان، المُساهم الناشط، وجون جراي، رئيس الفرع العقاري لشركة بلاك ستون، حذّرا من أن فتح الستار على نطاق واسع جداً من شأنه لفت أنظار الأجهزة التنظيمية وحملها على التدقيق.
لكن مصدر القلق الأكبر بالنسبة لكل المستثمرين والشركات في مجال صناديق الاستثمار العقاري هو احتمال زيادة الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة لأول مرة منذ ستة أعوام.
أسعار الفائدة المرتفعة تُلحق الضرر بصناديق الاستثمار العقاري لأن تكاليف الاقتراض المرتفعة لأصحاب الأراضي تعمل على تقليص أرباحها، وأيضاً لأن السندات تُصبح أكثر جاذبية نسبة إلى صناديق الاستثمار العقاري. أسعار صناديق الاستثمار العقاري بشكل عام تتحرك جنباً إلى جنب مع السندات: تنخفض عندما ترتفع العائدات على سندات الخزانة الأمريكية.
كل هذا يعني أن التحوّل إلى صناديق الاستثمار العقاري لا يزال بعيدا عن كونه الترياق الشافي للشركات التي تملك حيازات عقارية كبيرة – كما اكتشفت مؤسسة الإصلاحيات الأمريكية في عام 1999 عندما تحوّلت في السابق إلى صندوق استثمار عقاري. وهذا أدى إلى خسارة تبلغ 203 ملايين دولار، وبعد عام عادت مؤسسة الإصلاحيات الأمريكية مرة أخرى لتتخذ هيكل الشركات العادية.
جوناثان بيرنز، رئيس قسم الشؤون العامة في مؤسسة الإصلاحيات الأمريكية، يقول إن هذه المرة “مختلفة بشكل كبير”. يذكر أنه في التسعينيات، انقسمت الشركة إلى شركتين منفصلتين، لكن هيكلة صندوقها الفرعي للاستثمار العقاري “تلغي هذا التضارب”.
موجة أخرى من التحوّلات إلى صناديق الاستثمار العقاري يمكن أن تمتد إلى قطاعات جديدة، حيث توصف المدارس، وشركات جمع القمامة، وشركات الألياف، بأنها من المرشحين المحتملين.
عمليات الانفصال، حيث تنقسم الشركة إلى شركة عقارات وشركة تشغيلية، ستُصبح أيضاً أكثر شيوعاً، بدلاً من التحوّل “المُستقّل” التقليدي حيث الشركة بالكامل تُصبح صندوقا للاستثمار العقاري.
قالت متاجر سيرز في نيسان (أبريل) إنها ستفصل وحدتها العقارية لتُصبح صندوق استثمار عقاري لتعويض مبيعات المتاجر المُتعثّرة، وفي حزيران (يونيو)، قالت مطاعم داردن، مالكة أوليف جاردن، إنها ستقوم بالشيء نفسه – الأمر الذي يدفع المحللين إلى التكهّن بأن متاجر التجزئة والشركات الاستهلاكية الأخرى ستتبع.
يقول أميك بوندا، المحامي في شركة سوليفان آند ورسيستر التي كانت قد عملت على عدة تحوّلات “إن التحوّلات في المستقبل ربما تكون عمليات انفصال. يقول الناس إن ماكدونالدز يمكن أن تفصل عقاراتها، لكن هذا تفسير متوسّع للأمر. إذا كنت تبيع البرجر، فهذا لن يكون في صندوق استثمار عقاري”.