عاد مجلس بلدية طرابلس الى المربع الأول في قضية مرأب التل، فاتخذ قراراً جديداً في جلسته الأخيرة برئاسة المهندس عامر الرافعي، يقضي بتجميد المشروع حتى قيام «مجلس الإنماء والإعمار» بإعداد مخطط توجيهي متكامل لمنطقة التل.
وشكّل القرار انقلاباً على القرار الذي سبق وأصدره المجلس برئاسة الرئيس السابق نادر غزال، بعد الاجتماع مع الرئيس سعد الحريري، الذي أصرّ على إنجاز المرأب بحسب الدراسة التي أعدّها مجلس الإنماء والإعمار، ما دفع المجلس في حينها الى الالتزام بقرار الحريري والانقلاب على قراره الأسبق، برفض المرأب في الجلسة التي عقدت برئاسة المحافظ رمزي نهرا، وبمشاركة غزال في سرايا طرابلس في شباط الماضي.
وبما أن مجلس بلدية طرابلس لا يمكن له أن ينقلب على مشروع يريده الحريري، لا سيما بعد التغييرات الأخيرة التي حصلت وجاءت برئيس جديد من «تيار المستقبل»، باستثناء خمسة أعضاء سبق واعترضوا على المرأب بشكل علني، فإن تعليق المشروع أعطى أكثر من فرضية: أولاً، شعور «تيار المستقبل» بأنه وصل الى الحائط المسدود، خصوصاً في ظل الحديث عن إحصاء أجراه حول هذا المشروع أظهرت نتائجة أن 87 في المئة من أبناء طرابلس يرفضون المرأب.
ثانياً، عدم قدرة قيادات «المستقبل» في طرابلس على تحمل تبعات تعطيل ساحة التل لنحو ثلاث سنوات، من أجل إنشاء مرأب يُجمع أبناء المدينة أنه سيؤدي الى تشويه المنطقة ويضرب مستقبلها، كما تشير أكثرية الدراسات. ثالثاً، اللقاء الحاشد الذي نظمه فريق الهندسة لإنماء طرابلس بالتعاون مع المجتمع المدني في نقابة المهندسين، والذي فاجأ كل المراقبين والمتابعين بالحشد الذي فاق كل التوقعات، وعبر المشاركون فيه عن رفضهم للمرأب.
وذكرت صحيفة «السفير» أنه سبق اتخاذ هذا القرار بعشرة أيام اجتماع للجنة الهندسية البلدية المكلفة متابعة مشروع المرأب مع مجلس الإنماء والإعمار، وأن الاجتماع كان «سلبياً»، حيث قدّم ممثلو المجلس خمس خرائط فقط لا تفي بالغرض المطلوب، وتبين أن المجلس ما يزال متمسكاً بالدراسة الأولى التي تلحظ أن يكون المرأب للسيارات العمومية والخصوصية، ولا تعطي أي أهمية للمخطط التوجيهي، الأمر الذي يرفضه كل أبناء طرابلس.
وأبدى ممثلو مجلس الإنماء والإعمار استعدادهم لإجراء تعديلات جوهرية في الدراسة وتأهيل الأبنية المحيطة بالمرأب، ما دفع بعض المهندسين الى طرح تساؤلات حول كيفية إيجاد التمويل، وكيف يمكن إجراء تعديلات يمكن أن تزيد من حجم الأعمال والكلفة المالية، بينما تمّ تلزيم تنفيذ المشروع، وكيف يمكن تلزيم مشروع من هذا النوع من دون إجراء دراسة حول الأثر البيئي له؟
وكان من المفترض أن يرسل ممثلو المجلس محضر هذه الجلسة إلى المهندسين للإطلاع عليه ومن ثم توقيعه، لكن ذلك لم يحصل. إثر ذلك، وبحسب المعلومات، فإن المجلس البلدي عقد جلسة برئاسة الرافعي، وتم طرح مشروع المرأب من خارج جدول الأعمال، واقترح بعض الأعضاء تعليق المشروع لحين إعداد مخطط توجيهي متكامل لمنطقة، وطُرح الاقتراح على التصويت فوافق الجميع.
في المقابل، طرح أعضاء آخرين أن يُصار الى تضمين القرار ماهية المخطط التوجيهي، لافتين الانتباه الى أن هذا المخطط لا يلحظ تأهيل واجهات الأبنية فقط، بل يجب أن يحدد الكاراجات التي ستنتقل إليها سيارات الأجرة، وكيفية دخولها وخروجها من منطقة التل، إضافة الى تحديد حركة السير، فضلاً عن إنشاء السرايا العثمانية فوق المرأب.
ويشير بعض الخبراء المتابعين الى أن الأموال المرصودة للمشروع في مجلس الإنماء والإعمار لا تكفي لكل ما يتمّ طرحه، ما يعني أن المخطط التوجيهي يحتاج الى قرار جديد من مجلس الوزراء ورصد أموال إضافية، وهو أمر مستبعد حالياً في ظل التخبّط الحكومي، لافتين الانتباه الى أن الأطراف كلها تشعر أنها في أزمة بسبب هذا المشـــروع، متوقعة أن يكون قرار تعــليقه مقدّمة لنسفه، بعدما تبين للجميع أنه كان مشروعاً من دون جدوى.