جدد رئيس الحكومة تمام سلام الدعوة الى “الهدوء والابتعاد عن المناكفات حماية للاستقرار في البلاد”. واكد انه سيكون في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء “منفتحا على الحوار حول مقاربة العمل الحكومي على ان يتم ذلك تحت عنوان عدم تعطيل عمل مجلس الوزراء”.
وذكرت “النهار” أن مراجع ديبلوماسية أبلغت الرئيس سلام أنه من المهم أن يواصل جهوده من أجل معاودة الحكومة عملها وعدم الانجرار في موضوع آلية عمل المجلس الى اي منزلق يؤدي الى تعطيل نشاط هذه المؤسسة.
وأشارت الى أن البعض قد يريد من وراء الخوض في موضوع الآلية افقاد لبنان مزيداً من الهبات والقروض الميسرة علما ان ما فقده حتى الان ليس بالقليل بإعتبار أن الدول المعنية ستعدّ الى العشرة اذا وقع لبنان في دائرة الشلل الحكومي.
ولفتت المراجع الديبلوماسية الى أن هناك تخوفاً من أن يكون هدف التعقيدات الحكومية حرمان الرئيس سلام الاطلالة عبر الامم المتحدة في دورتها العادية في أيلول المقبل ليلقي كلمة لبنان مضيفة أن لبنان، تبلّغ أخيرا أن الدول المانحة التي عقدت حتى الان مؤتمرين في نيويورك من أجل مساعدة لبنان على تحمل أعباء اللاجئين السوريين لن تعقد في أيلول مؤتمرا مماثلا من دون الافصاح عن المبررات.
صحيفة “السفير” قالت: “إنه قبل ذهابه إلى السعودية، كان سلام قد تابع اتصالاته لترتيب البيت الحكومي. ولذلك، التقى وزير الصحة وائل أبو فاعور وأجرى اتصالات بعدد من الوزراء.
وعُلم أن مساعي معالجة الأزمة اقتصرت، أمس، على رئيس الحكومة، خلافاً لما تردّد عن مساع سيقوم بها “حزب الله” الذي يرى أنّ المشكل عند “تيار المستقبل” وعليه أن يتلقّف الكرة والسعي للخروج من الازمة والتواصل مع سلام ومع “التيار الوطني الحر”.
في حين أنّ “العونيين” ما زالوا متمسكين ببند التعيينات الأمنيّة كمدخل للحلّ، برغم رفع سقف مطالبهم وصولاً الى طرح موضوعي الصلاحيات والمشاركة في القرار، وبرغم الإحراج الذي سبَّبوه لبعض حلفائهم في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء.
في هذا السياق، أشارت مصادر وزاريّة لـ”السفير” إلى أنّ الاتصالات ستبقى محدودة الى ما بعد عيد الفطر، وأنّ ما يتردد عن مقترحات معينة ما زال من باب التكهنات او الأفكار المتداولة، خصوصاً مع إبداء بعض الوزراء المسيحيين رفضهم لابتداع أي صيغة عمل تخالف نصوص الدستور.
من جهتها، أشارت صحيفة “الأخبار” إلى أنه يشاع عن آلية ثالثة لعمل مجلس الوزراء لا أب لها بعد: مرة هي العودة الى آلية التوافق المطلق، ومرة هي تجزئة القرارات وتدرّجها بين ما هو عادي وما هو اكثر من عادي وما هو ميثاقي.
رغم ان سلام ينفي الاتفاق على آلية ثالثة، ويكتفي بالقول ان الجلسة الاولى لمجلس الوزراء بعد الاعياد ستباشر مناقشتها تحت عنواني عدم التعطيل وعدم مسّ صلاحيات رئيس مجلس الوزراء، بيد ان المواقف المبكرة من ايحاءات بآلية ثالثة تجعلها سلفا عرضة لتعذر الموافقة عليها:
ـ يرفض “حزب الله” التخلي عن الآلية الاولى التي لا تكتفي بالتوافق فحسب، بل ترفعه الى مرتبة الاجماع. وتبعاً لمطلعين على وجهة نظره، يقول الحزب انه لم يوافق على الآلية الثانية واضطر لمجاراتها مراعاة للتيار الوطني الحر الذي تفاهم عليها بشخص الوزير جبران باسيل مع تيار المستقبل.
ـ بدوره التيار الوطني الحر، متخلياً عن الآلية الثانية، يفتقر الى اي حماسة حيال آلية ثالثة، ويلاقي حليفه حزب الله على بث الروح في الآلية الاولى التي يرفض رئيس الحكومة العودة اليها بعدما جرّبها، وقادت الى التعطيل وحملته في ما بعد على الاعتكاف.
ـ يميل الرئيس نبيه بري ومعه النائب وليد جنبلاط الى آلية تزاوج بين التوافق ونقيضه وهو التصويت. عندما يتعذر الاول لا يوصد مجلس الوزراء ابوابه، بل ينتقل فورا الى التصويت تبعا للقرار المطروح والنصاب الذي يتطلبه بالثلثين او النصف+1.
ـ يتمسك وزراء «اللقاء التشاوري» بالآلية الاولى مطعمة بالمرونة: التوافق اولا ودائما شرط ان لا يتسبب بتعطيل لا مبرر له او ذي طابع شخصي. بيد ان هذا الفريق يرفض حتما العودة الى آلية ثانية مجربة وآلية ثالثة مستهجنة.
ـ يلتقي سلام وتيار المستقبل على التوافق مدخلا الى اتخاذ القرارات، يليه التصويت في كل حال. على انهما يضعان شعارا مشتركا هو الاستعداد للخوض في اي آلية محتملة لا تمس اولا صلاحيات رئيس مجلس الوزراء في وضع جدول الاعمال ودعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد.
ورغم ان اتخاذ القرارات عملا بالمادة 65 من الدستور لا يمنح رئيس مجلس الوزراء اكثر من صوته، ولا يخوّل صوته الترجيح بل يحيله الاول بين متساوين ما ان يطرح القرار على التصويت، الا ان ما يتشبث به سلام، وتيار المستقبل خصوصا، الحؤول دون تعطيل جلسات المجلس عبر تحويله سلة فيتوات تجعل اي فريق ممثل في الحكومة اقوى من رئيسها.
صحيفة “الجمهورية” قالت: “تتوجّه الأنظار إلى ما سيصدر عن تكتل «التغيير والإصلاح» بعد اجتماعه الأسبوعي اليوم لجهة تجاهله أو تلقّفه الرسائل الإيجابية التي أطلقها رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري بتأكيده أن لا فيتو رئاسياً، ودعوته إلى ترحيل ملف التعيينات العسكرية إلى أيلول.
ولاحظت مصادر قريبة من حركة الاتصالات القائمة بتمرير جلسة الحكومة المقبلة بعيدا عن اي توتير سياسي «ان لا شيء جديداً حول امكانية تجاوز الازمة التي ادت الى تفجير الخلافات في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء بين رئيس الحكومة وتيار المستقبل من جهة والتيار الوطني الحر من جهة ثانية.
وقالت المصادر لصحيفة “الديار” ان كل المؤشرات تؤكد استحالة الوصول الى توافق حول التعيينات الامنية بعد ان تم قطع الطريق على اي امكانية للاتفاق على هذه التعيينات. واعتبرت ان الاتجاه يسير في احسن الاحوال الى مرحلة من تمرير الوقت بانتظار استحقاق التعيينات الامنية او بروز معطيات اقليمية ايجابية تنعكس على الوضع اللبناني بعد توقيع الاتفاق النووي بين ايران والدول الست الكبرى.
وقالت “الديار”: “الازمة الحكومية” على حالها، و”لا بصيص امل”، والاتصالات الجدية مجمدة الى ما بعد اجازة عيد الفطر المبارك، وبالتالي فان كل ما يتم التداول به عبارة عن “عروض” غير رسمية وجس نبض في ظل ثقة مفقودة، بين تيار المستقبل وحلفائه من جهة والتيار الوطني الحر وحزب الله مع حلفائهم من جهة ثانية، ولذلك فالاتصالات بطيئة، والعروض يتم درسها بدقة، خوفا من لغم هنا او لغم هناك مزروع بعناية.