Site icon IMLebanon

أمهات مقاتلي “حزب الله” في سوريا: “بدنا ولادنا”

كتبت فاطمة حوحو في جريدة “المستقبل”

هل آن أوان كسر الصمت؟ سؤال يكبر يوماً بعد يوم مع استمرار “حزب الله” في السير نحو الهاوية ونحر الطائفة الشيعية نتيجة خياراته الانتحارية في سوريا التي لا يرتد عنها رغم حجم الخسائر الكبيرة التي يتلقاها يومياً، خصوصاً في الأيام الأخيرة بعدما وضع أمينه العام السيد حسن نصرالله خارطة طريق جديدة نحو فلسطين يمر بالزبداني وسرغايا وصولاً إلى العراق وغيرها، أكثر من 1200 قتيل موثقة أسماؤهم من شبان لبنان قدمهم “حزب الله” قرابين عند مذبح بشار الأسد، بينهم فتيان لم يتجاوزوا سن الرابعة عشرة وهو بحكم القوانين الانسانية جريمة بحق البشرية.

أمهات مقاتلي الحزب لم يعد حالهن حالاً، ومن كانت تزغرد يوماً لمقاوم استشهد في المواجهة مع إسرائيل، أو من كانت تتقبل “التبريك” بسقوط ولدها دفاعاً عن مقام شيعي في دمشق أو غيرها من المناطق السورية، لم تعد تتقبل واقع الأمور كما هي عليه، والصرخة المكتومة انفجرت منذ حوالى الشهر مع “أم حسن” عندما أطلقت هاشتاغ عبر موقع “تويتر” بعنوان “بدنا ولادنا”، دعت من خلاله إلى إعادة مقاتلي الحزب من سوريا وتتكرر كثيرا اليوم في بيوتات الضاحية والجنوب والبقاع مع استقدام جثث الابناء او اختفاء بعضها ودفنها دون معرفة الاهالي.

تمرد أمهات مقاتلي “حزب الله” جاء بعد أن تكوّنت قناعة أن رمي الأبناء في جهنم سوريا لن يؤتي بنتيجة وأنه ليس بالإمكان أن يجلب لهم نصراً إلهياً أو مكسباً مرضيا،ً لا سيما وأن حالة تجنيد إجبارية تمارس من قبل القيادات العسكرية في “حزب الله” على المتفرغين والبيئة المحيطة عبر تقديم مغريات مادية أو ما شابه، في وقت يشتد الضغط على القيادات السياسية من قبل الأهالي الذين يمنعون في معظم الأحيان من زيارة أولادهم الجرحى في المستشفيات، وحتى من المشاركة في جنازاتهم، حيث تتقدمها قيادات الحزب فيما يستبعد الأهل حيناً أو تهمّش مشاركتهم، وكأنهم لم “يخلفّوا” ولم “يربّوا”، وهذا لم يعد محمولاً بالنسبة للكثيرين.

فالحرب السورية طويلة ولعبة الدول فيها أكبر من قدرات الحزب على التحكم بها وحسم الأوضاع فيها، لذلك كان لا بد من أن يتحرك صوت العقل، وهو صوت الأمهات صوت القلوب المفجوعة والخائفة على مصير أولادها، من داخل بيئة الحزب تصدر دعوة من أجل الذهاب عند نصرالله وإطلاعه على المعاناة، اذ يجري تداول خبر رفض والدة الشهيد عماد رهيف السبع في برج البراجنة وجود “حزب الله” في عزاء ابنها اليافع الذي سقط في سوريا، اذ رفضت تقبل التعازي وهو دليل تمرد علني على الحزب من داخل البيئة نفسها، ولكن هل تنجح هذه الحركة في التأثير على الأمين العام والقيادات المؤتمرة من إيران؟!.

ربما تكون هذه الحركة نواة تحرك مثمر إذا لم تقمع من أهل البيت وللتذكير فقط أن مثل هذه الحركات الأنثوية نجحت في بلدان عدة في التأثير بمجتمعاتها وفي الضغط السياسي من أجل تحقيق مطالبها، ذلك أن النساء والأمهات كانت لهن تجارب مبدعة في التعبير ومؤثرة، واستطعن تحقيق إنجازات، وكلنا يتذكر تحركات أمهات ساحة أيار في الأرجنتين خلال فترة الحكم العسكري (1976-1983) عندما انتفضت النساء للبحث عن أطفالهن المختفين على أيدي النظام والذي كان يجبر المعتقلات على إنجاب الأطفال قسراً ليتم تجنيدهم لاحقاً.

وهناك تجربة الأمهات الأربع في إسرائيل وهي حركة سلام مناهضة للحرب تأسست عام 1997 وهدفت إلى تحقيق الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة بعد أن سقطت مروحية عسكرية على متنها أبناؤهن الجنود الأربعة في جنوب لبنان إبان الاحتلال. واستطاعت هذه الحركة لعب دور داخل المجتمع الإسرائيلي والضغط على السياسيين. ربما تستطيع نساء الضاحية أو نسوة الجنوب ومعهن أمهات لبنان فرض تغيير الأمر الواقع وعدم القبول ببيع أولادهن لروح الحرب الشيطانية.

وإن كان واجب مقاومة إسرائيل حقاً فإن من الواجب تحريم عبث الموت في سوريا.