بات الاتفاق بين ايران ومجموعة دول 5+1 للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن والمانيا ناجزا وجاهزا لاعلانه في أي لحظة في مقر الامم المتحدة بفيينا. وولوج الخطوة الأخيرة هذه بات برسم بعض التشذيب الأخير لمسودة الصفحات الـ100، كاستبدال كلمة من هنا أو تعديل صيغة من هناك، أو اعادة قراءة النص باللغتين الانكليزية والفارسية والمقارنة بين النصين منعا للفهم المبهم للبنود والعبارات، وفريقا الخبراء والتقنيين يعيدان الكرة مرات ومرات منذ 48 ساعة للتأكد من عدم وجود ثغرات.
هذا ما يحصل داخل أروقة قصر كوبورغ وسط فيينا، أما خارجه، فان تصريحات المفاوضين والمسؤولين لا تزال حتى الآن تتسم بالكثير من الحذر في الإعلان الصريح لبلوغ الأمتار الأخيرة. وفيما أعلن وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف عدم وجود نية لأي تمديد وان في الامكان مواصلة المحادثات “ما لزم الأمر”، حذر وزير الخارجية الأميركي جون كيري من أنه لا تزال ثمة “قضايا كبرى في حاجة الى حل”.
وصرح الناطق باسم البيت الأبيض جوش ارنست بأن المفاوضين في فيينا أحرزوا “تقدما حقيقيا” في المحادثات المتواصلة في شأن البرنامج إلايراني النووي. ولكن اذا لم يتم التوصل إلى اتفاق الاثنين فإن الاتفاق الموقت سيظل ساريا. وأضاف أن فريق التفاوض الأميركي سيظل في فيينا ما دامت المحادثات مفيدة، موضحاً أن قائمة الخلافات تضاءلت لكن بعض النقاط الصعبة لا تزال من دون حل.وصرح كبير المفاوضين الايرانيين عباس عراقجي بأنه لا تزال ثمة بعض المشاكل القائمة في طريق التوصل الى الاتفاق النووي النهائي، و”ما لم تحل هذه المشاكل لا يمكن القول اننا توصلنا الى الاتفاق”.
واشارت صحيفة “النهار” الى أن التفاصيل التي يتوقف عندها الخبراء هي ذات طابع قانوني وتقني، وتتعلق اجمالاً بسبل وضع الاتفاق موضع التنفيذ، كآلية فك التجميد المفروض على الارصدة الايرانية وهي تقدر بنحو مئة مليار دولار وتوجيه التعليمات الى المؤسسات المالية والمصرفية التي تفرض الحظر والتجميد، وهي آلية معقدة وفي حاجة الى الكثير من الخطوات القانونية.
وفي المعلومات أيضاً، إن خلافا على الصياغة استأثر بالكثير من وقت الفرق التقنية في شأن العبارة التي سيتضمنها الاتفاق عن النشاطات النووية الايرانية السابقة، ذلك ان إيران ترفض مثلا استخدام عبارة يحاول الغرب تضمينها مسودة الاتفاق تصف النشاطات الايرانية السابقة بانها غير شرعية.
وأكدت أوساط متطابقة أن الجانبين الدولي والايراني توصلا الى حل وسط لعقدة الحظر المفروض على استيراد ايران الاسلحة الصاروخية من غير أن تتضح معالم هذه التسوية . وفي حين قالت أوساط غربية من فيينا لـ”النهار” أن الغربيين قدموا تعهدا غير مكتوب للجانب الايراني لرفع الحظر العسكري في غضون أشهر قليلة اذا سار تنفيذ الاتفاق بشكل سليم ومن دون عقبات، في مقابل عدم تضمين الاتفاق النهائي أي اشارة الى الغاء القرار الدولي لعام 2006 والذي فرض الحظر على الاسلحة. لكن الايرانيين رفضوا الاقتراح على اساس أن “لا ثقة الا بما هو مكتوب”، وعلى اساس “أن الدول الغربية تحاول من جديد الامساك بورقة ضغط على ايران”، استناداً الى الاوساط الايرانية.
وفي هذا الاطار، أورد موقع “بلومبرغ” أن الطرفين اتفقا على الغاء الحظر التسليحي تدريجاً، ومن المقرر اعلان هذا الامر مباشرة في قرار يصدر عن مجلس الامن بعد التواصل الى الاتفاق النووي النهائي. ونقلت وكالة “تاس” الروسية الرسمية عن مصادر روسية ان الفترة المحددة لالغاء الحظر التسليحي تراوح ما بين سنتين وثماني سنوات حينها أشارت الى أن الجانب الايراني وافق على فترة ستة اشهر حداً اقصى لإلغاء هذا الحظر.
ومن الخلافات الأخيرة ذات الطابع السياسي على طاولة وزراء المجموعة الدولية والوزير الايراني، تزامن رفع الحظر الاقتصادي عن ايران مع بدء عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما تطالب طهران أو مع صدور التقرير الاول عن هؤلاء الخبراء، كما تقترح واشنطن وتتوقع أوساط متابعة للمفاوضات أن تجد هذه المعضلة طريقها الى الحل اليوم.
ونقلت وكالة “الاسوشيتد برس” عن ديبلوماسيين ان من المحتمل التوصل الى الاتفاق النووي النهائي في وقت مبكر اليوم.
نتنياهو يعارض بالفارسي
وبعد فشل كل محاولاته للتأثير في مسار المفاوضات النووية الايرانية، ويقينه أن الاتفاق بات في متناول اليد، لجأ رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى الرأي العام الايراني وباللغة الفارسية لإقناعه بأنه الخاسر نتيجة اتفاق نووي يقيد ولا ينهي البرنامج النووي الايراني لأنه “كلما شعر النظام بأنه قوي ولا يتأثر بالضغوط الخارجية زاد قمعه في الداخل”. وكرر في تعليقات في حسابه الفارسي الجديد بموقع “تويتر” للتواصل الاجتماعي أن مثل هذا الاتفاق “سيمهد الطريق لإيران للحصول على قنابل نووية ومليارات الدولارات من أجل الإرهاب” وإنه يجب عدم التعامل ديبلوماسيا مع القيادة الإيرانية بينما تنظم “مسيرات كراهية” ضد الولايات المتحدة في شوارع طهران.