استغرب مرجع دستوري رفيع تداول المتفاوضين بشأن حلحلة العقدة الحكومية بإمكان اللجوء بعد عطلة العيد لتبني وجهة نظر مطروحة في دراسة دستورية لأحد الباحثين، كآلية عمل حكومية مقبولة للخروج من الأزمة، دون النظر في مدى ملاءمتها لما ينص عليه الدستور حول آليات العمل الحكومي بغياب رئيس الجمهورية.
واعتبر المرجع في حديث لصحيفة “النهار” الكويتية، ان ما يحصل بحق الدستور اللبناني هذه الأيام هو جريمة موصوفة ترتكبها السلطتان التنفيذية والتشريعية على حد سواء، حيث يتمادى كل زعيم وفريق ووزير ونائب بتفسير الدستور حسب هواه ومرامه السياسي، منتقداً تهميش سلطتيْن أساسيّتين تناط بهما مهمة السهر على تطبيق الدستور، هما أولاً: المجلس الدستوري، المنتخب والمعين من قبل مجلسي النوّاب والوزراء والذي يضم أهل الكفاءة والخبرة والدراية بالدستور.
وثانياً: المجلس النيابي الذي يتحمل المسؤولية الكاملة عن تعدد وتراكم الالتباسات في الدستور وما نجم عنها من تداعيات أوصلت البلد إلى ما هو عليه من شقاق سياسي وطائفي وتهديد بالانحراف عن الميثاقية نحو الفيدرالية، مشدداً على أن تخاذل النواب عن واجبهم الدستوري القاضي بمَنحْ المجلس الدستوري حق التفسير الملزم في حال الالتباسات هو أكبر انتهاك في تاريخ الحياة الدستورية في لبنان.
وتساءل المرجع: من يتحمل مسؤولية التعطيل والشلل الذي وصلت إليه البلاد طالما أن حاميها حراميها على قول المثل والجرائم الدستورية ترتكب بالجملة دون حسيب أو رقيب، في إشارة إلى تورّط جميع الطبقة السياسية في انتهاك الدستور وتعطيل عمل المؤسسات، متمنياً على الشعب اللبناني أن يثور لكرامته ووجوده وينزل إلى الشارع موحداً للمطالبة باستحقاق واحد يجب أن يحظى بأولوية على كل المطالب المتبقية، ألا وهو قانون انتخابي يعتمد النسبية حسب ما نص اتفاق الطائف، ويؤمن بالتالي التمثيل الصحيح لجميع اللبنانيين، خصوصاً أن معظمهم بات يعاني اليوم من انعدام الثقة بهذه الطبقة المافيوية ولم يعد ينشد سوى الخلاص من براثن نفاقها السياسي والدستوري الذي لا يصبّ إلا لصالح جيوب المسؤولين ومنافعهم الخاصة!