ينتظر معظم تجار مدينة بعلبك مواسم الاعياد كي يعوضوا خسائر الأزمة التجارية والاقتصادية التي يعانون منها طيلة ايام السنة. ولكن ما صدمهم هذا العيد انهم يرون حركة بدون بركة، فرغم أن ساعاتٍ قليلة تمرّ قبل حلول العيد، بقيت الحركة خجولة لا بل شبه ميتة في اسواق مدينة بعلبك وخصوصا في مجالات بيع الالبسة والسكاكر التي عادة ما تشهد نشاطا مميزا في ليالي العيد.
فالشكوى من نقص الاموال لدى الناس والاوضاع الامنية والاقتصادية وقانون السير والخطط الامنية تحول دون وجود حركة اقتصادية نشطة، مما يضع مصالح التجار الذي يراهنون على مواسم العيد في خانة الخسارات التي من الصعب تعويضها.
لا يحتاج المرء لوقت طويل ليكتشف تراجع الحركة الاقتصادية فتكفي جولة ظهر يوم الثلاثاء الفائت في سوق بعلبك لتجد حركة خجولة وهادئة وسط السوق الذي كان يشهد في مثل هذه الايام نشاطا ملحوظا.
بعض التجار بالغ في تقديراته لتراجع الحركة الاقتصادية فاعتبر ان «سوق بعلبك لم يشهد اسبوع عيد بهذا الشكل منذ اكثر من 20 سنة، وتراوح تقدير التجار لحجم النقص في المبيعات ما بين الـ30 والـ70 في المئة قياسا بأعياد ماضية».
عدنان صلح بائع سكاكر في ايام العيد على بسطة منذ اكثر من 22 عاما اعلن ان السوق ناشف ولم يشهد تراجعا بهذا القدر منذ افتتاح بسطته، وكشف ان حجم مبيعاته انخفض من 5 مليون ليرة في اليوم الى اقل من 500 الف، رغم ان الاسعار هي على حالها ورغم انه تم تخفيضها على حساب ربحه، فمثلا كان كلغ الشوكولا يربح معنا الف ليرة، اليوم قبلنا بـ250 ليرة، وكل همنا الآن ان نستعيد رأسمالنا».
بينما عبر ديب عثمان بائع خضار وفواكه ان «لا حس ولا حركة وبحياتنا لم نشهد مثل هذا الجفاف، وبرغم ذلك لا يمكننا ان نقول اننا نخسر كما لا ندعي اننا نربح».
في الجهة المقابلة من سراي بعلبك يقف تاجر لبيع السكاكر ويقول لـ «السفير»: «أدخلنا أنواعا إضافية من السكاكر، ونوّعنا في مصدر المنتجات كي ننافس ونقدم الأفضل لجميع الاذواق في حين تكلفنا ضعفي الرأسمال السابق لكن يبدو اننا سنحصد الخيبة والخسارة».
اما صاحب حلويات الجية فيكشف عن ان «حجم التراجع وصل الى حوالي 40 في المئة، عما كان عليه السوق العام الماضي الذي بالاصل كان متراجعا»، مضيفا: «لا يزال السعر كما هو برغم الزيادات التي طرأت على اسعار المواد الاولية».
يختلف رأي ممدوح الشل صاحب محل لبيع الالبسة عن رأي زملائه التجار فيقول: «حتى اليوم نسبيا السوق افضل مما كان عليه العيد الماضي»، عازيا السبب الى ان «حجم زبائنه من مدينة عرسال ازداد هذا العام». ويضيف: «برغم ذلك يسود السوق حالة تراجع ملحوظة وذلك بسبب الخطط والحوادث الامنية وقانون السير التي تخفف من حركة البعض، لا بل تمنعها، تحاشياً لاصطياد متسوقين من دوريات مفارز السير كون سياراتهم غير شرعية او مطلوبين للعدالة».
اما حسين شرف الدين تاجر ألبسة فانه لا يزال يراهن على الفترة ما بين العيدين لعلها تخفف من حجم الخسائر وذلك بسبب ما قد تشهده من حفلات افراح ومناسبات تسبق الاشهر الحرم. ولكنه لا يتوقع حدوث معجزات فالتاجر الذي يدفع ما بين الـ 800 والألف دولار بدل إيجار محله عليه ان يبيع وبشكل دائم باكثر من مليون ليرة يوميا حتى يتمكن من استرجاع رأسماله وتحقيق بعض الوفرة لمصروفه. واعلن ان السبب في الازمة ليس حديثا بل يعود لبدء الازمة السورية مضافا اليها ازمة الانتاج الزراعي وتسويقه وحجم التسليفات من المصارف التي تفقد السيولة بين ايدي صغار الموظفين والعسكريين. واعتبر ان حجم التراجع وصل الى اكثر من 70 في المئة عما كان عليه في أسبوع عيد الفطر العام الماضي».