حرصت حكومة بنيامين نتنياهو على تضمين استراتيجيتها لاستغلال حقول الغاز الطبيعي من خلال آليات تضمن توظيف صادرات الغاز في تحسين المكانة الإقليمية لإسرائيل، وتعزز قدرتها على تطوير التحالفات التي تربطها بعدد من دول الإقليم، لا سيما مصر والأردن. وبحسب هذه الاستراتيجية، فقد ألزمت حكومة نتنياهو الشركات التي حصلت على امتياز استخراج الغاز من الحقول المكتشفة قبالة سواحل فلسطين بتصدير 20 مليون متر مكعب من الغاز سنوياً لكل من الأردن ومصر والسلطة الفلسطينية. ويجاهر وزير البنى التحتية الإسرائيلي، يوفال شطاينتس بالقول إن حرص حكومته على تخصيص حصة مهمة من الصادرات لكل من مصر والأردن والسلطة بشكل خاص، جاء من أجل تعزيز المكانة الجيوـ استراتيجية لإسرائيل. ولا يفوت شطاينتس، المكلف بالإشراف على اقتصاد الغاز، في مقابلة أجرتها معه صحيفة “معاريف” في 30 يونيو/حزيران الماضي، التأكيد على أن حكومته ترى أهمية خاصة لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر والأردن، مشيراً إلى أن الهدف من ذلك هو “إيجاد ترابط بين الاقتصاد الإسرائيلي، وكل من الاقتصاد المصري والأردني”. وقد يكون شطاينتس قد اختار كلمة “ترابط” كتعبير تفرض الدبلوماسية استخدامه. لكن من الواضح أن المقصود هو ضمان تبعية الاقتصادين المصري والأردني لإسرائيل، من خلال الاعتماد على تل أبيب في توفير مصدر طاقة استراتيجي. وفي معرض دفاعه عن استراتيجية استغلال اقتصاد الغاز، لا يجد شطاينتس، القيادي في حزب الليكود، مانعاً من السخرية من مصر التي تحولت من مصدّر للغاز إلى مستورد له؛ “بفعل غياب استراتيجية صحيحة في التعاطي مع اقتصاد الغاز”، على حد تعبيره. من ناحيته، يرى السفير الإسرائيلي الأسبق في كل من الأردن والاتحاد الأوروبي، عوديد عيران، أنه بإمكان الكيان الصهيوني توظيف تصدير الغاز في تحقيق مكاسب إقليمية ذات قيمة أكبر. وفي تقدير موقف نشره “مركز أبحاث الأمن القومي”، في 6 يوليو/تموز الجاري، طالب عيران بضرورة السعي لإيجاد صيغة تسمح بتصدير الغاز الإسرائيلي إلى تركيا، على اعتبار أن مثل هذه الخطوة قد تفضي إلى تحسين العلاقات مع أنقرة بشكل جذري. ناهيك عن أن واردات الغاز المصدر إلى تركيا، ستوظّف في تطوير حقل “ليفيتين” الحيوي. واقترح عيران، أن تزيد الحكومة من كمية الغاز المخصص للتصدير إلى دول المنطقة من 20 مليون متر مكعب إلى 27 مليون متر مكعب، من أجل شمل تركيا ضمن الدول التي يتم تصدير الغاز إليها. ويشير عيران إلى أن تصدير الغاز إلى كل من الأردن ومصر تحديداً، يهدف إلى مساعدة نظامي الحكم فيها وضمان استقرارهما، على اعتبار أن ذلك يمثل مصلحة إسرائيلية. ويرى عيران أن تصدير الغاز إلى دول “الجوار” ينطوي على مزايا اقتصادية إلى جانب المزايا الاستراتيجية، منوّهاً إلى أن التصدير إلى هذه الدول لا يستلزم إسالة الغاز، مما يقلّص من كلفة التصدير. وحذّر عيران من أن قطر قد تسهم في إحباط التوصل إلى صفقة مع الأردن، من خلال قيامها بتقديم عروض تنافسية تقلّص كلفة استيراده، مما يسمح للحكومة في عمّان ببيعه للجمهور بسعر معقول. ويحثّ عيران على ضرورة التحرك من أجل إتمام الصفقة مع عمان لقطع الطريق على القوى السياسية والاجتماعية الأردنية التي تعارض استيراد الغاز الإسرائيلي. وهناك من يرى أنه يتوجب توسيع دائرة التوظيف الاستراتيجي لصادرات الغاز، بحيث تحسن مكانة إسرائيل الدولية. ويقترح رئيس شعبة التخطيط الأسبق في الجيش الإسرائيلي، الجنرال يسرائيل زيف أن يتم استغلال تحول إسرائيل إلى دولة مصدرة للغاز في إيجاد شراكة مع روسيا.