IMLebanon

نفط الألب يُنتج طاقة نظيفة

Transalpine-Oil-Pipeline
النفط من مصادر الطاقة الملوثة للبيئة، لكنّ النمساويين يسعون لإنتاج الكهرباء ميكانيكيًا من أنابيب النفط العابرة لجبال الألب، ومن مياه الشلالات.

تبدو فكرة انتاج الكهرباء من النفط الخام، من دون انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون، حلمًا بيئيًا بعيد المنال، لكنّ النمساويين يسعون لاستغلال أنابيب النفط المسماة “ترانس آلب بايبلاينز” لتحقيق ذلك.
ويجري نقل النفط الخام من ميناء تريست الايطالي إلى ألمانيا والنمسا وجمهورية الجيك بواسطة أنابيب ضخمة، إلى مصاف حديثة في هذه البلدان، تمتد آلاف الكيلومترات عبر جبال الألب. وترتفع أعلى نقطة تصلها الأنابيب فوق جبال الألب إلى 1570 مترًا، ومنها تبدأ بالانخفاض بشكل بزاوية انحدار كبيرة وصولًا إلى السهول.

توليد ميكانيكي

يحاول النمساويون الآن استخدام قوة النفط الخام الهابطة في الأنابيب، كما تُستخدم المياه المتساقطة من الشلالات ومن السدود، لتحريك مولدات تنتج الكهرباء النظيفة دون أن ينطلق عن العملية أية نسبة تذكر من غاز ثاني أوكسيد الكربون. وتقول مصادر الحكومة النمساوية إن ربط المدن القريبة بالكهرباء المنتجة من النفط سيجري في وقت ما من العام 2016.
والمعروف أن مجموعة شركات “تال” الألمانية النمساوية الايطالية كانت تستعد للمشروع منذ سنوات، وعملت في الفترة الماضية على استبدال خطوط النفط القديمة بأنابيب جديدة يزيد قطر الواحد منها عن المتر. وبهذا تصبح الأنابيب مؤهلة، في جوفها، لاستيعاب تربينات من حجم مناسب تنتج الكهرباء من النفط السميك الذي يقع عليها من ارتفاعات كبيرة.
وستنصب المحطة الأولى لإنتاج الكهرباء النظيفة من النفط في منطقة تايمرالم السهلية القريبة من زالسبورغ، حيث تصل الأنابيب إلى الأرض من فوق الجبال. ويفترض، بحسب تصريحات الشركة، أن تنجح كميات النفط الهابطة من الجبال في تحريك مولدات المحطة بما يكفل إنتاج 10 إلى 11,5 مليون واط /ساعة سنويًا.

لا تأثير على النفط أو تدفقه

تعول شركة “تال”، التي تمتلك خطوط الأنبيب، على محطة تاليمرالم في تشغيل المضخات التي تضخ النفط على الساحل الايطالي بقوة كبيرة، كي تدفعها في الأنابيب إلى أعالي جبال الألب. وتقدر مصادر الشركة أن تخصص المحطة 12% من إنتاجها الكهربائي لتغطية جزء من كلفة ضخ النفط في الأنابيب إلى الأعلى، وهذا مكسب اقتصادي كبير. وتبقى نسبة 88% متوفرة لتزويد مرافق الشركة المتبقية، وتزويد البلدات والقرى القريبة بالكهرباء.
ستبنى المحطة محصورة بين الجبال، داخل حوض كبير يشبه حوض الاستحمام، بهدف ضمان عدم حدوث أي تلوث للبيئة إذا حصل تسرب ما للنفط من التربينات عند تساقطه عليها. المهم، كما تعد الشركة، أن سعر الكهرباء المنتجة من نفط “ترانس آلب بايبلاينز” لن يزيد عن أسعار أنواع الكهرباء الأخرى المنتجة بيئيًا. وتعتبر الأنابيب من أفضل وسائل نقل البترول في العالم واكثرها أمنًا وأقلها تلويثًا للبيئة مقارنة بناقلات النفط.
وتؤكد اولريكه اندرس، مديرة أعمال كونسرتيوم “تال”، أن كمية النفط التي تتدفق عبر الأنابيب لن تتأثر، أو تتأخر، برغم التربينات، إذ تنقل أنابيب النفط عبر جبال الألب 40 مليون طن من النفط سنويًا كمعدل، وهذه الكمية ستبقى ثابتة، كما ستبقى ثابتة كمية الكهرباء المنتجة بهذه الطريقة. كما لن يحدث سقوط النفط على التربينات أي خلل في تركيبة النفط، وتم التأكد من هذه النتائج مختبريًا. ولولا الأنابيب، لكانت الدول المشاركة في المشروع بحاجة إلى 10 آلاف ناقلة نفط (شاحنة) لنقل النفط عبر جبال الألب يوميًا، ويمكننا تصور المخاطر البشرية والبيئية التي تحف بهذه العملية.

اقتصاد بالطاقة والكلفة

بنيت خطوط أنابيب النفط عبر الألب في العام 1976، وكانت أسعار الكهرباء المنتجة بالطرق التقليدية في المنطقة منخفضة بحيث لم يفكر أحد آنذاك في استغلال النفط “ميكانيكيًا” لإنتاج الكهرباء. لكن أسعار الكهرباء تضاعفت 3 أضعاف منذ ذلك الوقت، وأصبح من المنطقي الاستفادة من هذه الطاقة المهدورة في إنتاج الكهرباء النظيفة. ومن ذلك الحين، قفزت طاقة تشغيل المضخات الدافعة للنفظ بنسبة مماثلة لتصل إلى 80 مليون كيلو واط ساعة.
يمكننا تصور حجم هذه الطاقة حسابيًا عندما نعرف انها تكفي لتغطية حاجة 20 ألف عائلة مؤلفة من 4 أفراد طوال سنة. و يبدو توظيف رأس مال صغير يبلغ 10 ملايين يورو من قبل مجموعة “تال” لتشغيل محطة تاليمرالم مناسبًا للاقتصاد بعشر كلفة تشغيل المضخات، ناهيك عن بيع كميات أخرى من الكهرباء إلى المواطنين عبر شركة كهرباء زالسبورغ، وبالتالي تغيطة جزء كبير من استهلاك الطاقة في الشركة. ولا ننسى هنا القسط البيئي الذي تسهم به الشركة من خلال المشروع.

مؤمنة ضد الزلزال والانهيارات

قال اندرياس لاندشتاينر، مهندس المشروع، إن المحطة ستبنى داخل حوض صخري مؤمن ضد التسرب، كما ستستخدم أحدث وسائل الرقابة الإلكترونية لتأمين سلامة المحطة وحياة العاملين فيها.
فضلًا عن ذلك، ستكون المحطة في سهل بعيد عن خطوط الزلزال المحتملة، كما اتخذت كافة الاحتياطات المعمارية والأمنية لضمان عدم تأثر المحطة بحركات الصخور تحت الأرض.
إضافة إلى كل ذلك، سيتم بناء سد عال وسميك باتجاه الجبال هدفه التصدي للانهيارات الجليدية المحتملة في موسم الشتاء.