أصبحت الثورة الرقمية واقعاً يعيشه العالم اليوم في مختلف نشاطات الحياة اليومية للبشر. وأصبحت شائعة ومقبولة فكرة أن المجتمعات الحديثة تعرف منذ قرنين من الزمن نوعاً من «الثورة الثقافية» التي ولّدتها مختلف أشكال «هيمنة الإنترنت» خصوصا والثمرات التكنولوجية للثورة الرقمية عموما على مختلف ميادين النشاطات الإنسانية.
النتائج التي ترتبت على الثورة الرقمية وعالم «الشبكات» الذي فرضته في حياة البشر هو بالتحديد موضوع كتاب لوران بلوك، المسؤول السابق عن المجال الرقمي العلمي في معهد باستور للبحوث الطبيّة بباريس والمدير الحالي لـ«منظومة المعلوماتية» في جامعة دوفين في العاصمة الفرنسية.
يحمل الكتاب عنوان: «الثورة الصناعية الرقمية في فرنسا». ويناقش المؤلف على مدى فصوله مختلف المسائل المتعلّقة بالثورة الرقمية من «الانتقال من الفضاء الرقمي إلى الصناعة الرقمية» وإلى طرح السؤال التالي في عنوان الفصل الأخير «هل فرنسا هي مستعمرة العالم الرقمي؟».
ويبدأ المؤلف بالخوض في مآلات الصناعة الفرنسية في عصر الانترنت والثورة الرقمية وموقع فرنسا منها بطرح عدد من الأسئلة مثل: هل فرنسا مستعدة لعيش مثل هذه الثورة؟
المسألة الأساسية التي يؤكّد عليها لوران بلوك في تحليلاته هي أن فرنسا تمتلك العديد من «الأوراق الرابحة». ويحدد المؤلف القول إن فرنسا كانت عند الانطلاق في موقع جيد فيما يخص «الصناعات الرقمية»، ثم «فقدت سيادتها في هذا المجال منذ فترة طويلة».
وينبّه في المحصّلة من مجموعة من الأفكار «الخاطئة» السائدة.. هكذا يشرح أنه يتردد الحديث دائما عن «الإنترنت» وكأنه فضاء «غير مادي بالمطلق»، بينما أن مؤسسة مثل «غوغل» هي «عملاق صناعي». وأنها تملك ملايين محركات البحث في جميع أرجاء العالم يتم جمعها في نوع من «المصانع الإلكترونية».
بالتوازي تمتلك شبكات «غوغل» و«فيسبوك» «كابلاتها التي تجتاز المحيط الأطلسي». ثم إن نشاطاتها التجارية تتعلّق قبل أي شيء بالبنيات المادية التي تمتلكها. ثمّ «من يقول صناعة يقول بالضرورة معطيات ووقائع ماديّة».