رولا عطار
يستمر المشهد الاقتصادي- الإجتماعي في سوريا بالتغير، في ظل تواصل الحرب. فالناظر الى الحركة في الأسواق السورية، عشية عيد الفطر، يعتقد أن السوق نشطة، لكنّ التدقيق أكثر يظهر إن الحركة ليست سوى احتشاد سكاني بلا فائدة اقتصادية تذكر. فالتجول في الأسواق لا يعني بطبيعة الحال الشراء والتبضع. اما بعض الحركة المفيدة، فتتجه بطبيعة الحال الى “الأسواق الرديفة” التي نشأت في ظل الاسواق التقليدية التي كانت منتعشة قبل الحرب. وهذه الاسواق المستحدثة ليست إلا “بسطات” تعرض ما تسيّر من ملبوسات واحذية بأسعار منخفضة. وهذا النشاط المستجد لا يعود بمعظمه إلى عملية شراء طبيعية، كون المعروضات بمعظمها مسروقة وهي مقتنيات المنازل التي هجرها أهلها، والتي كانت مليئة بالملابس والأدوات المنزلية… وغيرها.
تلك البسطات تؤثر على ما بقي من محال تقليدية، فالبسطات “تستقطب الزبائن من الطبقة الفقيرة”، على حد تعبير صبحي حمودة، صاحب محل لبيع الألبسة، والذي يؤكد ان “بعض المحال فتحت فروعاً لها في مناطق معينة تعد ريفية، لبيع منتجات بأسعار منخفضة”. وهذه الخطوة هي محاولة من اصحاب المحال لتوسيع نشاطهم التجاري، عبر الوصول الى اكبر شريحة من الناس، واعتماد صيغة البيع الكثير والربح القليل، لتفادي الوقوع في الركود والخسارة. وانطلاقاً من ذلك، تقول سلمى، وهي صاحبة محل في منطقة كفرسوسة، أن بعض الأسواق أخذت تراعي أوضاع الأسر المهجّرة. وتلفت في حديث لـ “المدن” الى ان “حركة البيع لم تنشط هذا العام بشكل كبير مقارنة بالسنوات السابقة، بسبب غلاء البضائع. وما نستطيع أن نقدمه هو حسومات تصل إلى 20% على قيمة الفاتورة الأجمالية، وهو حسم يتناسب مع هامش الربح البسيط”.
حركة عيد الفطر لهذا العام “تعد أسوء من السنوات السابقة، وقد أثر عليها الوضع الاقتصادي العام للسوريين وارتفاع سعر الدولار. وقد بات السوريون لا يشترون سوى حاجياتهم الضرورية جداً، وبالنسبة لتجارتنا فنحن نبيع بالجملة ونقوم بشحن أكثر من نصف بضاعتنا إلى المحافظات الأخرى. أما بالنسبة للمفرق فالطلب عليه قليل”، بحسب أسامة السعدي، صاحب محل في سوق الصوف الذي يجمع عددا كبيرا من منتجي للألبسة. اما استعراض الاسعار، فيظهر سبب التراجع، اذ ان “قطعة القماش التي كان سعرها قبل الأزمة 1500 ليرة (6 دولارات) يصل سعرها اليوم إلى 8000 ليرة (32 دولاراً)، وذلك بسبب ارتفاع أسعار القماش والطباعة، والغلاء في ايجارات المحلات، فأي محل في منطقة الحريقة لا يقل أيجاره عن مليون ليرة (4000 دولار). ومن جهة أخرى لم تعد المعامل قادرة على العمل بكامل طاقتها”. وعموماً يمكن القول إن حركة التسوق، لا بأس بها، بالرغم من كل شيء.
من جهته، يرى عضو رابطة المصدرين السوريين للألبسة والنسيج، عدنان المصري، ان “صعوبة تنقل الناس بين أرياف دمشق والمحافظات، وإنخفاض مستوى الدخل وإنعدامه عند فئة كبيرة من المواطنين، وإنتشار البسطات غير المرخصة وتوقف حركة الزوار من لبنان والأردن وغيرهما، كل ذلك أثر سلباً على الحركة التجارية”.
في المشهد المقابل، تنشط في المدن الساحلية حركة اقتصادية ذات طابع سياحي، تتمثل بحجوزات الفنادق والمنتجعات السياحية في طرطوس واللاذقية، وهذه الحركة تقتصر على فئة ضئيلة من الميسورين القادرين على التنقل بين المناطق، والذهاب الى مراكز التسوق في المناطق التي تشهد هدوءاً نسبياً. ويؤكد مصدر في إدارة “فندق جنادا” في طرطوس، أن “هناك طبقة محددة تستطيع الإقامة في مثل هذه الفنادق حيث يصل ايجار الغرفة الواحدة إلى 26650 ليرة (حوالي 100 دولار) لليلة، أي ما يعادل راتباً شهرياً لموظف”. ويضيف ان “الفندق قد أكتملت فيه الحجوزات خلال فترة العيد، وذلك يعود الى ان محافظتي طرطوس واللاذقية مقصودتان أكثر من قبل السياح الداخليين لأنهما أكثر أماناً من المحافظات الأخرى”.