خضر حسان
تتنوّع التعليقات والملاحظات على قيام الشركات مقدمي الخدمات بمهامها التي يفترض بها ان تصب في خدمة قطاع الكهرباء، عبر تطويره وتحسين الخدمات فيه. وعلى مدى حوالي 3 سنوات من عمر عقد الشركات مع مؤسسة الكهرباء، طُرحت الكثير من النقاط الخلافية بين الشركات والمؤسسة، وبين الطرفين من جهة والمياومين من جهة أخرى. أما الحل، فلم يكن أكثر من تسويات ومساومات، تسيّر عمل الشركات، وتؤجل اي اعتراض او اعتصام قد ينفذه المياومون. والكهرباء، ما زالت قيد التقنين والأعطال المتكررة.
في خضم الحياة اليومية لمقدمي الخدمات، سجّل المياومون مخالفات وتجاوزات في العمل، تضر بحسب رأيهم، بالمصلحة العامة وبالمال العام. وآخر ما سُجّل، تنفيذ اشغال في منطقة جزين، تتضمن “هدراً للمال العام وخطراً على السلامة العامة في تنفيذ الشبكات الكهربائية من قبل متعهدي مؤسسة كهرباء لبنان”، وهذه الخلاصة هي نتيجة تنفيذ الأشغال في ظل “عدم وجود دراسة فنية سليمة وعدم وجود أي مراقبة ومتابعة من قبل موظفي قسم كهرباء جزين”، وذلك وفق ما جاء في الشكوى المقدّمة من قِبل المياوم إسماعيل عبد الله، والذي يعمل ضمن فريق شركة “نيو” NEU التابعة لشركة دبّاس. عبد الله الذي يحمل أيضاً صفة مختار بلدة الريحان، رفع الشكوى الى التفتيش المركزي (حصلت “المدن” على نسخة منها) وهي سجلت تحت الرقم 1406/و2015، بتاريخ 30/6/2015. واستند عبد الله الى ان المشروع يتضمن مخالفات كثيرة، منها “تركيب حمائل M3 غير مطابقة للمواصفات لناحية الوزن، إذ ان بعض الحمائل المزروعة سماكتها 6 ملم، علماً ان سماكتها بحسب دفتر المواصفات يجب ان تكون 9 ملم. استبدال حمائل وضعيتها جيدة وموقعها جيد ايضاً لا داعي لإستبدالها، والابقاء على حمائل مهترئة ومشظاة من جراء الاحتلال الاسرائيلي وتشكل خطراً على السلامة العامة. استخدام حمائل M3 ذات وزن خفيف ومقاومة شد ضعيفة، عوضاً عن حمائل شد ذات وزن أكبر ومقاومة شد أكبر، وهذا مخالف للقواعد والشروط الفنية. ومحاولة استبدال نواقل نحاسية وضعيتها ممتازة ولديها موصلية جيدة ومقاومة ميكانيكية عالية، بنواقل اقل جودة”.
وبفعل الشكوى، تحركت مؤسسة الكهرباء مع التفتيش المركزي، بإتجاه مكان المشروع، واطّلعا على سير العمل “دون إعلام الشركة (NEU) ودون أخذ رأيها في الموضوع” على حد تعبير مصادر “المدن” في الشركة. وبعد الإطلاع المباشر، أعدت مديرية التوزيع في المناطق بتاريخ 9- 7- 2015، تقريراً يفيد بوجود “شوائب فنية في الدراسات والتصاميم المعدة لتنفذ الاشغال القائمة حالياً على المخرجين (شوف – باتر – وجبل الريحان – سجد)”. وبناءً على التقرير، رفعت الى مؤسسة كهرباء لبنان “وثيقة إحالة” (حصلت “المدن” على نسخة منها)، موقعة من مدير التوزيع في المناطق بالانابة المهندس عامر طفيلي، بتاريخ 13/7/2015، تقترح “ايقاف العمل فوراً على الخطين المذكورين وعدم تطبيق التقنين الخاص المفروض على هذه المخارج بسبب الأشغال المفترضة. والإيعاز الى لجنة مقدمي الخدمات، الطلب من شركة مقدمي الخدمات المعنية إعادة دراسة وتصميم شبكة التوتر المتوسط وتوابعها المنوي إنشاؤها بالتنسيق مع الدائرة المعنية ومع ما يلزم، وبما يتوافق مع الاصول الفنية المتبعة في المؤسسة”.
بنتيجة ما تقدّم، تم فصل عبد الله من العمل، وإرتفعت السجالات في أوساط المياومين والشركة المعنية، وقد رفضت مصادر من المياومين قرار الفصل، معتبرة ان ما قام به عبد الله خطوة جيدة وضرورية. في الجهة المقابلة، لم تنفِ مصادر “المدن” في شركة NEU قرار الفصل، ولا وجود شوائب في تنفيذ المشروع، وأوضحت ان الفصل “لم يكن بسبب الشكوى، بل بسبب المشاكل التي افتعلها عبد الله مع المتعهد الذي ينفذ المشروع، وإطلاقه للشتائم… وغير ذلك”. وأضافت المصادر، انه “كان بإمكان عبد الله إرسال تقرير الى الشركة، يذكر فيه تعليقاته وملاحظاته، ليصار الى إجراء ما يلزم”. وتجدر الإشارة الى انه في خضم الإتهامات والإتهامات المضادة، حصلت “المدن” على رسالة تنص على ان “مخاتير وأهالي جبل الريحان يحملون مديرة الشركة الوطنية للخدمات الكهربائية السيدة كارلا عون (مديرة شركة NEU) مسؤولية أي اعتداء يتعرض له أي موظف أو مواطن شيعي من جبل الريحان في جزين”.
تطوّر الملف الى لغة التخاطب المذهبي، يحيل القضية الى مرتبة أخطر من مرتبة وجود شوائب في تنفيذ المشروع، وعملية الاعتراض عليها. وفي جميع الأحوال، فإن الشوائب تلك تُظهر غياب المراقبة، والتي تتحمل مسؤوليتها الشركة المنفذة، ومن خلفها مؤسسة الكهرباء. غير ان الشوائب بحسب مصادر شركة NEU لا يمكنها ان تُسجّل ضد الشركة اليوم، لأنها لم تُسلم المشروع بشوائبه الى مؤسسة الكهرباء، وعليه، فإن وجود أي خلل ضمن مهلة تنفيذ المشروع، هو أمر طبيعي ويمكن إصلاحه، والمحاسبة تكون بعد الانتهاء من المشروع وتسليمه الى المؤسسة، في نهاية شهر أيلول.
الإستفادة من هامش الوقت لتبرير وجود الشوائب، رفضته مصادر المياومين، لأن “المشكلة ليست بوجود خلل بسيط في طريقة العمل، بل بإستعمال أدوات تحمل مواصفات غير تلك المدرجة في دفتر المواصفات، أي ان هناك تغييراً مقصوداً في المواصفات”. ودعت المصادر مؤسسة الكهرباء الى القيام بواجباتها، معتبرة أنّ الموضوع بات أكبر من هذا المشروع بالتحديد، لأنه يذكّر بكل التجاوزات الحاصلة منذ لحظة تلزيم الشركات الى اليوم، ومنها ما لم يُحسم بعد، مثل “موضوع العداد الذكي” الذي يشاع أنه مُستقدم من شركات لها مشاريع وعلاقات مع إسرائيل، وهناك إمكانية للتجسس عبره.