اوضحت الناطقة باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في لبنان دانا سليمان، لصحيفة ”الشرق الأوسط” أن هناك خطوات محددة في دوائر النفوس في لبنان لتسجيل الأطفال الأجانب، سواء أكانوا سوريين أم غير سوريين، يجب أن تُتبع، وتُستكمل في النهاية في سفارة بلادهم بهدف الحصول على أوراق ثبوتية رسمية من بلادهم الأصلية. وتؤكد: “إننا نساهم فقط بتوعية اللاجئين بضرورة اتباع تلك الخطوات القانونية لكي يستطيع الأطفال في المستقبل حمل جنسية آبائهم، ولا يكونوا مكتومي القيد”.
ويؤكد قانونيون أن “تسجيل الولادة” بالنسبة للأجانب المولودين في لبنان، هي عملية تسجيل واقعة الولادة وليست عملية قيد، نظرًا لكون السلطات اللبنانية لا تمسك سجلات وقيود أحوال شخصية للأجانب. وبحسب تقرير نشرته “المفكرة القانونية”، فإن إجراءات تسجيل الولادة إداريا للأجانب تتضمن ثلاث مراحل، هي الحصول على شهادة ولادة من الطبيب المولّد مصادق عليها من المستشفى حيث تمت الولادة، أو من القابلة القانونية التي قامت بالولادة، وتنظيم وثيقة الولادة ومصادقتها لدى المختار الذي يتبع له مكان حصول الولادة، إضافة إلى التصريح بالولادة لدوائر الأحوال الشخصية المختصة حسب المحافظة حيث تمت الولادة. وبعد هذه الخطوات، تنقل الأوراق الثبوتية إلى السفارة السورية في بيروت، بهدف إدراج اسم المولود الجديد في دفتر العائلة.
غير أن مخاوف السوريين الأمنية، وفقدان معظمهم لأوراق ثبوتية، فاقما المشكلة. وحول هذه النقطة يقول صفوان الخطيب المسؤول في تنسيقية اللاجئين السوريين في لبنان لـ”الشرق الأوسط”: “70 في المائة من الولادات في المخيمات لم تُسجل قانونيًا، وذلك بسبب المخاوف الأمنية، حيث لا يجرؤ أحد ممن لا يمتلكون أوراقا ثبوتية على التحرك، إضافة إلى أن اللاجئين، ومعظمهم من المعارضين، يخافون التوجّه إلى السفارة السورية خوفًا من اعتقالهم، فيدفع الأطفال الثمن”. ويُقدّر عدد الولادات بين اللاجئين السوريين في لبنان، أكثر من 40 ألف طفل.
ويعرب الخطيب عن مخاوفه من “جيل سوري من مكتومي القيد، في حال لم توجد حلول لهذه المشكلة”، مشيرًا إلى أن استدراكها “جاء متأخرا، حيث بدأت الآن حملات التوعية لضرورة توثيق الولادات، على الأقل، كي لا يُحرم الطفل لاحقًا من حمل جنسية والديه السورية، ويبقى مكتومًا قيده”. ويشير إلى أن هيئة العلماء المسلمين في شمال لبنان بادرت إلى مساعدة اللاجئين الذين لم يتمكنوا من إصدار أوراق ثبوتية لأولادهم، عبر منحهم إقرارا خطيا هو بمثابة شهادة خطية، يثبت أن الطفل هو ابن فلان وفلان، وذلك كي يساعدهم هذا الاعتراف في المستقبل، حين يريدون استصدار أوراق ثبوتية لأطفالهم.
وتنضم مشكلة عدم تسجيل الولادات إلى مشكلة أخرى، تتمثل في مخالفة نظام الإقامة في لبنان، حيث يعرقل فقدان الأوراق الثبوتية بشكل مباشر وصول الأشخاص إلى الخدمات الأساسية من طبابة وتعليم وغيرهما، كما يؤثر على وصولهم إلى عملهم. وأظهرت دراسة أخيرة أعدها معهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف في بيروت، أن 70 في المائة من هؤلاء السوريين المستطلعين لا يحملون أوراقا قانونية ويعود السبب الرئيسي إلى ضرورة وجود كفيل لبناني وارتفاع تكلفة الرسوم.
الهاجس الأمني لطالما شكّل عثرات إضافية بوجه اللاجئ السوري إلى لبنان. وأوصت الدراسة بتسهيل شروط منح اللاجئين السوريين الأوراق القانونية الضرورية وآلية تجديدها وإلغاء نظام الكفالة، وتقليص التكلفة. كما طالبت بتعزيز تطبيق قانون العمل في ما خص السوريين، وتشجيع المساواة في المعاملة بين السوريين وجيرانهم اللبنانيين.