قالت رئيسة المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس الوزيرة السابقة ريا الحسن ان مشروع المنطقة وطني ويجب أن يكون له انعكاس إيجابي على كل لبنان لجهة خلق فرص عمل أو لجهة تطوير القطاع الخاص من ناحية جذب الاستثمارات وزيادة الصادرات، متوقعة أمام مفاعيل إيجابية كثيرة على الاقتصاد المحلي والوطني إنما إذا توفرت الأجواء المؤاتية واستمر الوضع الأمني المستقر.
الحسن تحدثت لـ «لــواء الشمال» واعتبرت ان المنطقة شمالا أمام مسار طويل وتؤسس لعمل مهم في ظل وضع سياسي معقد وغير سهل، وشددت على أن يكون هناك خطة موازية في طرابلس حتى يتهيئ الاقتصاد المحلي ليكون داعما لهذا المشروع.
وفي مجال آخر، قالت ان الإفلاس اليوناني لا ينطبق علينا، لأننا عندما نقول ان ديننا يشكّل 137 بالمئة فإنما صحيح ان اليورو بوند جزء منه لكنه محمول من المصارف في الداخل، واعتبرت الحسن ان الوضع نقدي جيد إلا انها تخوّفت من آثار الوضعين المالي والاقتصادي ومن انعكساهما على الوضع الاجتماعي.
الحسن زارت مكاتب «اللـواء» في الشمال وكان هذا الحوار…
* بداية في أي وجهة اليوم يمكننا الحديث عن المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس؟
– في الواقع ربما كان مفهوم المنطقة الاقتصادية غير متداول في لبنان وهي المنطقة الاقتصادية الأولى التي تنشأ في لبنان وحتى على المستوى العالمي، مفهوم المناطق الاقتصادية يختلف عن مفهوم المناطق الحرة أو المناطق الصناعية، هذه المنطقة في طرابلس عندها بُعد تنموي ولذلك هي تختلف عن المنطقة الحرّة، فنحن ننشئها في منطقة معينة حتى تحدث إنماء في المنطقة لا لزيادة الصادرات فحسب ولا لاستقطاب استثمارات أو لكي تخلق فرص عمل فهي تعتمد الانماء، وهنا تكمن مسألة الخصوصية، هي منطقة خاصة، وحتى الساعة هناك لغط لدى الناس فنسمع مثلا اننا نشكّل مجلسا اقتصاديا هذا خاطئ اننا نشكّل مجلسا لعمل بمفهوم محدد لا يتعلق بمهام محددة لإنماء طرابلس بالمعنى الضيق هي حكما تدخل في مجال الانماء إنما بالمعنى الأوسع، وهي عندها مهام محددة وإذا طبقت سيكون لها مردود إيجابي على الشمال وحتى لبنان.
* في ضوء الاجتماعات الأولى لمجلسكم أي انطباعات كوّنتِ؟ ماذا عن العقبات العامة أو التي تعترض شخصية كانت وزيرة في وقت سابق وألا يشكّل ذلك مزيدا من التبعات إذا صح التعبير؟
– نحن اليوم أمام مدة زمنية يتطلبها إنشاء منطقة اقتصادية خاصة، ففي بلد عادي لا صعوبات فيه ولا تحديات اقتصادية أو سياسية أو أمنية يتطلب الأمر أكثر من خمس سنوات عادة، لان العملية طويلة الأمد ولا يجب أن نتوخى الانتاجية في غضون عام مثلا، فمهمة المنطقة تنموية طويلة الأمد واليوم سنعمل على البنى التحتية بمواصفات جيدة ونشكّل بيئة أعمال سهلة وجاذبة للاستثمارات، كما يجب أن تستقطب القطاع الخاص وفق وجهتك، وفي النهاية تأتي الشركات لكي تعمل وهي لا تقوم بذلك إنما تتخذ قراراتها وفق خطط طويلة الأمد ايضا تمتد بين أربع وخمس سنوات.
اليوم يجب أن نتطلع الى المنطقة الاقتصادية الخاصة كمشروع طويل الأمد عنده الكثير من حظوظ النجاح وأنا أرى ان مشروعنا يتمتع بميزات تفاضلية كثيرة لتكون منطقتنا موجودة بواقعها الجغرافي الاقليمي والعربي، وإذا ما تحسّن الوضع في سوريا سيكون بامكاننا أن نشكّل قاعدة لإعادة بناء سوريا.
* ماذا عن الصعوبات؟
– نعم هناك صعوبات تتعلق بواقع البلد نفسه سواء منها السياسية والأمنية، فعلى سبيل المثال اليوم لا مجلس وزراء يعمل وهناك الكثير من القرارات التي اتخذناها تحتاج لنتوجه بها الى مجلس الوزراء، وإذا استمر التعطيل في الحكومة سينعكس ذلك على قراراتنا وهي ستتأخّر أي القرارات الأخيرة.
وبالطبع هناك حاجة ماسّة للعمل على الاقتصاد المحلي في طرابلس على وجه الخصوص، إذ علينا أن نهيئ الوضع الاقتصادي في المدينة لكي يدعم هذا المشروع وهذا يتطلب عملا كما يجب أن يتوفر عمل سياسي واضح، لنقل اننا في مواجهة تحديات لا مشاكل وهي مرتبطة بوضع المناطق الاقتصادية ككل وأخرى تتعلق بأمور كتلك التي تعترض أي استثمار. وعلى المجتمع السياسي أن يؤمن بدورها ويوفر لها سبل التموضع في الشمال وحتى على المستوى اللبناني، هذا مهم جدا. فهي أي المنطقة الاقتصادية الخاصة مشروع وطني يجب أن يكون له انعكاس إيجابي على كل لبنان لجهة خلق فرص عمل أو لجهة تطوير القطاع الخاص من ناحية تجذب الاستثمارات وزيادة الصادرات لا شك اننا أمام مفاعيل إيجابية كثيرة على الاقتصاد المحلي والوطني.
* هل سمحت لكم اللقاءات الأولى لوضع الأولويات الملحّة للعمل أو هل اتخذتم أولى القرارات؟
– عندنا خطة عمل، فمنطقتنا هي مساحة من مياه البحر بجانب المرفأ ونحن نحتاج بداية الى ردم المساحة المخصصة للمنطقة وهذا سيتطلب منا أكثر من عام ونصف، وفي موازاة ذلك يجب أن نعمل على التاسيس لاننا نخلق هيئة من لا شيء فليس عندنا حتى موظف واحد، نعم صدرت القوانين وعيّن مجلس الإدارة إلا اننا أمام توظيف، فهيكلية إدارية ومالية وأنظمة داخلية ونظام للعاملين طبعا إضافة الى استئجار مبنى وفتح حسابات والعمل على التسويق ووضع نظام المباريات، فنحن في وقتنا هذا غير قادرين على التوظيف ولا على فتح حساب مالي ولا على تحويل أية أموال، وحتى نوظف نحتاج الى قرار من مجلس الوزراء، هذا كله يستلزم منا الوقت الذي نعمل عليه بالطبع منذ شهرين. نحن أمام مسار طويل ونؤسس هيئة عامة في ظل وضع سياسي معقد وغير سهل.
* إذا انتهزها فرصة لأدعو الوزراء للانتباه الى مشاكل تأسيس المنطقة والعمل على دفعها في الحكومة وغيرها؟
– نعم ، نحتاج الى حماسة الحكومة ووزرائها وهناك مسؤوليات تتعلق بعملنا ملقاة على عاتقهم، كما اننا نحتاج لكي تتجاوز الحكومة مشاكلها أيضا. إلا اننا نمضي في التأسيس واننا بصدد تحديث سياسة استراتيجية للانطلاق بالعمل وحيث نحتاج الى استراتيجية معينة تأخذ في عين الاعتبار موقعنا مقابل المناطق الاقتصادية في العالم ومدى افادتنا من الاتفاقات التجارية التي يمكن أن نستفيد منها ونوع الاستثمارات التي يجب أن نستقطبها وأن نضع خطة توجيهية للمنطقة لنرى كيف يمكن أن نقسمها. طبعا هناك التحديات التي تتعلق بعملنا مع كل الوزارات، وإذا ما جاءنا المستثمر يوما فلن يكون بحاجة لكي يتوجه الى الدوائر والوزارات لذلك نعمل لكي نخلق له مكتبا خاصا يقوم بهذه المعاملات وهذا يتطلب وقتا أيضا.
* هل ان الصورة واضحة زمنيا للانطلاق الفعلي؟
– ربما كنا بحاجة الى أربع أو خمس سنوات.
* وما هي الوجهة؟
– علينا برأيي أن ندرس أمورنا ونرى ما إذا كان القطاع الخاص هو الذي سيطوّر ويدير المنطقة أو اننا نحن كحكومة لبنانية سنقوم بذلك. فنحن انطلاقا من القرار المتخذ في هذا المجال سنحدد خطواتنا.
* في خلال السنوات الماضية وفيما كان يجري الحديث عن هذا المشروع استحضر مرارا مشروع جبل علي وربما بنى البعض أحلاما إنطلاقا من مقاربة معينة مع الوضع في دبي أي كلام لك في هذا المجال وهل استحضار جبل علي يخدم منطقة طرابلس أو انه يسبب ظلما؟
– الأكيد ان النموذج في المطلق قريب، ولكن الوضعية في لبنان والمعطيات مختلفة بالكامل عن جبل علي فنحن بصدد 550 ألف متر مربع أما جبل علي فأكثر ربما 40 كليلومترا، الميزات هنا مختلفة تماما ولا مجال للمقارنة وهناك في جبل علي توفر دعم مالي كبير من الحكومة الاماراتية، واليوم جبل علي كموقع منفتح على آسيا وأفريقيا وأوروبا ولا تعقيدات تتعلق بالاتفاقات التجارية عنده، الأكيد ان حجمه ووزنه مختلف ولا مجال للمقارنة، وأنا برأيي علينا أن نعرف كيف يجب أن نتموضع لكي نستفيد. إننا معنيون بان نبني ونسعى لاستقطاب الاستثمارات التي تبني على القيمة المضافة حيث يمكن للاقتصاد اللبناني أن يعطيها لبعض القطاعات خاصة لجهة الابداع وتكنولوجيا المعلومات والتصميم والابتكار والموارد البشرية ولمتعددي اللغات والليونة في التعامل وصناعة المفروشات والإعلام وربما أيضا صناعة الأدوية.
* هل أفهم اننا بحاجة الى جهد طرابلسي محلي لكي ندفع باقتصاد طرابلس لكي يتماشى مع المنقطة الاقتصادية الخاصة؟ هل نحن بحاجة الى إنعاش اقتصادي مثلا؟
– لا أقول انعاشا الأكيد عندما تطلق منطقة اقتصادية ينبغي أن يكون هناك خطة موازية لها حتى على الأقل تهيئ الاقتصاد المحلي ليكون داعما لهذا المشروع، لذا علينا أن نهيئ الموارد البشرية في طرابلس في كل الاختصاصات الحرفية والمهنية والمتطورة الكفوءة ليقوموا بالعمل ويكونوا في تصرف الشركات التي ستأتي للعمل والاستثمار في طرابلس. ونحن في نهاية المطاف سنجري تقييما للموارد البشرية لنرى وضعنا على أن نعمل بعد ذلك كحكومة لبنانية مع مساعدة من مؤسسات دولية لكي ندرس الأشخاص العاملين في المنطقة.
أنا أطلق صرخة من هنا للطرابلسيين لكي يعملوا في هذا الوقت، كما يجب أن نحدد الحاجات وننسق مع الفعاليات ووزارة التربية ووزارات أخرى حتى نؤمّن بعد سنوات لاستثمار الطاقات في المحلية توخيا للانماء المحلي الذي نتطلع إليه.
* معالي الرئيسة تعرفين ان ملف النفط في لبنان تعترضه اشكاليات سياسية تعيق بدء التنقيب والاستخراج، كيف لنا في الشمال وفي طرابلس أن نأمن جانب السياسيين وأن لا نتعرّض لمفاعيل التعطيل عينها؟
– موضوع النفط في لبنان موضوع داخلي كبير وهو في الوقت عينه موضوع اقليمي كبير ايضا، وهو ملف سياسي اقليمي بحت، وأنا برأيي انه وفي الضوء التفاهم على شكل مجلس الإدارة ومكوّناته أرى ان ذلك يعني وعيا لضرورة دفع الأمور في منطقة الشمال مع الأخذ بعين الاعتبار ان هذا المشروع أساسي لانماء الشمال، ولنأمل في المقابل أن نحرك المعرض (معرض رشيد كرامي الدولي) ونتكامل معه.
* هل ان الدكتورة ريا الحسن مرتاحة لمستقبل الأمور وللمهمة التي هي بصددها؟
– لو لم أكن أشعر بان المستقبل جيد لما كنت هنا في هذا الموقع، نحن بالطبع يلزمنا الوقت وننجز الردم وإقامة البنى التحتية أرى موقعنا الجغرافي المميّز وميزاتنا مختلفة بلا ريب، ونحن وإذا قيض الله لنا أمنا دائما وبعد استتباب الأمن في سوريا مجددا وبدء التنقيب عن النفط موقعنا مهم جدا وهو سيستقطب حتما الشركات من كل صوب، كما سنستفيد من كل الميزات والمؤسسات من المرفأ ومن السكة الحديد مع العمق السوري ومن المعرض والانفتاح على اوروبا من خلال الاتفاقيات المرعية وحتى من الإفادة من الاتفاقيات العربية، باختصار موقعنا يخوّلنا الكثير وعلينا أن نعمل وأنا أرى الامكانات الكبيرة، أراها طبعا بوضوح.
مال وإقتصاد
* ننتهز الفرصة لنسأل معالي وزيرة المال السابقة عن الواقع الاقتصادي في لبنان ومصير كل هذا الجمود، أي رؤية لكم اليوم وأي رأي وهل ان الاقتصاد الوطني قادر على الصمود أكثر في ظل الأزمة السورية والوضع السياسي المأزوم والتردّي في الميزان التجاري؟
– لا يمكن لأحد أن يجيب عن السؤال المتعلق بمسألة القدرة على الصمود، ولا عن الأمور التي تؤدي الى الانكسار أو الإفلاس، لا يمكن ذلك، لا أجوبة في الواقع حتى عن الوضع إذا ما تفاقم الدين العام وصار 150 بالمئة أي ما يقارب الـ 80 مليار، لا أحد يمكنه أن يجيب على ذلك فالقضية قضية عامل الثقة، هي نقطة قد تولد الذعر لدى الناس ولكن لا أحد يعرف متى نصل الى ذلك، قد يؤدي الى مثل هذا الاحتمال حدث أمني أو حدث سياسي أو تغيير في النظام أو حدث اقليمي عندها ومن دون قدرة على التحسّب قد يحدث ذلك السقوط أو الانكسار، اليوم لا نرى أي علامات لمثل هذا الاحتمال، لا اقبال على الدولار، الودائع تتوالى من الخارج.
* ماذا عن الثقة العالمية وقد وضعنا مؤخرا في المرتبة الـ 13 بعد اليونان؟
– الإفلاس اليوناني لا ينطبق علينا لأننا عندما نقول ان ديننا يشكّل 137 بالمئة فإنما صحيح ان اليورو بوند جزء منه لكنه محمول من المصارف في الداخل، والمصارف ارتباطها العضوي مع الخزينة اللبنانية لا يفتح لها مجالا لبيع السندات لانها إذا قامت بذلك تنكشف، هناك الارتباط الكبير بين مصلحة الدولة عند المصارف ومصلحة المصارف عند الدولة وهذه المعادلة تحافظ على الاستقرار النقدي لا المالي، وهذه العلاقة صعب الخروج منها، وإذا أصبح الدين العام 100 مليار وهو يزيد كل عام هل عندها قدرة المصارف على التمويل في ظل المخاطر ستبقى ذاتها. علينا أن نراقب ونرى حجم الدين العام، الا انني أرى ان الوضع النقدي جيد ومصرف لبنان يطبق سياسة مالية متحفظة ويأخذ كل القرارات ليحافظ على وضع المصارف المتين ويبقي على الثقة بالأسواق المالية وعنده ما يكفي من الاحتياطي بالعملة الأجنبية، وبالتالي لا خوف على الوضع النقدي.
* وماذا عن الوضع الاقتصادي والمالي؟
– عندنا كارثة حقيقية، فكل مؤشرات الوضع الاقتصادي متدنية من السياحية والتجارية والصناعية، الميزان التجاري، ميزان المدفوعات، حركة العقار كله متراجع، ربما هناك حركة سياحية إلا انها ليست حركة النوع من السياح الذين ينفقون في البلد سياحة أردنية – عراقية – سورية لا خليجية. ونرى تباطؤا في الحركة الاقتصادية ونأمل أن نحقق 1،5 من النمو، هذا لا يعكس وضعا سليما، الخوف على انعكاس هذا الأمر على الواقع الاجتماعي، فالمؤسسات تقفل وهناك أناس يسرحون من عملهم، وهذا يصيب المؤسسات الصغيرة.
كما ان الوضع المالي ليس مريحا أيضا ووزارة المال تحدثت عن تراجع في الإيرادات والعجز مرتفع الدين مرتفع، ومع ازدياد العجز تدفع الدولة المزيد من الفوائد ويخف الانفاق على المشاريع المهمة، وخدمة الدين تاكل الانفاق المجدي، لا بد أن يصيب كل ذلك الوضع الاجتماعي في البلد ونرى الناس يرزحون تحت وطاة واقع سيئ مرشح للتفاقم.