تباينت آراء الخبراء، بشأن تداعيات قرار إعلان حالة الطوارئ في تونس، على الحالة الاقتصادية في البلاد، بين رأى اعتبره “اعترافاً ضمنياً بضعف الوضع الأمني”، وآخر اعتبره “إشارة قوية موجهة للمستثمرين لكسب ثقتهم”.
وكان رئيس الجمهوية التونسية الباجي قائد السبسي، أعلن في 4 يوليو/تموز، حالة الطوارئ، بعد أسبوع من هجوم “سوسة”، الذي راح ضحيته 38 سائحاً، أغلبهم بريطانيين.
وقال الخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي، إنّها ليست المرة الأولى التي تعلن فيها حالة الطوارئ، مضيفا أنّه “منذ سنة 2011، لم تعش تونس حالة عادية، إلاّ مدّة 15 شهرا تقريباً، وبالتالي فإنّ ذلك يوضح أن حالة الطوارئ لم يتم استغلالها لتثبيت الأجهزة الأمنية، والرفع من أدائها لمواجهة أشكال الإرهاب والتهريب، وزيادة حصانة الحدود”.
وأعرب البدوي عن اعتقاده أن “القرار الرامي لتوفير الظروف للنهوض بالأجهزة الأمنية، غير كافٍ، باعتبار أنّه لا يمكن إنجازه في شهر ما لم يتم إنجازه في سنوات”.
وقال الخبير الاقتصادي إنّ “القرار جاء بعد عمليتين إرهابيتين مأساويتين، راح ضحيتهما نحو 60 قتيلاً وعشرات الجرحى”، مشيراً أنّ “إعلان الطوارئ من شأنه أن يربك الأطراف في جميع الميادين، من وكالات سفر، وسياح كانوا مستعدين للمجيء إلى تونس وتحدّي الارهاب”.
ورأى البدوي، أنّ إعلان حالة الطوارئ يؤكد أن الظروف الأمنية غير آمنة بالنسبة للسياحة، وهو قرار يتناقض مع الإجراءات المتخذة لدعم قطاع السياحة، مضيفا أنّه “من جهة تعمل على الرفع من قدرة القطاع على استقطاب السياح، ومن جهة أخرى تربكهم”.
وتابع البدوي “قرار بريطانيا ‘دعوة رعاياها مغادرة تونس’ ليس ارتجاليا، بل جاء نتيجة تحقيقات قام بها خبراؤها الأمنيون، بعد عملية سوسة، وهو طلب يأتي فقط في حالات الحرب”، مشيراً أنّ قرار حالة الطوارئ سيؤثر سلبا على نسبة النمو التي لم تتجاوز 1.7 بالمئة في الربع الأول من العام الحالي، حيث سيكون من شبه المستحيل تحقيق الهدف المعلن في قانون المالية سنة 2015 بخصوص نسبة النمو التي تمّ تحديدها في حدود 3 بالمئة.
وكانت الحكومة البريطانية، دعت رعاياها في تونس، الخميس الماضي، إلى المغادرة “بسبب الوضع الأمني ومستوى التهديد الإرهابي في تونس”.
من جهته، اعتبر استشاري الاستثمار محمد الصادق جبنون، أن إعلان حالة الطوارئ فرضه الواقع الأمني، مشيراً أنّ “الاقتصاد التونسي في وضعية من التراجع، حيث لم تتجاوز نسبة النمو في الربع الأول من العام الجاري1.7 بالمئة، ويمكن أن تصل إلى 0.0 بالمئة، في الربع الثاني من العام، إذا لم تتراجع إلى نمو سلبي في الفترات اللاحقة، خاصة إذا ما تواصل ضعف الانتاجية والاضرابات الاجتماعية”.
وأكد جبنون في حديثه أنّ “حالة الطوارئ في الفترة الراهنة، يمكن أن تكون فرصة لإعادة ترتيب الأوضاع، وإشارة قوّية على الصعيد الأمني موجهة إلى المستثمرين، في محاولة لكسب ثقتهم مرّة أخرى، على أن يتم القيام بالإصلاحات الضرورية بنسق سريع، لجذب المستثمرين وتحفيزهم، سواء كانوا أجانب أو تونسيين”.
وفي معرض رده على سؤال، حول أنّ “القرار لم يمثل إشارة قوية، خاصّة بعد دعوة بريطانيا رعاياها إلى مغادرة تونس”، أكد الاستشاري “أنّ قطاع السياحة في تونس، في تراجع مستمر منذ عام 2011، ونوعية السياحة هي أساساً الفندقة الصيفية، وليست ذات قيمة مضافة عالية، وتستهدف الشرائح ذات الانفاق الضعيف”.
واعتبر أنّه “من المفارقات اليوم أن تتجاوزعائدات تصدير زيت الزيتون، نصف نظيرتها من السياحة للعام الجاري، برغم قلة الاستثمارات في القطاع الفلاحي، علماً أنّ الديون المصنّفة في القطاع السياحي تمثل عبئا كبيرا على البنوك التونسية، مؤكدا ضرورة الانفتاح على أسواق سياحية أخرى، وخاصّة السوق الآسيوية، كما أصبح من الضروري اليوم إجراء اتفاقية “الأجواء المفتوح” وإن أدّى الأمر إلى خصخصة شراكة الخطوط التونسية.
تجدر الإشارة أنّ عائدات السياحة خلال السدس الأول من العام الجاري، سجلت تراجعا ملحوظا بنسبة 17.1 بالمئة، حيث بلغت 1.1987 مليار دينار تونسي (630.8 مليون دولار أمريكي) مقابل 1.4453 مليار دينار (760.6 مليون دولار)، في الفترة نفسها من 2014، وفق إحصائيات نشرتها وزارة السياحة الجمعة الماضي.
كما سجل عدد الوافدين إلى تونس تراجعا بنسبة 20.9 بالمئة، حيث بلغ عددهم حوالي 2 مليون و500 ألف وافدا، مقابل حوالي 3 ملايين و200 ألف وافدا في السدس الأول من 2014.