إسكندر الديك
واصلت البطالة في ألمانيا انخفاضها المتتالي وسجلت وكالة العمل الاتحادية في نهاية حزيران (يونيو) الماضي أكبر تراجع لها في الشهر المذكور منذ 24 سنة. وأوردت الوكالة أن عدد العاطلين من العمل انخفض إلى 2.711 شخص بتراجع عن أيار (مايو) الماضي يبلغ 51 ألفاً، أو 122 ألفاً عن الشهر ذاته من العام الماضي.
وكان أيار سجّل وجود 2.762 مليون عاطل من العمل في البلاد، بتراجع بلغ 81 ألفاً عن نيسان (أبريل) الماضي، و120 ألفاً عن الشهر ذاته من العام الماضي. وبذلك انخفض معدل المؤشر العام للبطالة في البلاد من 6.5 إلى 6.3 في المئة والآن إلى 6.2 في المئة في الشهرين الماضيين.
وعلى رغم أن النمو الاقتصادي في ألمانيا «ضعف بعض الشيء في الفترة القصيرة الماضية، إلا أن سوق العمل لا تزال تتطور في صورة لا بأس بها» وفق رئيس الوكالة فرانك يورغن فايزه الذي أضاف «أن التطور الإيجابي في البطالة استمر في البلاد على رغم انتهاء الانتعاش الذي شهدته في الربيع الماضي».
وتحدثت وكالة العمل عن «أخبار جيدة» تتعلق بزيادة بحث الشركات الألمانية عن قوى عاملة جديدة في البلاد، لافتة إلى أن الطلب على الأيدي العاملة ارتفع في حزيران إلى 572 ألف فرصة عمل، بزيادة 78 ألفاً عن الشهر ذاته من العام الماضي. وأتى العدد الأكبر من الطلبات من الشركات العاملة في الصناعة المعدنية.
ووفق وكالة العمل الاتحادية تتزايد فرص العمل في البلاد باستمرار، خصوصاً أن عدد العاملين في ألمانيا تجاوز 42.6 مليون شخص. ومقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي زاد العدد بمقدار 213 ألف شخص، ما يعادل نسبة 0.5 في المئة من مجمل عدد العاملين. وأَضافت الوكالة أن لا بد مع ذلك من ملاحظة تراجع نسب الزيادات خلال الأشهر الأخيرة. وينسحب الانخفاض العام في البطالة في ألمانيا على ولاية براندنبورغ الشرقية التي تحيط بالعاصمة برلين وبولاية برلين ككل، إذ تراجعت نسبة البطالة في الولايتين المذكورتين في صورة ملموسة ووصلت إلى مستوى منخفض لا تعرفه منذ توحيد ألمانيا عام 1990. وانخفضت البطالة في برلين في أيار من 11 إلى 10.8 في المئة فيما تراجعت في براندنبورغ إلى 8.5 في المئة بفضل ارتفاع حاجة الشركات العاملة فيها إلى الأيدي العاملة.
وحضّ عدد من السياسيين والاقتصاديين الألمان الحكومة والهيئات المعنية في الفترة الأخيرة على العمل لتسهيل العقبات القائمة أمام دخول مئات آلاف المهاجرين واللاجئين إلى ألمانيا إلى سوق العمل لسد حاجة الشركات والمؤسسات الملحة إلى مزيد من اليد العاملة. وأشار المكتب الاتحادي للإحصاء في فيسبادن الشهر الماضي إلى «أن الهجرة قد لا توقف الانخفاض السكاني الحاصل في البلاد، لكنها قادرة على التخفيف من وطأته على الأقل». وتبعاً للحسابات المستقبلية التي أجراها المكتب المذكور سينخفض عدد مواطني ألمانيا من الآن وحتى 2060 من 80.8 مليون شخص إلى 73.1 مليون شخص على رغم توافد المهاجرين إليها. أما في حال تراجع الهجرة واللجوء سينخفض عدد سكان ألمانيا إلى 67.6 مليون شخص، الأمر الذي سيزيد من أزمة اليد العاملة.
ونبّه مجلس إدارة المؤسسة الألمانية للهجرة والاندماج المسؤولين في البلاد «إلى النتائج السلبية المتوقعة من التحول الديموغرافي الجاري في البلاد»، مؤكداً حاجة ألمانيا الكبيرة إلى اليد العاملة المهاجرة. وحذرت رئيسة المؤسسة كريستينه لانغنفيلد الحكومة من تبعات استمرار غياب استراتيجية مشتركة لتشجيع الهجرة. وبعدما حضت الحكومة على اعتبار ألمانيا «دولة هجرة بكل ما في الكلمة من معنى» اعتبرت «أن على المسؤولين فيها الظهور بمظهر أكثر صدقاً في هذا المجال». وأشارت «إلى أن حرق منازل اللاجئين وخيمهم كما حصل في البلاد في الأشهر الماضية «يرسل إشارة كارثية» إلى الخارج.
وطالبت الكتلة النيابية لحزب الخضر الحكومة أخيراً بوضع برنامج فوري لمساعدة اللاجئين على تعلم اللغة الألمانية، وقبول شهاداتهم الجامعية والمهنية، وتقديم المشورة العملية للحصول على عمل، وذكر الباحث الاقتصادي الألماني هربرت بروكر، من معهد سوق العمل وبحوث المهن، في دراسة له أن «كلما حصل مهاجر على عمل في صورة أسرع، كان هذا أفضل له ولسوق العمل وللدولة الاجتماعية». وتكهّن الخبير في دراسته بأن عدد العاملين في ألمانيا سينقص بنسبة الثلث حتى 2050 في حال عدم الاستعانة بالمهاجرين ودمجهم في سوق العمل الألمانية.