Site icon IMLebanon

تململ في بيئة “حزب الله” مع تصاعد عدد قتلاه

hezbollah-techyi3

كتبت صحيفة “الشرق الأوسط”:

ينعكس تصاعد أعداد قتلى عناصر حزب الله اللبناني الذين يقضون خلال المواجهات التي يخوضونها في مختلف المناطق السورية، تململا في البيئة الحاضنة للحزب، لا يزال غير علني وظاهر إلا أنه واضح وملموس من قبل من يعيشون في هذه البيئة أو يتابعون شؤونها عن كثب. ولعل البيانات والمواقف التي تصدر عن بعض هؤلاء على شبكات التواصل الاجتماعي أكبر دليل على حجم الاستياء الذي يتفاقم مع وصول جثمانين القتلى من سوريا لتشيّع في الضاحية الجنوبية لبيروت أو مناطق الجنوب اللبناني.

وينقسم جمهور حزب الله حاليا بين مؤيد لإشراك عناصر من الحزب في القتال الدائر في سوريا على قاعدة “الأهداف الاستراتيجية للمقاومة”، ومعارض يستند إلى أن “المقاتلين لم ينخرطوا في المقاومة إلا لقتال إسرائيل”.

حالة من الصمت “العلني” تتفشى في مناطق نفوذ حزب الله، إلا أن هناك من هو مصرّ على انتقاد سياساته التي “أوصلت الشيعة إلى تجاوز الخطوط الحمر من خلال انغماسه في المعارك في سوريا”. ولقد أصبحت البيئة التي كانت ترفض في السابق الاستماع إلى انتقادات توجّه لسلوكيات الحزب، بحجة أنّه لا يجوز انتقاد “المقاومة”، تتحدّث سرًا عن “فقدان الحزب البوصلة”، لكنها ترفض في الوقت عينه المناقشة العلنية فيه لأن “للجدران آذانًا” كما يقول زين فرحات أحد سكان الضاحية.

البيئة الحاضنة للحزب التي كانت تزغرد يومًا لمقاوم “استشهد” في المواجهة مع إسرائيل، أو من كانت تتقبّل “التبريك” بسقوط ولدها دفاعًا عن مقام شيعي في دمشق أو غيرها من المناطق السورية، لم تعد تتقبل الواقع الحالي. والصرخة المكتومة انفجرت منذ أسبوع مع عمّة أحد قتلى “حزب الله” الذي قضى في منطقة الزبداني السورية، واسمه عماد رهيف السبع. إذ رفعت العمة المفجوعة صورة رئيس تيار “المستقبل” سعد الحريري أثناء التشييع الذي أقامه حزب الله في منطقة برج البراجنة بالضاحية الجنوبية لبيروت، وذلك تعبيرًا عن رفضها لممارسات الحزب الذي نجح في تعبئة شباب عائلة السبع، المعروفة من قبل بتأييدها لتيار “المستقبل”، وإقناعها بالانخراط في صفوف حزب الله.

ويبدو أن “التعاطي النقدي العلني” من الشيعة اللبنانيين اليوم مع “حزب الله” ظاهرة غير مسبوقة. إذ يقول حازم عطايا “أنا من المؤيدين للحزب ومقتنع أن الجماعات المسلحة في سوريا هي وجه آخر لإسرائيل وتشكل خطرا علينا ومن واجبنا الدفاع عن عرضنا وديننا، إلا أننا لسنا وحدنا شيعة. فلماذا لا ترسل إيران بضعة آلاف من مقاتليها للقتال في سوريا؟ علما بأننا نثق أن مقاتلي الحرس الثوري الإيراني هم من أشرس المقاتلين في الحروب وقادرون على تغيير المعادلة، لكنهم فقط يدفعون بنا نحن إلى الخطوط الأمامية. ماذا ينتظر الإيرانيون بما أنها حرب وجودية ألا يهمهم وجودنا؟”.

بالمقابل، يبدو قسم كبير من شيعة لبنان مقتنعًا بكل القرارات التي يتخذها حزب الله، ويرى طارق سليم أن “عدد قتلى حزب الله الذين سقطوا خلال السنوات الـ3 الماضية في سوريا، كانوا يسقطون خلال بضعة أسابيع بمواجهة إسرائيل أيام الاحتلال لأراضينا”، وشدد على أنّه “وبعكس ما يتم الترويج له، فإن حزب الله لم يُستنزَف وهو أقوى من السنوات السابقة”. وأضاف: “المطلوب اليوم التعاطي الواقعي مع الأمور فبمقابل عدد القتلى الذين يسقطون في سوريا، هناك المئات من المقاتلين الجدد الذين ينخرطون في صفوف المقاومة، هذا إذا لم نتحدث عن الخبرات القتالية التي يراكمونها خلال مواجهتهم الإرهابيين في سوريا”. وأردف سليم قائلا: “الجميع يعلم أنه عندما يقضي أحد عناصر الحزب في أرض المعركة، فمعظم أصدقائه المقربين منه وأشقائه ينضمون إلى حزب الله تنظيميا انتقامًا ممن قتلوه”.

من جهته، يُعرب قاسم عواضة (أحد سكان الجنوب) عن “أسفه لذهاب شبان حزب الله إلى سوريا ليقتلوا هناك، فيما نرى السوريين هنا يدخنون النراجيل ويعملون ويعيشون حياة طبيعية”، متسائلا: “لماذا نخسر فلذات أكبادنا من أجل شعب لا يبالي بمصير بلده؟” ويضيف عواضة: “نعلم أن حزب الله يحمينا بمواجهته الإرهابيين في سوريا، لكننا لم نعد نحتمل أن يُقتل شبابنا ونرى شبانا سوريين غير مبالين بمستقبل سوريا”، داعيًا إلى “المساهمة في خلق أطر شيعية لاستيعاب موجة التململ غير المسبوقة التي تجتاح بيئة الحزب”.