بعد نحو 4 اعوام على تطبيق قانون منع التدخين، يبقى الأخير محصوراً بالمطاعم التي تُقدّم مأكولات أجنبية، رغم وعود وزراء بفرضه وإهمال آخرين له. وإذا أظهرت الأرقام أنَّ سوق الدخان لم تتأثر مباشرة بهذا القانون، فهذا يعني، وفق المعنيين، أنّه لا يُطبّق بإنصاف أو انَّه لاقى مصير غيره من القوانين التي سرعان ما غدت حبراً على ورق.
صدر قانون منع التدخين عام 2011، وبدأ تطبيقه في الوزارات والدوائر الرسمية، باستثناء المطاعم التي أعطيت فترة سماح لكي تُحسّن أوضاعها وتتمكّن من التأقلم مع الواقع الجديد.
تقتصر نسبة المطاعم التي تلتزم حالياً تطبيق قانون منع التدخين على 80%، وهي اجمالاً تلك التي تقدّم المأكولات الأجنبية، وفق ما يؤكد نقيب أصحاب المطاعم والملاهي الليلية والباتيسري طوني الرامي. ويشير في هذا السياق إلى أنَّ أصحاب المطاعم الذين يقدمون المطبخ اللبناني قسّموا مؤسّساتهم إلى شطرين، الأول مخصّص للمدخنين، فيما الشطر الآخر محسوب على غير المدخنين، علماً أنَّ لدى غالبية هذه الأماكن واجهات تُفتح لتهوئة الصالات.
من جهته، يقدّر رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاطف مجدلاني أن تكون نسبة المطاعم الأوروبية التي “تحترم نفسها” عبر التقيّد بالقانون بين 40-50% كأبعد تقدير. لكنّ اللافت، على حدّ تعبيره، “انتشار ثقافة عدم التدخين لدى المواطنين الذين يُظهر بعضهم امتعاضه من السماح بالتدخين في بعض الأماكن، وذلك بفعل وجود قانون يضمن لهم هذا الحق”.
انطلاقاً من ذلك، ليس مستغرباً أن تكون سوق الدخان قد ظلّت كما هي من دون أي تغيّير ناتج من فرض قانون منع التدخين. ويقول عضو مجلس الإدارة في ادارة حصر التبغ والتنباك “الريجي” جورج حبيقة لـ “النهار”، أنَّ التراجع الذي طاول سوق الدخان ومبيعات “الريجي”، ووصلت نسبته إلى 30% منذ بداية 2015 مقارنة بالفترة عينها من العام الماضي، سببه التهريب وإدخال سجائر إلى البلاد من سوريا بفعل الانفلات على الحدود وغياب الرسوم
الجمركية.
في المقابل، ارتفع استهلاك التنباك للنراجيل 60%، إذ ثمّة أنواع يفضّلها اللبنانيون (تفاحتان) غير متوافرة في السوق السورية، وتالياً، سلكت المبيعات طريق الارتفاع.
ويلفت إلى أنَّ استهلاك الدخان لم يتراجع، بل تحوّل من السجائر المرتفعة الثمن إلى الأصناف الأقل ثمناً، بما يُظهر أيضاً تراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين.
وفيما اعلن وزير السياحة ميشال فرعون سابقاً أنَّه وجّه أكثر من دعوة إلى المطاعم لتطبيق رقابة واثقة، “لأنَّ القانون وُضع لمصلحتهم ومصلحة صحتهم”، اعتبرت منسّقة الحملة المدنية لتطبيق القانون 174 رانيا بارود أن لا رغبة لدى الوزارات المعنية الحالية في فرض التزام القانون، إذ انَّ فرعون لم يُبد أي تجاوب مع الموضوع، في حين أنَّ وزير الصحة وائل أبو فاعور كرّر مراراً عزمه فرض التقيّد بالقانون، لكن لا نتائج ملموسة حتى الآن. وتتساءل كيف يُمكن الدولة أن تُقر قانوناً لمنع التدخين، وأن تملك في الوقت عينه “الريجي” لإنتاج التبغ والتنباك إذا لم يكن الموضوع عبارة عن تضارب في المصالح.
وعن الآثار السلبية التي يُمكن أن يتسبّب بها القانون على السوق والإنتاج الوطني من الدخان، أكّدت أنَّ الجانب الصحي هو الأهم، لما للدخان من آثار سلبية تفوق تلك التي تسبّبها المأكولات التي لا تستوفي الشروط الصحية. وختمت بارود بالإشارة إلى ما أوردته دراسات قامت بها الجامعة الأميركية في بيروت، عن أنَّ التقيّد بالقانون أمر إيجابي بالنسبة إلى الدولة التي تخسر مليارات الدولارات بفعل الفاتورة الصحية التي تتخطّى قيمتها الأرباح المحققة من تجارة الدخان.