يعبر مئات اللاجئين الافغان الحدود يوميا عائدين من ايران الى بلدهم بعدما انهكتهم ظروف العمل القاسية واتى على كثيرين منهم الادمان على المخدرات التي اعتادوا عليها في هذا البلد المجاور.
فعلى مرأى حرس الحدود الافغان والايرانيين، تعبر قوافل العمال الافغان الهاربين من جحيم العمل في ايران الى جحيم الحرب في بلدهم، سالكين سهل اسلام قلعة المؤدي الى ولاية هرات غرب افغانستان.
وكل يوم، يعبر ما بين الف شخص و1500 ممن لا يحملون اوراقا ثبوتية، ومعظمهم من الشباب، عائدين الى افغانستان، سواء بملء ارادتهم او بعدما طردتهم السلطات الايرانية.
ومنذ الثمانينات، انتقل ملايين الافغان الى ايران، التي تفصلها حدود طويلة مع افغانستان، هربا من النزاعات المتواصلة منذ ثلاثة عقود في بلدهم.
لكن منذ سقوط نظام حركة طالبان في العام 2001، باتت الحركة الحدودية في الاتجاه المعاكس، اذ قرر عدد كبير من المهاجرين العودة الى بلدهم.
وفي السنوات الاخيرة، تسارعت حركة العودة بسبب الضغوط التي تمارسها السلطات الايرانية على اللاجئين الافغان، ولا سيما على من هاجروا اليها بشكل غير قانوني وعددهم 1,7 مليون، فيما عدد اللاجئين الشرعيين 840 الفا.
ولا يصدر عن طهران اي تعليق حول سياستها تجاه اللاجئين الافغان بل انها تتجاهل معاناتهم، وهو ما تندد به منظمات حقوقية منذ سنوات.
على بعد 120 كيلومترا من الحدود، تستقبل مدينة هرات كبرى مدن الغرب الافغاني معظم اللاجئين العائدين، وتلاحظ السلطات وجود ظاهرة متنامية بينهم، وهي الادمان على المخدرات التي تعاطوها في ايران.
في مركز لعلاج المدمنين في هرات، يروي اللاجئ العائد محمد شوغوك ان رب عمله في مدينة مشهد الايرانية كان يعطيه الافيون بدل الاجر، وبذلك اصبح مدمنا على المخدرات.
وبحسب الطبيب سيف الله بارديس المشرف على المركز، فان “كثيرا من ارباب العمل الايرانيين يعطون المخدرات لعمالهم ويقولون لهم ان تناولها سيحسن انتاجهم فيرفع أجرهم”.
ووفقا للارقام الرسمية، فان 500 طن من المخدرات تستهلك سنويا في ايران، وهو ما ترجع سلطات طهران اسبابه لكون البلاد واقعة على طريق تجارة المخدرات الاتية من افغانستان.
فافغانتسان مسؤولة عن 85% من انتاج الافيون في العالم، وهي المادة المستخدمة في صنع الهيرويين.
وتستفيد زراعة المخدرات في هذا البلد من الحرب ومن ضعف الدولة وخصوصا في المناطق النائية، بحسب الامم المتحدة.
وينتقل جزء كبير من هذه المخدرات الى العالم عبر ايران، حيث يمكن للتجار والمستهلكين ان يعثروا عليه بسهولة، بما في ذلك العمال الفقراء المضطرون الى العمل الشاق لكسب قوتهم.
ولد الافغاني اكبر انواري في ايران، وهناك بدأ تعاطي المخدرات قبل ان تطرده السلطات الى بلده.
ويقول هذا الشاب البالغ من العمر 28 عاما “عائلتي تقيم في ايران، وليس لدي اي اتصال معهم”، مبديا امله في ان يتخلص من الادمان قبل ان يلتقيهم مجددا.
وبحسب محمد رضا ستانيكزاي المسؤول في مكتب الامم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة في كابول، فإن معظم الافغان المدمنين بدأوا تعاطي المخدرات في الخارج، ولاسيما في باكستان وايران.
في الآونة الاخيرة، اعرب الرئيس الافغاني عن قلقه من التهديد الذي تشكله المخدرات معتبرا ان المدمنين على المخدرات قد يتحولون الى وقود للاضطرابات.
يحظى عدد من المدمنين بالرعاية اللازمة، لكن كثيرين آخرين يهيمون على وجوههم في شوارع هرات، ومنهم من يتحولون الى الجرائم وينتهي بهم الامر في السجن، فيحولهم المخدر الذي طنوا انه يساعدهم على حسن العمل او تحمل مشاقه، الى لعنة.
ويقول محمد نعيم البالغ من العمر 23 عاما “بدأت تعاطي المخدرات في ايران، كان العمل مرهقا جدا، كنت اتعاطى الهيرويين لابقى صامدا.. لكني في ما بعد صرت عاجزا عن العمل”.