رجح مسؤولون عراقيون أن يؤدي رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، إلى تعزيز وتيرة التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين العراق وإيران. وأشاروا إلى أن إحدى العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران هي الحصار المصرفي وما يتضمنه من تبادلات مصرفية وتسديد قيمة الواردات، وبالتالي فإن هذه العقوبات تعتبر معوقاً لنظام التجارة والاستثمار بين البلدين منذ العام 2012، وهي بداية فرض سلسلة عقوبات آحادية تستهدف خصوصاً قطاعي الطاقة والمصارف.
وأكد مظهر محمد صالح، المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء في تصريح الى «الحياة»، أن «العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، خصوصاً المتعلقة بقطاع المصارف والطاقة، عقبة أمام تعزيز العلاقات الاقتصادية بين العراق وإيران».
وأضاف: «إيران دولة جارة مهمة للعراق من حيث امتداد الحدود وزخم التبادل التجاري الذي يبلغ نحو 14 بليون دولار سنوياً، إلى جانب تبادل السياحة الدينية والاستثمارات في القطاعات كافة، خصوصاً الزراعة والصناعة».
واعتبر أن «رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران يعد خطوة ايجابية ويصب في مصلحة العراق ودول المنطقة». ولكن خبراء أشاروا إلى أن عملية جذب الاستثمارات الإيرانية إلى العراق ستكون في شكل تدريجي، خصوصاً في حال رفع الحظر عن المصارف الإيرانية، إلى جانب التعاون الثنائي في مجال الطاقة، وخصوصاً في ملف الغاز».
واعتبرت جهات معنية أن رفع العقوبات الاقتصادية يعطي إشارة للاستقرار للعلاقات التجارية والاقتصادية والاستثمارية بين العراق وإيران، كما أن أي اتفاق بين إيران والغرب والولايات المتحدة يعد مؤشر استقرار للمنطقة. واعتبرت وزارة السياحة والآثار العراقية أن تصدّر العراق قائمة الدول التي زارها إيرانيون خلال عام 2014 ظاهرة ايجابية، مؤكدة أنها تسعى إلى إنجاز مشروع النافذة الواحدة مع إيران لمضاعفة الموارد الاقتصادية من القطاع السياحي.
وكانت وزارة الداخلية الإيرانية أعلنت أخيراً أن العراق تصدر قائمة الدول التي زارها إيرانيون العام الماضي، موضحة أن أقل من 80 في المئة من وجهة سفر الرعايا الإيرانيين كانت إلى خمس دول، هي العراق بما نسبته 33 في المئة، وتركيا بـ20 في المئة، والإمارات بـ12.7 في المئة، والسعودية 11.22 في المئة، في حين احتلت ألمانيا المرتبة الأخيرة بـ2.8 في المئة.
وقال المدير العام لهيئة المجاميع السياحية التابعة لوزارة السياحة والآثار محمود الزبيدي «احتلال العراق المرتبة الأولى لإقبال الزائرين الإيرانيين ظاهرة ايجابية تشكل رافداً مهماً لتنمية اقتصاد البلد»، مشيراً إلى أن «الوزارة تنسق مع الجانب الإيراني لتنظيم دخول الوافدين للعراق».
وأضاف أن «الوزارة تسعى إلى تطبيق مشروع النافذة الواحدة بهدف مضاعفة الموارد الاقتصادية للبلد»، موضحاً أن «إيران أبدت ارتياحها لهذا المشروع، إذ يسهل الحصول على سمات الدخول مع ضمان الموارد الاقتصادية كافة من خلال تفعيل نشاط القطاع الخاص».
ولفت إلى أن «عدد الزوار الإيرانيين إلى العراق كان سيصل إلى 1.2 مليون سنوياً، ولكنه انخفض قليلاً بسبب الأزمات المالية، إذ أصبح يراوح بين 800 ألف شخص و900 ألف فقط، ولكن هناك مجالاً للتفاوض مع الجانب الإيراني لتسهيل الإجراءات لزيادة عدد الزوار».
وكانت مصادر معنية صرحت أن «العراق بأمسّ الحاجة إلى تعدد موارده الاقتصادية، خصوصاً في ما يتعلق بالجانب السياحي»، مضيفة أن «الأزمة الاقتصادية التي يمر بها البلد، والتي تزامنت مع الأزمة الأمنية، أظهرت فشل السياسة الاقتصادية المعتمدة خلال السنوات الـ10 الماضية».
وأوضحت المصادر أن «العراق اعتمد على مورد واحد هو النفط ما ولّد مشكلة كبيرة»، داعية الحكومة إلى «الاستثمار في كل ما يتاح أمامها لتطوير الجانب الاقتصادي، لا سيما المجال السياحي الذي لا يكلفها شيئاً سوى الاهتمام بالمراقد المقدسة والمرافق السياحية مثل الآثار». وشهدت السياحة الدينية في العراق «شبه توقف» بعد اجتياح تنظيم «داعش» عدداً من المحافظات والمناطق، ولكنها عادت تدريجاً منذ مطلع السنة.
وكان وفد إيراني برئاسة وزير الطرق وبناء المدن عباس اخوندي، زار بغداد أخيراً وأجرى مباحثات تطرقت إلى تعزيز آفاق التعاون في مجال التخطيط العمراني وبناء المدن العصرية، فضلاً عن مجالات النقل الجوي والبحري والسكك الحديد ودخول الشركات الإيرانية إلى المدن العراقية والاستفادة من خبراتها.
ويتفاوض الجانبان حول الحقول المشتركة وإمكان استثمارها، إلى جانب مناقشة خطط تتعلق بالطاقة إذ يعتبر العراق أن هذا الأمر يصب في زيادة إنتاجه النفطي والاستثمار في مجال إنتاج الغاز ونقله.