هاجر كنيعو
في حزيران 2011 اقر مشروع قانون الكهرباء رقم 181 بـ1200 مليون دولار لانتاج 700 ميغاواط اضافية في دير عمار وتحسين شبكات النقل لصيانة معمل الزوق وتركيب مولدات جديدة في الزوق والجية، وبدل ان تصل ساعات التغذية إلى 24 /24 كما وعد وزير الطاقة والمياه السابق جبران باسيل، لا تزال الكهرباء بالسوء نفسه إن لم تكن الاسوأ في ظل غياب هئية ناظمة للقطاع. ولم يبدأ شيء من المشاريع الانتاجية الكبيرة خصوصا، دير عمار 2 وهو معمل اساسي يؤمن على الاقل 500 ميغاوات، ما يؤكد يوماً بعد يوم أن قطاع الكهرباء هو رهينة المواقف السياسية والمصالح الضيقة وتقاذف المسؤوليات خصوصاً بعد إطلاق وزارة الإشغال والنقل مؤخراً تصريحها «الناريّ» وإتهامها لوزارة الطاقة والمياه « بعدم إحترام القوانين اطلاقا وهي المسؤولة عن كارثة الكهرباء».
وفيما تبرز أهمية إنشاء معمل دير عمار 2 لزيادة القدرة الإنتاجية، لا يزال هناك نقاش حوله من الناحية القانونية وهي الضريبة على القيمة المضافة وهل هي جزء من الالتزام يدفعها المقاول أو لا. وهنا يكمن جوهر الإستغراب والتناقض في حين لا يزال الملف عالقاً في وزارة المال. يوضح مستشار وزير الطاقة والمياه سيزار أبو خليل لـ«الديار» ان من المفترض أن ينشأ معمل دير عمار الجديد، لكنه حتى الآن بقي تصميمًا على ورق بسبب عدم تأمين التمويل للدفع للشركة المتعهدة.ففي تاريخ 6/4/2013 وافق ديوان المحاسبة بقراره رقم 652/ر.م على ملف مشروع تلزيم أشغال لانتاج الطاقة الكهربائية في موقع دير عمار 2 فيما كان مجلس الوزراء قد وافق على نتائج المناقصة لتلزيم المشروع، وبالسعر المعروض من دون احتساب الـ TVA، لأن القانون 181/2011 قد كلف في الفقرة السادسة من مادته الوحيدة رئيس الحكومة السعي لإيجاد التمويل للمشاريع التي صدر القانون البرنامج الخاص بها، ومعمل دير عمار 2 إحداها، فتكون بالتالي معفاة من الضريبة على القيمة المضافة في حال تم تمويل الصفقة من مصادر خارجية. الأمر الذي أكدته الغرفة الأولى لدى ديوان المحاسبة. إلاّ ان وزير المال أصرّ على إعادة عرض المعاملة على ديوان المحاسبة مجدداً لإجراء رقابته المسبقة على طلب حجز الإعتماد الإضافي لتغطية قيمة الـ TVA، فأحيل كامل الملف إليه وصدر قرار ثان لديوان المحاسبة، والغرفة التي أجرت الرقابة على طلب الحجز الإضافي هي غرفة مناوبة وليست الغرفة المختصة بوزارة الطاقة». أمام هذا التناقض في الرأيين، يعتبر سيزار أن الحجة ساقطة لعدة إعتبارات:
أولاً- قرار ديوان المحاسبة هو دليل قاطع أن الآلية المتبعة صحيحة.
ثانياً- عندما تقاضت وزارة المال رسم الطابع المالي، إعتبرت أن هذا الرقم خالٍ منT.V.A ، ثم أضافت عليه القيمة المضافة ، ما يعني أنه في الأساس إعتبرتها غير محسوبة.
ثالثاً- في كلا الحالتين، لن يؤثر ذلك على نتيجة المناقصة من ناحية السعر كونه الأرخص.
} موضوع التمويل }
اما بالنسبة لموضوع التمويل، فيوضح سيزار أن التأخير له اضرار مالية جسيمة جدا وهو يحتاج الآن الى كلفة اكبر بكثير، علماً أنه في القانون رقم 181، تم إضافت بنداً جديداً وهو لجوء إلى الإقتراض من الصناديق العربية لإنشاء معامل الكهرباء، و«نحن في وزارة الطاقة لسنا ضد الإقتراض من الصناديق رغم أن التفاوض يأخذ وقتأ طويلاً، ومشروع تأهيل معملي الجية والزوق هو خير دليل على ذلك إذ إستمرت المناقصة 9 سنوات منذ العام 2006 ولم ننته حتى الآن من عملية التأهيل لأن التمويل جاء من الصندوق الكويتي، لذا نرفض فكرة الإقتراض ونطالب بالتمويل الفوري كي لا نتأخر 9 سنوات إضافية لإنهاء المناقصة في دير عمار 2».
ورداً على الإتهام الذي أطلقه النائب جمال الجراح في وقت سابق بأن التأخر في مباشرة العمل في دير عمار مرده «خلق مشكلة مع الشركة المتعهدة، وهي الشركة اليونانية القبرصية نتيجة خطأ في دفتر الشروط، فالوزارة وضعت دفتر شروط الحد الادنى من اناس ليست لديهم ادنى كفاءة»، يستنكر سيزار هذا الكلام ساخراً « لا بد على من يطلق مثل هذه الإتهامات، أن يطلع على رأي ديوان المحاسبة الذي نفى اي خطأ في دفتر الشروط علماً أن هيئة إدارة المناقصات في التفتيش المركزي برئاسة مجلس الوزراء هي من أدخلت هذه التعديلات، وليست وزارة الطاقة منوطة بإجراء المناقصات. كما أن المناقصة ودفتر الشروط دائماً يخضعان للرقابة المسبقة في ديوان المحاسبة قبل التوقيع عليهما من قبل الوزير بالتالي فهذا الكلام يدخل في خانة المزايدات، فعلى ما يبدو أن هناك تقاطع مصالح لعدة أطراف لا تزال تعلق آمال كبيرة بإلحاق الضرر في قطاع الكهرباء، تمهيداً لنقل هذا الإمتياز الذي تملكه الدولة إلى إمتياز خاص».
وعن الخطة التي عرضت على المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان، من قبل شركة كهرباء فرنسا لفترة تتراوح بين 12 و15 سنة لتأمين 5 آلاف ميغاواط، والتي كان من المفترض أن يبدأ العمل بها في العام 2013، يوضح سيزار أن هذا الإقتراح يدخل في إطار مخطط توجيهي عام لمواقع معامل الإنتاج وهي مشمولة في ورقة سياسة قطاع الكهرباء «ولكن عندما تقرر وزارة المال التوقف عن دفع الأموال للمتعهدين ووضع العراقيل من حين إلى آخر، فمن الطبيعي عندئذ أن كافة هذه المشاريع لا تبصر النور».
تجدر الإشارة إلى أن وزارة المال كانت اقترحت اعادة النظر بتعرفة الكهرباء لما يزيد عن 500 كيلواط بنسبة تغطي الكلفة الحقيقية للكهرباء بما يوفر للخزينة نحو 400 مليار ليرة، إلا أن لسيزار رأي مختلف لذلك «إذ لا يكمن زيادة التعرفة بدون زيادة الإنتاج لأن ذلك سيكون على حساب جيبة المواطن، وهذا ما تم توضيحه في ورقة سياسة قطاع الكهرباء، لذا لا بد من لجوء إلى زيادة التعرفة تدريجياً مع زيادة الإنتاج وتحسين الجباية لنصل إلى تغذية 24/24 بالتالي نوفر على المواطن ثلث الفاتورة الإجمالية المزدوجة».