Site icon IMLebanon

المواطن ضحية أزمات حرّ الصيف وبرد الشتاء

Electricity4
عدنان الحاج
يبدو أن مرحلة الصيف ستكون قاسية على اللبنانيين، ليس من حيث الطقس وارتفاع درجات الحرارة فحسب، وإنما نتيجة تردي القطاعات الخدماتية بشكل عام التي تعاني من تمدد مرض الفراغ السياسي في إعاقة المعالجة وتقديم مصالح السمسرات والخدمات الخاصة لذوي الشأن على المصلحة العامة للمواطن والوطن. الصيف سيكون قاسياً، انطلاقاً من تراكم النفايات المنزلية والمؤسساتية في العاصمة والمناطق، من دون تمييز طـــائفي أو مذهبي. تماماً كما تراكم الأزمات المعيشية التي تصب في زيادة عـــذابات اصحاب الدخل المحدود والطـــبقة العاملة والعاطــــلة عن العمل، خدمة للفئات الـــطائفية، من المسوؤلين في الدولة وخارجها، والذين حولوا مصــــلحة المواطن إلى درجة اخيرة في اهتــــماماتهم اليومية ولو على حساب السمسرات والمنافع الخاصة لهم.
لا حاجة لتعداد المؤشرات الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية والحياتية، التي تراجعت وتتراجع منذ سنوات مع فترات تحسّن متقطعة بين السنة والأخرى، حتى ما قبل اندلاع أزمة المنطقة والدول المجاورة، التي نقلت السلبيات كلها من دون إفادة لبنان من أي من الايجابيات، باستثناء قطاعات محددة حافظت على نشاطها مع تراجع نموها وتحسنها، ومنها القطاع المصرفي وبعض القطاعات الموسمية الأخرى، ومنها السياحة الداخلية التي كانت تعتمد على اللبنانيين من غير المقيمين، والذين سيشملهم التراجع لجملة أسباب تتعلق بتعدد الأزمات.
1ـ بداية لا بد من التوقف عند خدمات البنى التحتية والفوقية قبل الانتقال إلى مؤشرات اقتصادية ومالية مباشرة. ويحضر بقوة هذه المرة موضوع انعكاسات تراكم النفقات على النشاط السياحي في موسم الصيف المضروب اصلاً، نتيجة أزمات المنطقة، وهو سيزداد هذه المرة بهروب السياح من اللبنانيين غير المقيمين الذين ينتظرون عطلة الصيف لتمضيتها بين الأهل والأصدقاء، لا بين أزمات تراكم النفايات وانقطاع الكهرباء والتوترات السياسية والأمنية التي تهدد ما تبقى من مؤسسات لبنان.
فالنفايات غزت المناطق وهي مسؤولية الدولة أولاً واخيراً وعليها مسؤولية إيجاد مناطق مكبات ومعامل معالجة هذه النفايات.
لكن المخاطر أن أضرار النفايات وتراكمها مع فصل الصيف، غيرها مع التراكم في فصل الشتاء، نظرًا لارتفاع درجات الحرارة وانتشار الأمراض والجراثيم التي تُضاف إلى الجراثيم التي تخدم المصالح السياسية. فالكلفة الاقتصادية والاجتماعية وحتى الصحية ستكون كبيرة وفيها مجالات للسمسرة أمام بعض القائمين على أمور البلاد والعباد.
2 ـ النقطة الثانية، والتي تصادف مع أزمة تراكم النفايات، تتعلق بموضوع تزايد تقنين الكهرباء وارتفاع ساعات التقنين خلال هذه الفترة، نتيجة الأعطال والصيانة في معملي البداوي في الشمال والزهراني في الجنوب، مما يزيد في ارتفاع الكلفة على المواطن ولا يخفض من ارتفاع حرارة الطقس. الانتاج تراجع الى ما دون 1600 ميغاوات والحاجة الى حوالي 3000 ميغاوات في هذه الأيام، مما يعني أن القطع الكهربائي وصل في بعض المناطق إلى أكــثر من 14 ساعة قطع يومياً، وهناك مناطق قطعت عنها الكهرباء ليومين أو ليوم كامل نتيجة الحرارة المرتفعة، فيـــما تزداد الحاجة الى التبريد في الصيف. لكن دخان حرق النــفايات في المناطق حل محل الغيـــوم الطبيعية التي تحــمل المطر والتبريد خلال الشتاء. فكان المزيد من المعالجة بتلويث الأجواء وزيادة الحرارة بتوزيع الحرائق.
المهم ان المصادر في مؤسسة كهرباء لبنان أكدت لـ «السفير» أن التقنين المرتفع يأتي نتيجة الصيانة في المعامل، وأن الامر سيستمر إلى يوم الجمعة المقبل (بعد غد). اما معالجة أزمة النفايات فقد تحتاج إلى وقت أطول، على اعتبار أن زعامات الطوائف دخلت على الخـــط قبل أن تدخل أفكار المعالجــات الفنية والتقنية، وهذا بيت القصيد في الإهمال المستحكم بالبلاد.
3 ـ بالعودة الى الهم الاقتصادي والمالي فإن كل المؤشرات تشير إلى تراجع، من الإنتاج الى الاستيراد والتصدير، ومروراً بإنتاج الكهرباء وتزايد عجز الخــــزينة في غياب الحد الأدنى من المـــعالجات أو حتى المـيزانيات التي ترسم حدود النفـــقات والإيرادات.
ولا بدّ من تناول موضوع عمليات الصرف الجماعي في المؤسسات نتيجة تراجع النشاط الاقتصادي والمالي وانخفاض حركة الرساميل الوافدة بأكثر من 40 في المئة خلال النصف الأول من السنة، والحبل على الجرار. في الخلاصة، إن الضرر الكبير خلال الفترة القليلة المقبلة سيصيب القطاعات التي تنتظر موسم الصيف، ومنها المؤسسات السياحية، خصوصاً أن لبنان خارج من حملة كبيرة لبعض الوزراء على تلوّث الطعام والمياه، فجاءت مرحلة تلوّث الخدمات والقطاعات المتبقية على قيد الحياة، بعدما امتدّ الفراغ الرئاسي إلى فراغ القطاعات والمؤسسات وفراغ المعالجات تمهيداً لمزيد من اتساع رقعة الفراغ أو الهوة بين هموم المواطن العامة، وبين اهتمامات أكثر المسؤولين الخاصة منها والعائلية.
لقـــد زاد هم المواطن بشكل كبير مع ارتفاع درجات الحرارة، فبات ضحية الهموم مع ارتــفاع درجة الحرارة، فوقع بين «الهم والشوب» وبين ضحية حرّ الصيف وبرد الشتاء، وهي فترات الذروة بالحاجة إلى الكهرباء.